في سيرة قحطان السياسي، ثمة مواقف وطنية زاخرة في مسيرة النضال تتجاوز السياسة إلى شخصية رجل يحظر حين يتوارى الأخرون، قائد صلب، بشجاعة وثبات واجه صلف المليشيا الحوثية، لم تؤثر فيه صنوف التهديد والوعيد للمتسلطون والسلطويون، فاختار أن يكون صوت الناس ولاغير، ومعبراً عن تطلعات الشعب دون أن يأبه للتبعات، هذه شخصية قحطان، القادم للسياسة بشهادة الليسانس في الشريعة والقانون، فحمل قضية اليمنيين ليترافع بها في مواجهة الاستبداد والمليشيا، يحاكمهم إلى القانون ويطالبهم بالدستور ويهددهم بالشعب، ولم يجدوا ما يواجهوا رمزيته سوى بحملات التحريض والتشويه أو الاستقواء بالسلاح واخفائه خلف القطبان قسرياً منذ عشر سنوات في اقبية المليشيا الحوثية، لم تنسى الجماهير قائدها قحطان، ولن ينسى الشعب محاميه الذي عبر عنه مراراً وخاطر بحياته في سبيل قضية حملها في قلبه وبين جوانحه وقدم الثمن باهض.
انتقاشه الحوثي إلى زاول
"انتفاشة الحوثيين إلى زوال" مقولة قحطان بعد أيأم من سقوط صنعاء وتوصيف لايزال يلاحقهم إلى اليوم، كلما تمادت العصابات الحوثية بحق الشعب ومارست الظلم، تحضر كلمة "انتفاشة" فتختزل حالتهم، وتشخص بشكل دقيق وضعهم، كلمة قحطان رسخت في ذهنية الشعب وآمن بها في حين كانت المليشيا تقضم البلاد قطعة قطعة، وتتهاوى البلاد بايديهم محافظة تل واخرى، يرافقهم البطش والقتل ويلازمهم الاجرام فكانت ممارساتهم تؤكد انتفاشتهم، فقد سبق ومارسها أئمة السلالة في جولات حروبهم مع اليمنيين، وهو ما أكده قحطان في ذات المقابلة، وأكد أن افعالهم امتداد لنهج أئمة بطشوا ولم تدم سلطتهم وسرعان ما انتفض الناس وتحرروا من قبضتهم.
قحطان الذي لم يتوارى يوم في مواقفه المشرفة، غير آبه لأي تبعات، ظل صلب عندما يتعلق الأمر بثوابت الوطن، ومرن في الخلاف السياسي، ومبادراً في الحوار وايجاد المشتركات الوطنية.
تحدث قحطان قبل سقوط صنعاء وقال "إن تقديم مزيد من التنازلات لهم سيقود إلى نتائج كارثية" وعندما وضع تحت الاقامة الجبرية تحول منزله لمزار للسياسيين والكتاب والصحفيين وكان شامخاً ويردد لزواره بصريح العبارة "اليمن على كف عفريت" وفي 4 ابريل 2015م أخفته المليشيا الحوثية ولم تعرف أسرته شيء عنه حتى اليوم رغم مرور 10 سنوات.
قحطان في فلك الوطن
قحطان رمزاً وطنياً، بتأريخ زاخر بالنضال، ظل بصوته المرتفع ومواقفه الصلبة، حجر عثرة أمام شرعنة الانقلاب ورفض التماهي مع طبخة المبعوث الأممي جمال بن عمر الذي فشل في الزام الحوثيين باتفاق السلم والشراكة وذهب لصياغة اتفاق آخر يقضي على شرعية الرئيس ويمنح الانقلاب الشرعنة عبر مجلس رئاسي تحت رحمة المليشيا المسلحة، وسط السيطرة الحوثية على العاصمة لم تمنع قحطان من اطلاق تصريحه الشهير لصحيفة "عكاظ" السعودية قال فيه " الحوثيين لم يتضرروا من المبعوث الأممي، منذ أن باشر مهامه في اليمن" فظهر "بن عمر" مسعورا يحرض ضد قحطان داخل الغرف المغلقة وخارجها وسمع الجميع ما قاله في تسريب المكالمة الهاتفية له مع حميد الأحمر، وفي حوار موفمبيك الذي أعقب سقوط صنعاء كان يحظر تحت تهديد السلاح، ويقول رأيه بكل جرأة، بل ويتضامن مع الرئيس وأعلن صمته حتى ترفع الاقامة الجبرية عن هادي، ويدين الانتهاكات ضده، ويحاور ويناور ويقاطع وهو فوق كرسيه صلباً عكست رمز من رموز الوطن الأحرار.
قحطان في مواجهة الاستبداد
سجّل قحطان مواقف وطنية شجاعة في مواجهة الاستبداد والذهاب نحو حكم الفرد، فإلى جانب حنكته السياسية، ونظرته الثاقبة للأحداث، واجهة فوضى الحاكم، وسياسة إدارة البلاد بالأزمات والهروب من المشكلات إلى المشكلات، وغياب الرؤية الوطنية، فقال عبارة من ثلاث كلمات( مجنون وبيده حجر) فجرت قنبلة في المشهد السياسي حينها في العان 2003م، لم تكن اعتباط منه أو كلمة غير محسوبة بل يعي ما يقول ويوصف حالة رأس السلطة، التي تكشف لاحقاً، وبرغم ما تعرض له من حملة شعواء.
لقحطان موقف صريح من حروب صعدة التي غذت التمرد وقضت على مناصري الجمهورية في صعدة، على عكس المعلن من النظام، دعوات قحطان الصريحة لمعالجة القضية الجنوبية، فلم يخرج اعلام السلطة ليشن حملات شعواء على كلمة قحطان في مهرجان دمت عام 2008 إلا لأنه لامس جوهر القضية الجنوبية وفضح زيف الحاكم الذي ابقى جذوة الحراك مشتعل في الجنوب ضمن سياسية الإدارة بالأزمات.
ولايزال تحديه لإعادة سعر البيض لما كانت عليه قبل انتخابات 2006م من مواقفه الساخرة من النظام، وعرف بموقفه من نتيجة الانتخابات الرئاسية وتهديد بالنزول للشارع، هذه مواقف للتأريخ ولايمكن تجاوزها او التقليل من شأنها تحت أي مبرر، ومن العار اخفاءها حتى لا تثير صرف أو تحافظ على مشاعر أي جهة.
سياسي بروح ثورية
طغت شخصية قحطان الثوري على السياسي مع خروج الشباب في 11 فبراير والمطالبة بالتغيير فكما كانت تصريحاته ملهمة للشباب قبل خروج الشباب واثناء الثورة وبعدها، وعرف بمواقفه المتقدمة على الاحزاب والمكونات، بنى علاقة قوية من شباب الثورة، وعبر عن صوتهم، وخاض نقاشات كثيرة معهم، وتعرض لحملات من النظام عقب تصريحه الناري الذي أفقد رأس النظام حينها عقله، وافشله مخططه في تصفية ساحات التغيير.
قبل ثورة فبراير 2011م، أًطلق على “محمد قحطان” لقب قائد الثورة التصحيحية، ولعل لذلك كان بسبب دعواته لإسقاط “نظام صالح” منذ وقت مبكر وله في العام 2007م، تصريح قال فيه " إن البلاد يجب أن تتخلص من براثن حكمهم"
لم تطغ الشخصية السياسية على الروح الثورية التي حملها قحطان بين جنبيه، جمع الرجل بين الحنكة في الميدان العمل السياسي، وثوريته وجماحه التي برزت في كثير من المحطات الهامة من مسيرته التي تزامنت مع منعطفات هامة مرت بها البلاد.