كانت ليلة خالدة، حين توج أبناء عدن شهوراً من النضال والكفاح في مواجهة مليشيا الحوثي، بتحرير المدينة الباسمة، وكسروا جحافل العصابة السلالية، وشرعوا في وأد المشروع الإيراني، الذي أراد اليمن ساحة احتراب وحماية لنظام خامنئي، لتبدأ أولى فصول تراجع مليشيا الحوثي والمشروع الإيراني برمته.
في 27 رمضان، 14 يوليو 2015، كانت عدن على موعد مع النصر، بتحريرها من أسوأ عصابة مرت في تاريخ اليمن، بعد أن عاثت فيها فساداً، قصفاً وتدميراً وابادة جماعية، حتى تلونت مياه الخليج من دماء الفارين من النيران.
وباعتقادي ان النصر الذي شهدنا تباشيره في ذلك اليوم الأغر، كان نتيجة حتمية لعاملين رئيسيين: الأول أن الملحمة البطولية خاضها كل أبناء عدن بصفوف مترابطة، فكانت معركة واحدة بهدف واحد وبندقية واحده، والأمر الآخر، أن أبناء عدن وقياداتها ورموزها كانوا على الأرض وخاضوا معركة التحرير باقتدار.
كان لرجال الميدان القول الحاسم في تحقيق أول نصر عدني يمني عروبي، على طريق الخلاص الكبير، فقد سطر الأبطال قصصاً تروى للأجيال في الصمود والتصدي للعدوان والانقلاب والإرهاب الحوثي، فقد كان في مقدمة الصفوف قيادات حزبية وسياسية وفي مقدمتهم حزب الإصلاح وشبابه وقياداته، وطلاب جامعات، وموظفون، ومن كل أطياف المجتمع، الذين لبوا نداء الوطن والواجب والإنسانية، وكانوا رموزاً للفداء والتضحية، وقدموا كوكبة من الشهداء الأبرار الذي حرروا بدمائهم المدينة وقشعوا مخلفات التاريخ.
ومن هذا الميدان برز قادة المقاومة، على رأسهم نايف البكري، قائد مقاومة عدن ورأس معركة التحرير، وغيره من الرجال، يسندون قيادة الجيش بقيادة الفريق محمود الصبيحي، ورجال انخرطوا في الواجب المقدس.
ولأن الحرب لا تُكسب بالميدان فقط، فإن رجالاً أخرين أسهموا في معركة التحرير بما امتلكوه من قبول وكاريزما وقدرة على الحشد السياسي والمجتمعي.
وفي معركة تحرير عدن نستطيع أن نقول إن الدكتور عبدالله العليمي، كان حادي المعركة، بما يتمتع به من كفاءه واحترام واسع، وبما يتقنه من الانفتاح على الجميع، وعلاقات سخرها في دعم معركة التحرير، حتى الوصول إلى اليوم الموعود، حيث انجلى عن عدن الكابوس، لتصبح عاصمة مؤقتة لليمن الجمهوري الاتحادي، ومنطلقاً للتحرير الشامل والنصر الكبير.
طول معركة التحرير لم يكن العليمي ليتوقف عن العمل، والحشد للمعركة الوطنية، موجهاً كل جهوده لهذه المهمة السامية وخدمة رجال الميدان واسنادهم، والتنسيق والتواصل لإيجاد أرضية مشتركة صلبة، مثلت قاعدة النصر، وهو ما يعكس الالتزام الوطني والأخلاقي تجاه عدن والمعركة الوطنية ككل، والمهمة العروبية التي كان للتحالف العربي بقيادة السعودية الدور الحاسم فيها.
ففي حين كان أبطال الميدان يهيئون عوامل النصر من احكام التخطيط والتنظيم والقتال ويسطرون ملاحم وبطولات أصبحت قصصاً خالدة، ويبذلون أرواحهم ودمائهم لدحر المليشيات المتمردة ووأد مشروع إيران الذي جاءت بها العصابات الانقلابية، كان رجال السياسة والعمل الوطني يخلقون مساحة أوسع لدعم النضال المقاوم، ويفرشون أرضية الانتصار الذي سيتحقق بسواعد رجال الميدان، وقد كان الدكتور عبدالله العليمي، القائد الأبرز الذي تسنم هذا الدور.
دور العليمي لم يتوقف بتحرير عدن، بل كان ولا يزال ومن مناصبه التي تقلدها يسند معركة تحرير اليمن، فكل من له علاقة بالمعركة يعرف دور العليمي في تقديم كلما يمكن تقديمه للجيش والمقاومة في مختلف المراحل وفي كل الجبهات، ولقد كنت في سنوات سابقة اراقب هذا الدور، واسمع من كثيرين قادة عسكريين وشخصيات سياسية، أن العليمي هو وجهتهم في أحلك ظروف المعركة، فقد كان الجيش والمقاومة في أول قائمة أولوياته، وذلك تعبير عن قناعة راسخة أن تحرير اليمن سيتحقق بملاحم الميدان وجهود القادة الوطنيين، فالقيادة السياسية والاستراتيجية للمعركة تلعب دوراً محورياً في صنع النصر والوصول إلى يوم التحرير.