يتميز شهر رمضان أنه يعزز الجانب الإنساني في المسلم بصورة أكثر و أكبر مما يكون في غيره، ففي رمضان يكون جل الناس أطوع سخاء، و أسرع في العطاء، و أكرم في الإنفاق، كل بحسب قدرته، و جهده.
روح المسلم في رمضان أكثر شفافية، و أقرب إلى الله جل و علا ، و ذلك أمر منظور و مشهور،و مشهود،و لا نزكي على الله أحدا ؛ و ما ذاك إلا لما يعرفه المسلمون من فضيلة، و فضائل اختُصَّ بها الشهر الكريم.
أكرم الخلق محمد صلى الله عليه و سلم، كما في الحديث الشريف أنه كان أجود الناس، و كان أجود ما يكون في شهر رمضان.
و لذلك يشهد الناس في رمضان، في كل البلاد الإسـلامية سخاء الأغنياء، و التجار، و رجال الأعمال، تأسيا بالرسول الكريم الذي كان أجود الناس، و أجود ما يكون في رمضان.
و إذا كان هذا الشهر الفضيل قد جاء هذا العام في ظل ظروف معيشية صعبة، فإن جود، و سخاء الخيِّرِين لن يخطئ طريقه في الوصول إلى الفقير و المسكين، و الأرملة، و اليتيم.
فرمضان يجد فيه المحسنون ميدانا فسيحا طيبا؛ لأجر مضاعف، و جزاء عظيم، مدخر عند الله عز و جل،فوق ما يدفع المولى عن المتصدقين المحن و الشرور. و في ذلك فليتنافس المتنافسون.
و كما في مجــــــال البـــذل المالي ؛ هناك بذل و تضحيات المجاهدين. ففي رمضان يجد المجــاهدون رياح بدر الكبرى، و فتح مكة، و فتح بيت المقدس ، و عين جالوت ، و رمضان الطوفان... فيمضون بإقدام ، بلا و جل، و لا فزع، يتنسّمون رياح تلك الذكريات العِذاب، فيتمثلون القدوة، و الأسوة، و أن تلك الصفحات المشرقة ؛ و غيرها الكثير، ممن حفرت تاريخها، و دروسها، كانت في شهر رمضــــان ؛ فيقف المجـــاهد في وجه الطواغيت ، و المعتدين مستمدا من تلك الأيام و المواقف أنه على المنهج الصحيح، و الطريق المستبين.
حتى التاجر، و الموسر اليوم، يتذكر أنه كان للاغنياء، دور جهادي مع الرسول الكريم بأموالهم ، و أشهر ما كان ذلك في تمويل جيش العسرة ، في غزوة تبوك، و التي أخذت جزءا من وقتها في شهر رمضان المبارك من السنة التاسعة من الهجرة النبوية الشريفة.
لم يقف الإنفاق على الجهاد يومها على الأغنياء و التجار، بل شارك حتى الفقراء الذين لم يجدوا إلا جهدهم في بعض حثيات التمر،و ما تيسر من متاع كما أخبرتنا سورة التوبة.
فالمسلم ؛ تاجرا كان أو ميسور الحال، أو حتى الفقير كان مشــاركا، و مســـاهما بيده ، و مـاله القليل لمواجهة البـــاطل، و مقارعة الطغيان.
و لعل تساؤلا يتبادر إلى القارئ، فيتساءل: هل حضر المال العربي، رسميا، أو شعبيا في طوفان الأقصى؟
و هل يحضر المال في معارك مواجهة الطغاة البغاة و كل المعتدين دعما لرجال الطوفان ضد الكيان اللقيط، أو لمواجهة مليشيا الكهنوت في اليمن؟
في رمضان تزخر المساجد بالعُبّاد، و يتلون القرآن، و تلهج ألسنتهم بالدعاء لأهل الربــــــاط، و لأهل المـــدد، فكل يواجه و ينازل الطغيـان الذي في جهته ، فيكون من هؤلاء الدعــاء ، و التضرع لله بأن ينصر اليمن ، و فلسطين ، و كل بــلاد الإســــلام ، و المسلمين.
فليكن شهر رمضان المبارك فرصة للعمل معززة بالتقوى، و بينات من الهدى و الفرقان، و هو ميدان تنافس لكل المسلمين حيث يجد كل أحد منهم مجالا يعزز فيه حضوره العملي.