يخلو منزل محمد سعيد من أي مظهر يوحي باستعداد الأسرة استقبال شهر رمضان، كما هي عادة الأسرة كل عام، فلا زينة ضوئية ولا "فوانيس" ولا شيء من تلك الطقوس الرمضانية.
يستقبل أبناء العاصمة المؤقتة عدن شهر رمضان هذا العام في ظل أوضاع اقتصادية متردية مع تواصل انهيار قيمة العملة المحلية، إضافة إلى أزمات خدمية خانقة تشهدها المدينة منذ أسابيع.
تدهور سعر العملة فاقم من تردي الأوضاع المعيشية بارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية، الأمر الذي انعكس على حياة الناس وكذلك مظاهر استعداد الأسر اليمنية في استقبال هذا الشهر الفضيل.
واعتادت الأسر في مدينة عدن استقبال شهر رمضان بشراء مستلزماته من المواد الغذائية وتزيين المنازل بالفوانيس والأنوار، إلا أن الأوضاع الاقتصادية المتدهورة دفعت كثيرين للتخلي عن هذه العادة وإعطاء المواد الأساسية والضرورية الأولية، في مشهد يعكس حجم الأزمة التي يعيشها أبناء عدن واليمنيون بشكل عام.
عزوف شعبي
محمد سعيد، أحد سكان العاصمة عدن قال: "كنا نخصص جزءًا من دخلنا لشراء الفوانيس والزينة لأطفالنا استعدادا لاستقبال رمضان".
وأضاف في حديثه لـ "الصحوة نت" "هذا العام الأولوية للطعام، حيث ارتفعت أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، ولم يعد لدينا القدرة حتى على شراء بعض متطلبات وجبات الإفطار".
يتابع محمد " أسعار المواد الغذائية الأساسية تضاعفت مقارنة بالعام الماضي، وأن الوجبات التقليدية مثل "السمبوسة والشوربة أصبحت مكلفة جدًا، مما أجبر كثير من الأسر العدنية على تقليص المشتريات إلى الحد الأدنى".
أسواق المدينة هي الأخرى تشكوا الكساد، فأصحاب المحلات التجارية يشكون من تراجع الاقبال خاصة في القطاعات التي تزدهر عادة خلال هذا الشهر، مثل محال بيع المواد الغذائية الخاصة التي تزين مائدة الأسر العدنية في رمضان، إضافة محلات الزينة.
يقول التاجر عبدالله الهميش: "لاحظنا هذا العام ضعفًا شديدًا في الإقبال على شراء المواد الغذائية التي تُستخدم في إعداد وجبات الإفطار خلال شهر رمضان، مقارنةً بالأعوام الماضية".
يرجع الهميش السبب إلى الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد، والتي جعلت الكثير من الأسر تواجه صعوبة في تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية.
يؤكد الهميش في سياق حديثه لـ "الصحوة نت"، وجود تراجع ملحوظ في القدرة الشرائية للمواطنين، وأن العديد من الأسر اضطرت للتخلي عن بعض الوجبات الرمضانية التقليدية بسبب الغلاء"
ويضيف أن ارتفاع الأسعار يعود إلى استمرار انهيار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية بمستويات قياسية، انعكس ذلك على أسعار جميع السلع، على رأسها المواد الغذائية الأساسية.
وفيما يخص المنتجات المحلية أوضح الهميش أنها لم تسلم من الغلاء، فارتفاع تكاليف النقل وأسعار الوقود أثر على أسعار كل شيء، ولم يعد المواطن البسيط، قادرًا على تغطية احتياجات أسرته كما كان في السابق.
موسم بلا بهجة
يقف عبدالله الحاج، تاجر الفوانيس والزينة الرمضانية، في أحد شوارع العاصمة عدن كما يفعل كل عام مع حلول شهر رمضان، منتظرًا زبائنه الذين اعتادوا شراء الزينة والأنوار المضيئة لإضفاء البهجة على منازلهم ومحالهم التجارية، هذا العام فالمشهد مختلف تمامًا، والإقبال شبه معدوم، وحركة البيع بطيئة إلى حدٍ غير مسبوق، كما يقول.
يقول الحاج "في المواسم الماضية، كنت أبيع كل الكمية التي أستوردها قبل بداية رمضان بأيام، وكان الناس يحرصون على تزيين منازلهم بالفوانيس والأنوار الرمضانية، أما الآن، فالأسعار المرتفعة جعلت الجميع يركز على الأساسيات فقط، ولم يعد أحد يفكر في الزينة".
ويضيف في حديثه لـ " الصحوة نت " أن تراجع القدرة الشرائية لدى المواطنين أثّر بشكل مباشر على تجار الزينة، إذ أصبحت الأولوية لتأمين الضروريات، بينما باتت الزينة والاحتفالات رفاهية لا يقدر عليها كثيرون، مشيرا إلى أن أصحاب المحال الذين كانوا يشترون الزينة بكميات كبيرة لتزيين متاجرهم عزفوا عن الشراء هذا العام".
وفيما يحاول التاجر العدني الصمود وسط هذه الأزمة، يحدّق في بضاعته المكدسة على الرصيف، متمنيًا أن يتحسن الحال في الأيام المقبلة، لكنه يدرك جيدًا أن الأزمة الاقتصادية الخانقة ألقت بظلالها الثقيلة على كل شيء، حتى على أجواء رمضان التي كانت دومًا مليئة بالفرح والنور.
إضافة الى الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، تعاني عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، من أزمات أخرى تعكر صفو عيش سكان المدينة، أبرزها انقطاع متكرر للتيار الكهربائي منذ أسابيع، ولحقته أزمة في مياه الشرب.
وتشهد المدينة احتجاجات وخروج المواطنين للشوارع مطالبين السلطة المحلية والحكومة بمعالجة سريعة للأزمات التي تمر بها المدينة خاصة وأن السكان على أبواب شهر رمضان وأيضا مع اقتراب حلول موسم الصيف.