الحوثيون.. عشر سنوات من سرقة أموال الشعب واستغلالها في تمويل الحرب

الحوثيون.. عشر سنوات من سرقة أموال الشعب واستغلالها في تمويل الحرب

 

وجدت ميلشيات الحوثي في اليمن، الحرب ملاذها الأبرز لمواصلة نهب أموال اليمنيين وممارسة الجريمة والقمع، ففي الوقت الذي تستعرض أنها تهاجم السفن في البحر الأحمر، هي في ذات الوقت تجد في ذلك المصدر الوحيد للحصول على الأموال وبقاء سيطرتها.

 

ومنذ انقلاب مليشيا الحوثي على السلطة في سبتمبر 2014، لم تكتفِ الجماعة بتقويض مؤسسات الدولة، بل قامت بتسخير العائدات العامة للدولة ومواردها إلى مصدر رئيسي لتمويل حربها المستمرة على اليمنيين.

 

ركزت المليشيا على الاستحواذ على الإيرادات الحيوية مثل شركات الاتصالات والتأمينات والضرائب والجمارك، إلى جانب مداخيل النفط والغاز في المناطق التي تسيطر عليها، ليصبح اقتصاد الحوثي القائم على نهب موارد الدولة كارثة تتهدد اليمنيين في معيشتهم وأمنهم.

 

الاتصالات شريان الحوثيين للحرب

ومع سيطرة ميلشيات الحوثي على وزارة الاتصالات وضعت يدها على جميع شركات الاتصالات الأرضية والهاتف النقال الخاصة والمختلطة، وأبرزها "تيليمن"، "يمن موبايل" و"سبأفون"، بالإضافة إلى شركة إم تي إن سابقاً والتي تم تغيير اسمها إلى الشركة اليمنية العمانية (يو).

 

يُعد قطاع الاتصالات واحدًا من أبرز الموارد التي استغلتها مليشيا الحوثي لتحقيق مكاسب مالية ضخمة لتمويل حروبها. وبحسب تقارير رسمية، تصل إيرادات قطاع الاتصالات إلى أكثر من 122 مليار ريال يمني سنويًا (نحو 488 مليون دولار)، وهذه الأموال تُدار عبر شبكة مالية خاصة بالحوثيين.

 

وتتنوع طرق تحصيل هذه الأموال ما بين الضرائب المباشرة، الزكاة، إتاوات، جبايات إضافية، ورسوم تجديد التراخيص التي تمنحها مليشيا الحوثي وفق آليات خاضعة لمصالحها.

 

وفي تقرير صادر عن شركة "يمن موبايل" للعام 2021، أظهرت الأرقام أن مليشيا الحوثي استولت على أكثر من 52 مليار ريال (203 ملايين دولار) تحت مسميات مختلفة، مثل الضرائب والزكاة ورسوم التراخيص، ما يكشف عن حجم الاستغلال لهذا القطاع.

 

وقال المحلل الاقتصادي عبد الحميد المساجدي "إن الميليشيا الحوثية باتت تتعامل مع قطاع الاتصالات كأحد أهم مصادر تمويلها، حيث لا تقتصر على الاستحواذ على الإيرادات الرسمية، بل تفرض جبايات مباشرة وغير مباشرة على الشركات والمشتركين".

 

وأضاف في حديث لـ"الصحوة نت"، "أن مليشيا الحوثي تسخّر عائدات قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات بشكل شبه كامل لتمويل عملياتها العسكرية وأنشطتها الأمنية والدعائية".

 

لم يقتصر استغلال مليشيا الحوثي للاتصالات على الجانب المالي فحسب، بل حولت هذا القطاع إلى أداة أمنية وعسكرية خطيرة لتتبع تحركات قيادة الشرعية، والتحكم بخدمات الاتصالات في جبهات القتال، بالإضافة للتجسس والمراقبة والسيطرة على المجتمع اليمني، وحجب المواقع الإخبارية.

 

 الضرائب والجمارك

فرضت مليشيا الحوثي نظامًا جبائيًا موازياً، يشمل الضرائب والجمارك والزكاة، التي تُفرض خارج القانون وتُجبى بقوة السلاح. ووفق تقارير أممية، جمعت المليشيا عام 2019 أكثر من 1.8 مليار دولار من الإيرادات العامة الموجهة للمجهود الحربي الحوثي.

 

ولم تكتفِ الجماعة بالضرائب الرسمية، بل فرضت ضرائب جديدة باهظة، منها رفع ضريبة المبيعات على الاتصالات إلى 22% بدلًا من 10%، وضريبة المبيعات على التبغ إلى 120% بدلًا من 90%، في خطوة تضاعف معاناة اليمنيين وتفتح للمليشيا بابًا جديدًا لتمويل حربها.

 

وفي مجال الجمارك، استحدث مليشيا الحوثي منافذ جمركية غير قانونية في مداخل المدن، تُفرَض على السلع التي دخلت بالفعل عبر موانئ خاضعة للحكومة الشرعية، مما ضاعف أسعار السلع الأساسية وأثقل كاهل المواطنين.

 

ورأى المحلل المساجدي إن "مليشيا الحوثي تتعامل مع الإيرادات الضريبية والجمركية كأنها مخصصات خاصة، حيث تقوم بتحصيلها من التجار والمستوردين دون أي التزام بإعادة توظيفها لصالح الخدمات العامة أو الرواتب، بل يتم ضخها بشكل مباشر في تمويل العمليات القتالية"

 

تجارة الوقود والغاز

ولا يتوقف اقتصاد الحرب الحوثي على الاتصالات والضرائب فحسب، بل امتد إلى تجارة الوقود والغاز، أحد أبرز موارد تمويل حرب مليشيا الحوثي الإرهابية على اليمنيين طيلة السنوات الماضية.

 

ووفق وزير الإعلام معمر الإرياني -في تصريح صحافي سابق- "فإن نصف إيرادات المليشيا الحوثية تأتي من تجارة الوقود، سواء عبر الاستيراد المباشر أو فرض الجبايات والضرائب الباهظة".

 

وكشفت تقارير أممية أن جزءًا كبيرًا من أموال الحوثيين يأتي عبر تهريب النفط الإيراني إلى اليمن بطرق ملتوية، منها تزوير أوراق الشحن لتظهر وكأنها من دول أخرى. وأكدت أن هذه التجارة وحدها توفر عشرات الملايين من الدولارات شهريًا، تسخِّرها مليشيا الحوثي في خدمة أنشطتها العسكرية.

 

وفيما يتعلق بالغاز، فقد ظلت مأرب منذ الانقلاب الحوثي وحتى عام 2022، تغطي احتياجات المحافظات الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي من الغاز، حيث كان يتم توريد أسطوانة الغاز من مأرب بسعر (2100) ريال يمني جديد، ما يعادل (1.66) دولار بسعر مناطق سيطرة الشرعية.

 

ومع بداية العام 2023، منعت مليشيا الحوثي التجار من استيراد الغاز من محافظة مأرب؛ لتقوم باستيراده عبر ميناء الحديدة من عدة دول أجنبية، على رأسها إيران وروسيا، وبيعه للمواطن في المحافظات الخاضعة لسلطتها بسعر 6500 ريال يمني، ما يعادل نحو 12,7 دولار أمريكي بسعر مناطق سيطرة الحوثيين.

 

وعلى حساب معاناة ملايين اليمنيين، تستثمر مليشيا الحوثي هذا الفارق المهول في سعر الغاز بين المحافظات المحررة والمحافظات الواقعة تحت سلطتها، في دعم الاقتصاد الإيراني عبر استيراد الغاز من إيران، بالإضافة إلى ادخار المليارات في خزائن قيادات المليشيا وتمويل حربها على الدولة والشعب.

 

إيرادات لثراء الحوثيين

يرى المحلل الاقتصادي عبد الحميد المساجدي" أن قطاع التأمينات والمعاشات هو الآخر، أصبح مصدرًا لنهب أموال المتقاعدين، حيث جُمدت مستحقاتهم في مناطق سيطرة الحوثيين، بينما استُخدمت أموال التأمينات في استثمارات مشبوهة تخدم الجماعة، إلى جانب تمويل رواتب مقاتليها وقياداتها".

 

وفرضت مليشيا الحوثي سطوتها على القطاع المصرفي في البلاد، وأجبرت المؤسسات المالية والبنوك على دفع إتاوات ومجهود حربي، ولا تقتصر موارد مليشيا الحوثي على المؤسسات المركزية، بل تستولي على إيرادات تتجاوز 1.7 مليار دولار سنويًا من المحافظات، ويتم تسخيرها لتمويل حربها وثراء قياداتها.

 

وقد شكلت هذه القطاعات وغيرها عَصَبًا اقتصاديًا مهمًا مكَّن مليشيا الحوثي من استمرار حربها طيلة السنوات الماضية، بينما يواجه المواطن اليمني في مناطق سيطرتها أزمات متفاقمة، مثل انقطاع الرواتب وارتفاع تكاليف المعيشة.

 

وحذر المحلل الاقتصادي "المساجدي" من استمرار الوضع القائم، قائلًا: "إن استمرار تدفق هذه الموارد بيد الميليشيا الحوثية يعني استمرار الحرب، ويجب على المجتمع الدولي والحكومة الشرعية البحث عن أدوات فاعلة لوقف هذا التمويل".

 

وقال لـ "الصحوة نت"، "يجب أن تعمل الحكومة الشرعية على إنشاء منظومة اتصالات مستقلة، أو تشديد القيود على التحويلات المالية التي تصب في خزائن الحوثيين، وإيجاد آليات رقابة دولية على مصادر التمويل الحوثية".

 

وأوضح المساجدي "أن الحكومة الشرعية تحتاج إلى دعم بناء مؤسسات مالية واتصالات بديلة، إضافة إلى فرض عقوبات على الشركات والأفراد الذين يسهمون في تمويل الحوثيين بشكل مباشر أو غير مباشر".

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى