أثارت الأوامر الصادرة عن المحكمة الجزائية الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية في صنعاء، والتي أمرت بسجن الصحفي والكاتب محمد دبوان المياحي لمدة عام ونصف، موجة استنكار واسعة في الأوساط الصحفية والحقوقية. وتضمن الحكم إلزام المياحي بعدم الكتابة مجددًا عن الجماعة وقياداتها، وتقديم ضمانة مالية قدرها خمسة ملايين ريال.
وكانت مليشيا الحوثي قد اختطفت المياحي قسرًا من منزله في 20 سبتمبر 2024، عقب منشور له على "فيسبوك" انتقد فيه خطاب زعيم المليشيا عبد الملك الحوثي، وأُخفي قسرًا لعدة أشهر قبل أن يُكشف عن مكان احتجازه.
نقابة الصحفيين اليمنيين أدانت الحكم بشدة، معتبرةً أنه امتداد لانتهاكات ممنهجة تطال حرية الصحافة والتعبير في مناطق سيطرة الحوثيين، ودعت إلى الإفراج الفوري عن المياحي ووقف جميع أشكال الملاحقة والترهيب بحق الصحفيين.
وعبّرت النقابة عن تضامنها الكامل مع الزميل المياحي، مطالبة بالإفراج الفوري عنه، ووقف جميع أشكال الملاحقة والترهيب بحق الصحفيين في اليمن.
ودعت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير وحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الانتهاكات والضغط على مليشيا الحوثي للكف عن استخدامها القضاء أداةً لإرهاب الصحافة
المحامي عبد المجيد صبرة أوضح أن ما تسمى المحكمة ناقشت منشور "الخروج إلى السبعين" رغم عدم وروده في قرار الاتهام، مشيرًا إلى أن منطوق الحكم تم قراءته من هاتف محمول داخل قاعة المحكمة، مما يعكس ضعف الإجراءات القانونية.
وأعلنت المنظمة الوطنية للإعلاميين اليمنيين صدى، رفضها الكامل للحكم، وأدانته بأشد العبارات واعتبرت محاكمته باطلة شكلا وموضوعا، منددة باستخدام اللافتات القضائية في تبرير الجريمة مايؤكد تسييس القضاء واستغلاله من قبل المليشيا وانتفاء نزاهته.
ودعت صدى، إلى سرعة الافراج عن المياحي دون قيد أو شرط، محملة شركاء الجريمة المرتكبة ضد المياحي كامل المسؤولية عن ما ستؤول إليه حالته وسلامته وحياته.
وناشدت الزملاء الصحفيين والمنظمات المهنية المحلية والدولية والمنظمات الحقوقية، لإدانة الحكم ومزيد من التضامن ومناصرة قضيته وقضايا الصحفيين المختطفين والمخفيين قسريا.
المركز الأمريكي للعدالة (ACJ) أدان بشدة الحكم، وقال إنه يعبّر عن استمرار القمع الممنهج ضد الصحفيين في مناطق سيطرة الحوثيين، واستخدام القضاء كأداة لإسكات الأصوات الحرة.
وطالب المركز الإفراج الفوري عن المياحي، داعيا الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحرية التعبير للتدخل العاجل ووقف إرهاب الكلمة في اليمن.
من جهته أعرب مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة عن إدانته واستنكاره الشديدين للقرار، مؤكدا أن هذه المحاكمة تمثل نموذجاً صارخاً لمحاكمات سياسية تنتهك أبسط معايير العدالة والضمانات القانونية المكفولة في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وأكد أن هذا الإجراء يعد مؤشراً خطيراً لاستمرار تسييس القضاء واستخدامه كأداة للانتقام من الأصوات المعارضة، مطالبا بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الصحفي المياحي، وإلغاء الحكم الصادر بحقه، باعتباره حكماً باطلاً لا يستند إلى أسس قانونية.
وحمل المكتب ميليشيا الحوثي كامل المسؤولية القانونية والأخلاقية عن سلامة الصحفي المياحي، وكافة الصحفيين والإعلاميين المحتجزين أو الملاحقين في مناطق سيطرتها.
داعيا الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان، والمبعوث الأممي إلى اليمن، وكافة المنظمات الحقوقية الدولية والمحلية، إلى التدخل العاجل للضغط من أجل وقف الانتهاكات الممنهجة التي يتعرض لها الصحفيون، وتأمين بيئة حرة وآمنة لممارسة العمل الصحفي في اليمن.
بدورها أدانت منظمة سام للحقوق والحريات، الحكم بشدة، وقالت إنه يمثل ذروة مسلسل طويل من الانتهاكات القانونية والحقوقية التي تعرض لها المياحي منذ لحظة اعتقاله في 20 سبتمبر 2024 وحتى صدور الحكم.
واعتبرت أن هذه التطورات تمثل تصعيدًا خطيرًا يفاقم من حجم المعاناة الإنسانية، ويستدعي تحركًا عاجلًا من المجتمع الدولي لوضع حد للانتهاكات المتزايدة.
وأكدت "سام" أن هذا الحكم يُعد انتهاكًا صارخًا للحق في حرية الرأي والتعبير، المكفول بالقانون الدولي، وأوضحت أن إحالة الصحفي إلى محكمة جزائية متخصصة – تُعد في حقيقتها محكمة استثنائية – يشكّل خرقًا قانونيًا، لا سيما وأن التهم المنسوبة إليه تتعلق أساسًا بعمله الصحفي.
وذكرت "سام" أن الإجراءات المتبعة منذ اعتقال الصحفي، مرورا بظروف احتجازه القاسية، ثم المحاكمة أمام محكمة غير مختصة، تكشف بوضوح الطابع السياسي للقضية، وتفضح توظيف المنظومة القضائية كأداة لقمع حرية الصحافة وتكميم الأفواه.
وطالبت بإلغاء الحكم الجائر فورًا، وإسقاط كافة التهم الموجهة إلى الصحفي محمد المياحي، وضمان الإفراج عنه دون قيد أو شرط، مع تعويضه عن الضرر النفسي والجسدي الذي لحق به جراء هذه الانتهاكات. كما دعت إلى فتح تحقيق مستقل في ظروف احتجازه ومحاكمته، ومحاسبة جميع المتورطين في الانتهاكات القانونية والحقوقية بحقه.
ودعت المنظمة المجتمع الدولي، والهيئات الحقوقية، ونقابات الصحفيين، إلى التحرك العاجل لممارسة الضغط على جماعة الحوثي من أجل وقف هذه الممارسات القمعية، والعمل على حماية الصحفيين في اليمن من الملاحقة والتنكيل، والتأكيد على أن حرية الصحافة ليست جريمة، بل هي ركن أساسي لأي مجتمع ديمقراطي.