شرف الكلمة

شرف الكلمة

 

    روح الكلمة شرفها ؛ و قانونها قول الحق تبارك و تعالى  : "وقولوا للناس حسنا".

   ثم إن الكلمة عنوان قائلها، و بطاقة تعريفية لصاحبها، فليضع المرء عنوانه للناظرين.

 

   حين تفقد الكلمة شروطها تفقد شرفها، و حين تتفلّت من ضوابطها تصبح تهريجا، و تزداد سوءا يزري بصاحبها حين تكون افـتراء ، أو كـذبا ، أو تأويلا زائفـا ، أو مشحونة بالبذاءة و الشــتم و قبيح الألفاظ ؛ ناهيك عن أن يكون غــرضها نشـر كراهية، أو تأجيج فتنة و انتقام ..!!

 

   هنا يسقط المُعَنْوَن و العنوان، فالكلمة تحمل في مضمونها حكمها على ذاتها، و شهادتها على قائلها إن خيرا فخيرا، و إن شرا فشرا، فالقراء أكثر  وعيا من أن يظن صاحب الكلمة أنه يستطيع خداعهم بزخرف القول إن كانت كتابة، أو حدة و نبرة الصوت إن كان إلقاء.

 

   هل تقبل الذهنية النقية،أو القارئ الحصيف أن يقرأ المفردات السوقية، و الشتم البذيئ بألفاظه المكشوفة ؟!

  هذا ما طفح به الحال للبعض على صفحات شبكة التواصل الاجتماعي، التي تستهدف هيئات،أو أشخاصا بأسمائهم بغرض التشهير و التجريح،و التحريض و الاستعداء.

 

   ربما ظن أولئك البعض أن السب المقذع، بالمفردات السوقية ينال ممن استهدفوهم !  لكن الحقيقة أنها تسقط قدر السفيه، و تعلي من شأن الذي تم استهدافه، و قديما قال المتنبي:

 

     و إذا أتتك مذمتي من ناقص

     فهي الشــهادة لي بأني كامل

 

   ليس الســــب البذيئ وحده ما يحط من شأن الســـفيه ، بل يندرج معه الكذاب الأشر، و النمام المفتري.

 

   و من هنا كانت خطورة الكلمة !

 

   إن الكلمة المسؤولة تخمد فتنة ؛ و الكلمة المسمومة تشعل حربا ، و تضرم نـار العـــــداوة التي تأكل الأخضر ، و تحــرق اليابس :

 

        متى تبعثوها تبعثوها ذميمة 

       و تضر إذا ضريتموها فتضرم

 

   إن للكلمة سحرها و أثرها ! إن ألقيتها طيبة أزهر وجه من تخاطب و تبلّجت قسماته، و شرحت الصدر ، و إن رجمت بها جافة غليظة عكّرت أســــــارير الوجه و اسـودّت القســـمات ، و أوغرت النفوس.

 

   نعم، إنها يا أُخيّ، و أختاه؛ الكلمة : تجرح بغير حدّ ، و تجبر بكل ودّ !

 

   و إن تكن الكلمة عنوان المرء ، فإنها كذلك عنوان المجتمع ! و  ثقافة المجتمع الـــــراقي تبرز في تعاطيه مع بعضه ، و مع الآخرين. و الثقافة السلوكية تحضــر بقـــوة عند كل الظروف و متغيرات الأحوال ؛  سواء الطيبة منها أو السيئة.

 

   إن المعدن النفيس، و الذهب النّضَار لا يتغير جوهره، أكان في التراب، أو بمنديل من حرير.

 

   هل بمقدورنا و نحن نعيش ظروفا استثنائية، أحوج ما نكون معها إلى مجتمع متماسك متعـــاضد أن نتعاطى مع الأمــور بحجمها، بعيدا عن ثقافة الزير سالم، أو داحس و الغبراء ؟!

 

   إن الكلمة الخبيثة تدمي الأفئدة ، و تعبئ الكراهية، و تطعــن الحقيقة ، و تلمز الـبراءة ، و تشوّه الفضيلة، و تشهّر بالرجولة، و تزري بالمواقف، و تمدح الباطل، و تغري بالانتقام، و تتصل بسبب إلى الزيف، و إذا هي شواظ من نار، و ضلال يســــــمم الأجواء.

 

   إنها الكلمة تفعل الشيئ و ضده !

 

   الكلمة موقف ، تُجْلي حقيقة، و تمحو ضلالة، و تدل إلى صواب، و تحذر من ضلال . فإذا كانت غير ذلك؛ عادت عماهة، و صارت أكذوبة، تزري بصاحبها، و تودي بمقصودها، و تسقط، و يسقط مصدرها.

 

   و كل امرئ في المجتمع ــ أينما كان موقعه، أو كان مركزه الاجتماعي  ــ  مخبوء تحت لسانه، فإذا تكلم بان على حقيقته، فلننظر إلى أنفسنا تحت ألسنتنا.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى