يحظى الوزير نائف البكري، بدور محوري في مدينة عدن، حيث برز خلال تحريرها من ميلشيات الحوثي في يوليو 2015، وقبل ذلك كان شخصية بارزة في المدينة وقريب من أبنائها، وبعد 10 سنوات مع معركة عدن، يبدي استعداده بالعودة إلى "الميدان في أي معركة لاستعادة الدولة".
بهذه المناسبة يستذكر السياسي والمقاوم والوزير الشاب، نائف البكري، تفاصيل المعركة، حيث كان حينها رئيس مجلس قيادة المقاومة الشعبية في عدن، وعاش تفاصيل الأحداث اولاً بأول، بدء من اجتياح المدينة من قبل الحوثيين وصولاً إلى تحريرها.
في حوار مطول مع "الصحوة نت" -ينشر نصه لاحقا - يقول نايف البكري "لم تكن معركة تحرير عدن مجرد مواجهة عسكرية، بل كانت ملحمة بطولية خاضها أبناء المدينة بإرادتهم وعزيمتهم، وبدعم التحالف العربي".
تحرير عدن من الحوثيين
يتحدث "البكري" بتفاصيل دقيقة عن معركة تحرير عدن، والذي كان قبل اندلاع الحرب يشغل منصب وكيل محافظة عدن لشؤون المديريات، وقال "اللحظة التي شعرنا فيها أن تحرير عدن أصبح قريبًا عندما توحدت صفوف المقاومة بشكل أكبر".
وكشف محافظ عدن الأسبق -الذي تولى المنصب لمدة شهرين قبل أن يعين وزيرا للشباب والرياضة- "ان حصيلة الضحايا بلغ أكثر من 1500 شهيد من أفراد المقاومة والجيش والمدنيين، بالإضافة إلى آلاف الجرحى، بعضهم أصيب بإعاقات دائمة".
وعن سير المعارك، قال "لعبت المقاومة الشعبية، التي تشكلت من مختلف شرائح المجتمع، دورًا محوريًا في تغيير المعادلة، حيث انطلقت المواجهات في أحياء عدن وشوارعها الضيقة، مما جعل تقدم المليشيات صعبًا رغم استخدامها للأسلحة الثقيلة".
وقال: أن بعض المناطق مثل التواهي والمعلا وقلعة صيرة كانت معاقل صامدة استعصت على الحوثيين، وأن الطبيعة الجغرافية للمدينة، وتضاريسها المتداخلة بين البحر والجبال، ساهمت في إرباك الحوثيين".
مستعد للعودة إلى الميدان
ورغم ان البكري، يشغل منذ سبتمبر/ أيلول 2015 منصب وزير الشباب، لكنه أبدى استعداده للعودة إلى الميدان من أجل معركة "استعادة الدولة"، -ردا على سؤال افتراضي لمحرر الصحوة نت- عن استعداد الوزير البكري العودة إلى الميدان، إذا تم خوض معركة عسكرية جديدة لاستعادة الدولة وتحرير صنعاء من الميلشيات؟
وقال: "إن المعركة من أجل استعادة الدولة وحرية شعبنا لم تنته بعد، ونحن على استعداد تام للمشاركة في أي جهد أو معركة من شأنها أن تساهم في تحرير اليمن من قبضة المليشيات واستعادة السيادة الوطنية".
ويؤكد البكري، الذي تعرض لمحاولة اغتيال في شهر اغسطس/آب 2025 في انفجار استهدف مكتبه في مدينة الشعب بعدن "لن يكون لدينا خيارا آخرا إلا أن نعود إلى الميدان إذا استدعى الأمر، فنحن أبناء المقاومة ومن ضحوا من أجل كرامة الوطن، ونحن ملتزمون دائمًا بالاستمرار في العمل لصالح اليمن في أي موقع".
ورأى الوزير البكري "هذه المعركة تتطلب توحيد الجهود ورص الصفوق بين الجميع، من المقاومة الشعبية إلى الجيش الوطني وكل الأطراف المعنية من أجل تحقيق النصر"، وقال "سنضع أيدينا مع كل القوى السياسية والشعبية لاستعادة الدولة وتحقيق الاستقرار والسلام المستدام".
إخفاق التنمية
عن الإخفاق في تنمية العاصمة المؤقتة عدن، لا ينكر الوزير "البكري" ما تحقق من إنجازات في ظل الظروف الصعبة. لكنه يشير إلى أن "هناك قصورًا كبيرًا في بعض المجالات التي كان يفترض أن تكون أولوية، مثل تحسين الخدمات الأساسية، كالكهرباء والمياه والتعليم".
وانتقد الحكومة الشرعية بالقول "حقيقة الشرعية كان لديها فرصة ذهبية لتحقيق التنمية الاقتصادية في عدن، لاسيما في ظل الدعم الكبير الذي حصلت عليه من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، والمجتمع الدولي بعد تحرير المدينة من مليشيا الحوثي".
وقال: "التدهور في عدن يتحمل المسؤولية عنه العديد من الأطراف، وأبرزها غياب السلطة الموحدة والفعالة، بالإضافة إلى التدخلات السياسية والعسكرية غير المنضبطة"، لافتا "أن الوضع في عدن معقد بسبب الانقسامات السياسية والصراعات المستمرة بين الأطراف المختلفة".
ماذا تحتاج عدن؟
وعن التدهور المعيشي، قال البكري "لا يمكن تحميل جهة واحدة المسؤولية عن الإخفاقات، بل إن الوضع السياسي المعقد والحرب المستمرة كان لها دورا كبيرا في التأثير على الإنجازات في عدن".
وقال: "أن الشرط الأساسي لتحقيق الاستقرار هو أن تتكاتف جميع الجهات الحكومية والمحلية مع المجتمع المدني والقطاع الخاص في بناء مشروعات تنموية"، مضيفاً "إذا تضافرت الجهود وتمت المحاسبة بشكل حقيقي على كل خطوة، فعدن يمكن أن تستعيد مكانتها كأحد أبرز مدن العالم العربي في النمو والتطور".
ورأى أنه "إذا تضافرت الجهود وتمت المحاسبة بشكل حقيقي على كل خطوة، فعدن يمكن أن تستعيد مكانتها كأحد أبرز مدن العالم العربي في النمو والتطور".
وقال البكري "ومع ذلك يجب علينا توحيد الجهود وتسوية الخلافات بين الأطراف المختلفة في عدن وهذا هو الطريق الوحيد للخروج من هذه الأزمة، وتحقيق استقرار طويل الأمد في المدينة".
يضيف الوزير في الحكومة أنه "لا يكمن الاعتماد على المحاصصة السياسية"، وعن الحلول يقول "يجب إيجاد قيادة موحدة قادرة على العمل لصالح الشعب والمصلحة العامة".
الأمن وإدماج المقاومة
وفي رده على سؤال، عن عناصر المقاومة والسلاح، وهل تحولت إلى عبئ على الدولة في تفريخها إلى كيانات بزعمات متفرقة تمارس الجبايات وتمنع سيطرة الدولة؟ يعتقد الوزير البكري أن "المقاومة لم تكن عبئًا على الدولة في بداية الأمر، بل كانت الذراع الفاعلة التي ساعدت في التحرير".
وأضاف "لكن بعد انتهاء المعارك، تغيرت الأمور كثيرًا، فالمقاومة، في ظل غياب إستراتيجية شاملة لإدماجها في مؤسسات الدولة، أصبحت مبعثرة في كيانات متعددة تحت زعامات سياسية مختلفة، وهذا أدى إلى تفتيت وحدة الهدف وأدى إلى صراعات".
وقال البكري "أن الوضع الذي عاشته عدن من اعتقالات خارج إطار الدولة، والقمع الأمني، والمخاوف الأمنية، إضافة إلى الوضع الاقتصادي الصعب، هو نتاج للانقسام الحاصل"، لافتا ان سبب التدهور الأمني هو غياب السلطة الموحدة والفعالة، بالإضافة إلى التدخلات السياسية والعسكرية غير المنضبطة".
ولمعالجة هذه المشكلة فالأمر يتطلب خطوات سريعة من أجل استعادة الأمن والاستقرار في عدن -وفق الوزير البكري- الذي قال إن ذلك يتم من "خلال إعادة توحيد السلطات الأمنية والعسكرية وفرض سيادة القانون بشكل حازم وتحقيق تنمية اقتصادية حقيقية، والحد من تدخلات القوى العسكرية والسياسية التي تعمل على تأجيج الأوضاع بدلاً من تحسينها".