مرور شهر ونصف على إعلان الولايات المتحدة تصنيف مليشيا الحوثي منظمة إرهابية أجنبية، دخل القرار حيز التنفيذ رسميًا، الاثنين 3 مارس 2025، تزامنًا مع فرض عقوبات إضافية استهدفت قيادات حوثية بارزة.
وأدرجت الولايات المتحدة عدداً من قادة المليشيا على قائمة الإرهاب، من بينهم المتحدث الرسمي باسم الحوثيين عبدالسلام صلاح فليته (المعروف باسم محمد عبدالسلام)، إضافة إلى مهدي المشاط، رئيس ما يُعرف بالمجلس السياسي الأعلى، وقيادات أخرى.
وتترتب على هذه العقوبات تجميد أي أصول تابعة للمُدرجين داخل الولايات المتحدة، ومنع التعامل المالي والتجاري معهم، في إطار سياسة أوسع لحرمان الجماعة من الموارد التي تساهم في استمرار أنشطتها العسكرية.
وفي خطوة إضافية، عرضت وزارة الخارجية الأميركية ما يصل 15 مليون دولار مقابل معلومات تؤدي إلى تعطيل مصادر تمويل مليشيا الحوثي الإرهابية، وذلك بهدف الحد من شبكات الحوثيين المالية وعملياتهم العسكرية.
- ترحيب رسمي:
رحبت الحكومة الشرعية بشأن دخول تصنيف المليشيات الحوثية الإرهابية كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) حيز النفاذ، مؤكدة أنه يعكس اعترافًا دوليًا متزايدًا بخطورة الحوثيين وضرورة مواجهتهم باعتبارهم جماعة إرهابية خارجة عن القانون.
وأوضحت الحكومة أن القرار يعزز الجهود الدولية الرامية إلى الحد من تهديدات الحوثيين، التي طالت أمن اليمن ودول الجوار والملاحة الدولية، داعيةً المجتمع الدولي لاتخاذ خطوات مماثلة لتجفيف مصادر تمويل الحوثيين، وتسليحهم وتعزيز الجهود الرامية لاستعادة الاستقرار وإحلال السلام في اليمن
وفي السياق، شدد زير الإعلام معمر الأرياني على أن أي تعامل سياسي، اقتصادي، إعلامي أو اجتماعي مع الجماعة أو أفرادها بعد هذا التصنيف، قد يعرّض صاحبه للمساءلة القانونية، وفق القوانين الدولية لمكافحة الإرهاب، مشيرًا إلى أن هذا القرار يجب أن يشكل نقطة تحول في تعامل المجتمع الدولي مع المليشيا.
- تداعيات داخلية وخارجية:
يضع هذا القرار الحوثيين في موقف أكثر تعقيدًا، حيث تصبح أي علاقات سياسية أو اقتصادية أو إعلامية معهم بمثابة دعم لمنظمة إرهابية، مما سيؤثر على تموضعهم في المشهد الإقليمي والدولي.
كما أن شبكاتهم الإعلامية والاقتصادية التي يديرها محمد عبدالسلام، والممولة من إيران، قد تواجه تضييقًا كبيرًا، خاصة مع تزايد المراقبة على شركات الاتصالات وشبكات تهريب النفط التي تدر أرباحًا ضخمة على الجماعة.
يرى المحلل السياسي "أحمد هزاع" أن تأثير هذا التصنيف سيكون ملموسًا على المستويين الداخلي والخارجي. فعلى الصعيد الداخلي، ستتعرض قوات الحوثي لضغوط عسكرية واقتصادية كبيرة، خاصة إذا كان لدى الولايات المتحدة وحلفائها نية حقيقية لدعم تقدم الجيش والمقاومة، وفرض السيطرة على ميناء الحديدة.
وقال هزاع، في حديثٍ خاص مع "الصحوة نت" إن هذه الإجراءات ستحد من الإيرادات المالية للمليشيا. معتبرًا أن دعم الجيش الوطني ستكون من بين أهم الإجراءات التي يجب أن تتبع التصنيف لضمان فعاليته.
وأشار إلى أن إيران ستجد نفسها مضطرة إلى تقليص نفوذها في اليمن، مما سيشكل ضربة كبيرة لها بعد خسارتها لنفوذها في كل من لبنان وسوريا. وقال: "خسارة إيران لليمن تعني خسارة ثالثة في المنطقة، وهذا سيكون مكسبًا كبيرًا لليمنيين ولدول الجوار، كما أنه سيعيد تشكيل المعادلة السياسية والأمنية في المنطقة".
- التصنيف فرصة تاريخية للشرعية:
أكد هزاع على ضرورة أن تستغل الحكومة الشرعية هذه الفرصة التاريخية، وذلك من خلال العمل الجاد على إعادة ترتيب صفوف الجيش الوطني والمقاومة، والاستفادة من الزخم الدولي لدعم معركتها ضد المليشيات الحوثية.
وأضاف: "الكرة الآن في ملعب الحكومة الشرعية، بعد دخول تصنيف المليشيا حيز التنفيذ، وكذلك إدراج شخصيات حوثية بارزة عسكريًا وسياسيًا في قائمة الإرهاب. وبالتالي، على الحكومة أن تستفيد من هذه اللحظة الثمينة التي لن تتكرر بسهولة".
كما شدد هزاع على ضرورة التحرك سياسيًا لإقناع بقية الدول باتباع نهج الولايات المتحدة في تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، والعمل على رفع ملفات انتهاكات المليشيات إلى المحافل الدولية، من أجل زيادة الضغوط عليها.
وأوضح أن الحكومة يجب أن تطلب دعمًا عسكريًا ولوجستيًا أكبر، سواء عبر تسليح الجيش والمقاومة، أو من خلال دعم التحركات العسكرية على الأرض.
- الحد من تحركات الحوثيين المالية:
بحسب مراقبين، فإن تصنيف القيادات الحوثية العاملة في الخارج، خاصة في دول مثل إيران ولبنان، يمثل خطوة في غاية الأهمية، حيث سيحد بشكل كبير من تحركات هذه الشخصيات، وسيضع قيودًا مشددة على مصادر تمويل الحوثيين، التي تشمل شبكات مالية تعمل تحت غطاء المنظمات الإغاثية والحقوقية.
وتقطع العقوبات الأمريكية واحدًا من أهم مصادر القوة المالية للمليشيا الحوثية، وهو الجناح الاقتصادي الذي استغلته المليشيات لتمويل أنشطتها العسكرية، من خلال غسيل الأموال والتلاعب بالمساعدات الإنسانية.
بدورها، حذرت الحكومة اليمنية كل من يتعاون مع المليشيات، سواء في أمريكا أو أوروبا أو غيرها، من أنه سيكون عرضة للعقوبات، لأن هذه الجماعة باتت مصنفة كمنظمة إرهابية، وهو ما يعني أن أي حركة مالية مرتبطة بها، سواء عبر تحويلات أو شبكات صرافة، أصبحت تحت المراقبة الدولية.
- إغلاق باب السياسة:
أوضح الكاتب "محمد جميح" أن بعض قيادات مليشيا الحوثي تتواجد في الخارج، وتملك شركات نفط، مكاتب تصدير واستيراد، وقنوات تلفزيونية، ويتعين الآن على هذه الدول أن تتعاطى بجدية مع قرار التصنيف.
وقال إنه من واجب الحكومة اليمنية أن تتخاطب مع هذه الدول بشأن العصب المالي والصوت الدعائي لمليشيا الحوثي، التي ارتكبت من الأعمال الإجرامية ما لا يمكن وصفه.
وفي مساحة حوارية على منصة إكس، شدد الناشط "مانع المطري" على أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة، وإدراج قيادات حوثية من الصف الأول على قائمة الإرهاب، ليست سوى بداية لسلسلة من الإجراءات التي قد تتبع لاحقًا.
وأوضح أن هذه الخطوة تعني فعليًا إغلاق أي نافذة للمفاوضات مع المليشيا، حيث إن الشخصيات المُدرجة هي نفسها التي كانت تشارك في اللقاءات الدبلوماسية وتتفاوض مع الوسطاء الدوليين.
وأكد المطري على أن الحكومة اليمنية مطالبة الآن بإيجاد آلية متكاملة لإدارة ملف العقوبات، بحيث يتم التنسيق بين مختلف الأجهزة السياسية والاقتصادية والإعلامية لضمان تحقيق أقصى استفادة من هذه القرارات.
- مطالبات باستغلال الفرصة:
إلى ذلك، حذر ناشطون يمنيون من أن أي تأخير، من قبل الحكومة الشرعية، في استغلال هذا الظرف التاريخي، قد يمنح مليشيا الحوثي فرصة لامتصاص الصدمة، وإعادة ترتيب أوراقها.
وأشار الناشطون إلى أن مليشيا الحوثي بدأت بالفعل بشن هجمات على مأرب وتعز وعدة جبهات أخرى، محاولة تحقيق مكاسب عسكرية حتى تعزز موقفها التفاوضي القادم وتحافظ على القاعدة الشعبية التي تسيطر عليها.
وأكدوا على أن ما حدث في سوريا يمكن أن يحدث في اليمن، وربما خلال فترة زمنية أقصر، لكن ذلك يعتمد على كيفية تعامل الحكومة الشرعية مع هذا القرار ومدى استغلالها لهذه الفرصة التاريخية التي في متناول يدها.