تواصل ميليشيا الحوثي تصعيدها في استهداف المخالفين لتوجهها الطائفي، بالاستيلاء على المساجد والمراكز الدينية في مناطق سيطرتها، خاصة صنعاء وذمار.
وسيطر عناصر مسلحون من الجماعة، الجمعة الماضية، على مسجد السنة بمنطقة سعوان، وفرضوا خطيبًا حوثيًا في المسجد وقيمين على المركز التابع له، مع إعطاء مهلة حتى اليوم الاثنين للشيخ عبدالباسط الريدي وطلابه للمغادرة.
وأكد وزير الأوقاف والإرشاد محمد شبيبة أن ما يقوم به المشرف الثقافي لمديرية شعوب، المدعو الأهدل، من استفزازٍ وتحريضٍ طائفي واعتداءٍ على حرمة مسجد السنة وسكن طلابه في سعوان، ليس سوى ترجمة عملية لعقيدة الميليشيا الطائفية التي ترى في أي فكرٍ مختلفٍ تهديدًا يجب سحقه، وفي أي صوتٍ معتدلٍ عدوًّا يجب إسكاتُه.
وأضاف في بيان له أن "الشيخ عبدالباسط الريدي وطلابه ظلوا في مسجد السنة مثالًا في الصبر والتعايش ومحاولة استرضاء الميليشيا اتقاء شرّها، بل وصل بهم الأمر حدّ الإنصات مُكرهين لخطابات الحوثي وأبواقه الذين يرسلهم إلى المسجد بين الفينة والأخرى لإلقاء المحاضرات ونشر الكراهية والأباطيل والخرافات وتمجيد زعيم الميليشيا، لكن رغم ذلك ظلت هذه الميليشيا التي اعتادت أن ترى نفسها 'الحق المطلق' لا تُطيق سماع صوت الاعتدال، ولا تطيق وجود مساحةٍ مشتركة تجمع اليمنيين على كلمة سواء".
وقال الوزير إن ما جرى في المسجد هو تكرارٌ لنفس المأساة التي عاشها اليمنيون منذ استيلاء الحوثيين على الدولة: ملاحقة العلماء وطلاب العلم الشرعي والدعاة إلى الله، وإغلاق المدارس، وتكميم الأفواه، وفرض وصاية مذهبية على الدين والمجتمع، حتى لم يبقَ موضعٌ للتعدد ولا مساحةٌ للحرية.
تصعيد الميليشيا في استهداف مراكز الدين والمساجد التابعة للسلفيين لم يقتصر على صنعاء وحدها، إذ اقتحم مسلحون من الحوثيين، السبت، مركزًا لجماعة محمد الإمام السلفية في منطقة زراجة، مركز مديرية الحداء بمحافظة ذمار.
وأعلن الواقعة، على غير العادة، قيادي حوثي يُدعى عبدالفتاح البنوس، وهو مدير مكتب الإعلام في مديرية جهران في السلطة المحلية التابعة للميليشيا، متهمًا جماعته بالتصعيد واستفزاز السلفيين والمضي في عدائهم والسيطرة على المساجد ومراكز التعليم التابعة لهم.
وأكد البنوس في منشوره، الذي اعتبره براءة للذمة، أن هذا التصعيد والاستحواذ على المساجد بالقوة لا يخدم سوى أعداء الجماعة، مشيرًا إلى أن الجهات المعنية في سلطة الميليشيا لا تستجيب لشكاوى السلفيين وتذمرهم المتكرر من التضييق عليهم.
وفي محاولاتها لتبرير التصعيد ضد السلفيين، ومع مشايخها الخاضعين والمهادنين والمسايرين لسلطتها كأمر واقع، زعم عضو المكتب السياسي للميليشيا، حزام الأسد، أن هذا التصعيد يندرج ضمن عمليات إسناد غزة ومناصرتها.
وقال في بيان مطول على منصة "إكس" إن ما يُثار حول مسجد السنة في سعوان جاء إثر مخالفة الشيخ عبدالباسط الريدي للتوجيهات المتعلقة بالدعاء لغزة وعدم مناصرتها، وكذلك اعتبار إدارة المسجد الحديث عن العدوان الأمريكي والإسرائيلي تدخّلًا في السياسة، حسب زعمه.
ويأتي هذا التصعيد الحوثي للاستحواذ والسيطرة على ما تبقى من مساجد تُدار من قبل مشايخ من السنة ، ضمن استغلالها المستمر لمظلومية الشعب الفلسطيني وحرب الإبادة الجائرة التي تعرض لها سكان غزة على مدى عامين.
كما يأتي هذا التصعيد بالتوازي مع استمرار وقف إطلاق النار في غزة، وخسارة الجماعة لأبرز أوراقها في مواجهة الغضب الشعبي المتنامي ضدها، ويمثل ترجمة عملية لتوجيهات وخطابات زعيمها الإرهابي عبدالملك الحوثي، الذي بشّر الخميس باستمرار حربهم مع إسرائيل ومواجهتها وخوضها في الداخل.