ليس من السهل على أي يمني أن يرى بلده غارقا في أتون الحرب تحت نيران الطائرات والقصف مهما كانت الجهة المنفذة أو الذرائع التي تساق فصنعاء ليست مجرد مدينة إنها قلب اليمن النابض تاريخ وحضارة وإنسان وكل طلقة تطلق تجاهها تصيب في الحقيقة جسد الوطن كله
لذلك، من البديهي رفض أي قصف يستهدفها لأن الخاسر الوحيد في النهاية هو الشعب اليمني. ولكن في الوقت ذاته لا يمكن أن نغمض أعيننا عن حقيقة أخرى وهي أن الحوثي لم يترك لصنعاء خيارا سوى أن تصبح ساحة لصراعات إقليمية لا ناقة لها فيها ولا جمل.
منذ أن انقلب الحوثيون وسيطروا على العاصمة حولوها إلى منصة لإطلاق الشعارات الزائفة وتبرير الحروب باسم "المقاومة" و"نصرة القضية الفلسطينية" بينما الحقيقة مختلفة تماما. فالحوثي يحاول أن يختبئ خلف ستار "نصرة غزة" ليبرر مغامراته العسكرية وجر اليمن إلى أتون صراعات دولية لكن الواقع يقول غير ذلك فالدعم الحوثي لغزة لم يتجاوز التصريحات الإعلامية والشعارات الجوفاء، بينما أفعاله تصب في خدمة مشروع إقليمي تقوده إيران.
كلما ضاق الخناق على طهران بسبب ممارساتها في المنطقة كان الحوثي حاضرا للقيام بدور المشاغب لفتح جبهات جديدة وتشتيت الأنظار عن إيران.
ضرب السفن في البحر الأحمر وإطلاق الصواريخ باتجاه دول الجوار كلها خطوات ليست من أجل فلسطين بل لتحسين موقع إيران التفاوضي في صراعاتها مع الغرب.
جعل الحوثي من صنعاء درعا لحماية مشروع طهران وميدانا لتصفية الحسابات الإقليمية، فلا غزة استفادت من شعاراته ولا اليمن سلم من سياساته والنتيجة هي وطن ممزق وشعب يعاني ويلات الحرب فيما يواصل الحوثي استغلال القضية الفلسطينية للتغطية على ولائه الحقيقي.
أقول وأكرر لا أحد يتمنى رؤية صنعاء تقصف أو تدمر فكل حجر فيها يحكي قصة وكل زقاق يحمل ذكرى، لكن الحقيقة التي يجب أن تقال هي أن الحوثي لم يأت لحماية صنعاء ولا لنصرة قضايا الأمة بل جعل منها ساحة لصراعات لا علاقة للشعب بها ورفع راية غزة ليغطي على أجندته الحقيقية التي لا تخدم إلا طهران.