مسلسلات لا تشبهنا

مسلسلات لا تشبهنا

ما أن بدأت القنوات التلفزيونية قبل رمضان بالإعلان عن أعمالها الدرامية التي ستعرضها سحابة الشهر الفضيل حتى ظن الكثير من المتابعين والمهتمين أننا أمام تنافس درامي جاد بين هذه القنوات. في تقديم أعمال جادة.

تحترم عقل المشاهد المستهدف. وتعبر عن واقعه المرير. وتتخذ من الظرف العصيب الذي يمر به عموم البلاد منطلقا لحبكات درامية تتلمس كوامن الوجع وتقدم الحلول بمصداقية وموضوعية.

وكنا نتوقع -إضافة إلى ذلك- أن يكون الفضاء الفني لهذه المسلسلات بجميع تفاصيله قد غادر مربع الغثائية والركاكة إلى أداء يبهر المشاهد. ويستأثر بمتابعته.
وجاء رمضان وكانت المفاجأة أن شيئا من تلك التوقعات لم يتحقق.
فالأفكار التي قامت عليها هذه المسلسلات لا تعني واقعنا لا من قريب ولا من بعيد. وفيها تجاهل تام لما نحن عليه من الكرب والمآسي.

إنها بالمختصر المفيد لا تشبهنا ولا تنتمي لهمومنا. ومنبتة الصلة بالجرح العميق الذي نكابده. وتعالج -تشفيا بنا- قضايا هامشية جزئية بشكل سمج يجتر أفكارا درامية متقادمة مر عليها زهاء عقود خمسة أو أكثر.

الموجود في هذه المسلسلات مؤدون يتكلفون التمثيل. ويريد كل واحد منهم أن يثبت أنه فلتة العصر. أما نحن فمغيبون تماما. ويراد لنا فقط أن نجلس أمام الشاشات بأوجاعنا المثقلة نتابع ببلاهة ذابحة قصة رجل مزواج أو فتى مدلل يبحث عن ذاته في مضارب القبيلة أو غير ذلك من الحبكات التعيسة. وكأننا نعيش في وطن آمن بعيد عن الحرب وأوزارها وفي مأمن من الموت قتلا وتشريدا ونزوحا وغلاء وجوعا عاصفا وجوائح متتابعة تسوق الناس كالطرائد إلى أرض المحشر.

لا تنافس -إذن- بين هذه القنوات. وإنما تكامل وتآزر في التسطيح والغثائية. وفي السعي الدائب لتغييب عقل المشاهد. وتزييف وعيه. وشغله بقضايا لا علمها ينفع ولا جهلها يضر. وسحبه من جادة التفكير في الخروج من النفق البغيض الذي يدب فيه إلى مهزلة الترفيه والترويح والتخدير.

أما من الناحية الفنية فكأني بجميع هذه المسلسلات تصرخ بصوت واحد: ليس بالإمكان أحسن مما كااااان.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى