الحوثيون وتحويل الإحسان إلى جريمة

الحوثيون وتحويل الإحسان إلى جريمة

يمثل الإحسان تاجاً يزين رؤوس الكرماء ، ومفتاحاً لأبواب الرحمة في الأرض ، وقد ألفنا في رمضان تسابق الخيرين لنيل الأجور المضاعفة ، فتراهم يتجهون إلى الجمعيات الخيرية لتمويل مشاريع الخير الرمضانية ، أو يتبنون مبادرات ومشاريع بشكل مباشر ، وأعتاد أغلب التجار في اليمن منذ القدم إخراج زكوات أموالهم في هذا الشهر تلمساً لنفحاته وسعياً لبركاته ، فيرتسم مشهد تكافلي مميز يشبع فيه الجائع ويفرح الفقير ، وتنحل كثير من العقد التي هدت كواهل أصحابها خلال أشهر العام .

 

لكن ما إن جاء الانقلابيون الحوثيون إلا وتغير هذا المشهد التكافلي الرائع تماماً كما تغيرت كل جوانب حياة اليمنيين بفعل هذه الجماعة الإرهابية التي لا تحترم شرعاً ولا قانوناً ولا خلقاً ، فتحول الإحسان في مناطق سيطرتها إلى جريمة توجب العقاب ، وصار العطاء تهمة تلاحق أصحابها ، وغدت يد المحسن مكبّلة ولقمة الفقير مغتصبة .

 

منذ انقلابها المشؤوم في 2014م وسيطرتها على مؤسسات الدولة كانت أولى خطوات جماعة الحوثي الإرهابية الاستيلاء على الجمعيات الخيرية ، فقد رأت فيها مصدرا يُغني الناس عن الحاجة الى الجماعة ، ويمنح الفقراء استقلالا يرفضون به الذل والخضوع ، فشرعت في مصادرة ممتلكات هذه الجمعيات ونهب أموالها واعتقال القائمين عليها، حتى تحولت المؤسسات التي كانت منارات للعطاء إلى ذكريات لزمن ما قبل النكبة الحوثية التي أتت على الحرث والنسل .

 

لم تتوقف الجريمة عند هذا الحد بل باشرت الجماعة الانقلابية إنشاء كيانات بديلة تتستر تحت لافتة العمل الخيري لكن حقيقتها  مجرد  أوعية احتيالية لجمع الأموال وسرقتها ، أو لتوجيهها لتمويل الحرب على اليمن واليمنيين ، وصار الفقير الذي كان يتلقى الصدقات بكرامة متسولا عند أبواب المشرفين الحوثيين ، يساومونه بتقديم الولاء لمشروعهم الطائفي العنصري والدفع بابنائه إلى محارق الموت مقابل فتات الفتات ، بينما تذهب الأموال التي جبوها جبراً باسم الزكاة والصدقات الى حساباتهم الخاصة ، أو لتمويل مشروعهم الطائفي المقيت .

 

لم يسلم التجار من هذا الجحيم فاصبحوا أمام خيارين كلاهما مرّ : إما أن يدفعوا زكاتهم لمليشيا لا تعرف الرحمة فتموّل بها آلة القتل بدلا من أن تصل إلى مستحقيها، أو أن يواجهوا السجن والنهب والمصادرة إن حاولوا إيصالها إلى الفقراء بأنفسهم ، وتعرض الكثير منهم للاختطاف والتعذيب ، ومُسحت شركاتهم من الوجود ، وأضحت بين عشية وضحاها ملكاً للجماعة الانقلابية ، لا لشيء إلا لأنهم أرادوا أن يصل إحسانهم إلى موضعه الصحيح، فكانت النتيجة أن صار الإحسان جرما يُعاقبون عليه بالإفلاس أو الاعتقال .

 

الشباب والناشطين المجتمعين في الأحياء والقرى والذين دأبوا على إطلاق المبادرات المجتمعية لإطعام الفقراء وتوزيع المساعدات على المحتاجين لم يكونوا بمعزل عن هذا الجنون الحوثي ، ولقت هذه الجهود البسيطة التضييق والقمع والمصادرة، واستقبلت غياهب السجون الحوثية الكثير منهم  بتهمة أنهم حاولوا رسم البسمة على شفاه طفل أو سدّ رمق جائع في شهر الجود والإحسان ، وصارت كل محاولة لفعل الخير مجازفة محفوفة بالمخاطر ، وكل يدٍ تمتد بالرحمة تقابل بالسياط المليشاوية النتنة .

 

في ظل هذه الجماعة الإرهابية لم تعد الرحمة حقا للفقراء بل امتيازاً لمن يقدّم فروض الطاعة والولاء للمشروع الطائفي الدخيل ، ومن لم يوالِ فليمت جوعا ، ومن لم يخضع فليبكِ أطفاله سغباً ويموتون مرضاً ، ولم يعد الفقير يتلقى الفتات إلا بعد أن يجبر على حضور الدورات الطائفية ويثبت لهم أنه تابع ذليل لا يملك من أمره شيئا ، وهذه هي حقيقة هذه الجماعة التي لا تؤمن إلا أنها المالكة والمتحكمة بمصير الشعب والأرض ، مع أن الأيام والأحداث تثبت أن اليمنيين لم يكونوا يوما مستسلمين ، ولن يكونوا .

 

دمتم سالمين .

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى