لم يكن مشهد وفد الحوثيين في لبنان لتقديم العزاء في الهالك حسن نصر الله سوى صورة أخرى من صور انكشافهم أمام العالم كأدوات وظيفية في المشروع الإيراني ذهبوا إلى هناك غير آبهين بمعاناة الشعب اليمني الذي يرزح تحت وطأة الحرب التي أشعلوها خدمة لأجندات طهران ليؤكدوا أنهم مجرد ذراع إيرانية في المنطقة لا أكثر
لطالما حاول الحوثيون تسويق أنفسهم كحركة "وطنية" لها مشروعها السياسي المستقل لكن تصرفاتهم تثبت العكس تماما فهم لم يذهبوا إلى صنعاء أو أي مدينة يمنية منكوبة للعزاء في الضحايا الذين يسقطون يوميا بسبب حروبهم بل حملوا أنفسهم إلى الضاحية الجنوبية في بيروت حيث مرجعيتهم الحقيقية ليقدموا فروض الولاء والطاعة للسيد في قم وطهران.
لم يكن مشهد تقديم العزاء مجرد بروتوكول دبلوماسي بل كان سقوطا مدويا للحوثيين أمام زنابيلهم وأمام اليمنيين عموما ظهرت قيادات الجماعة في حالة ذل وانكسار مطلق وهم يتسابقون لتقبيل خاتم حسن نصر الله في مشهد أشبه بمراسم البيعة لا بتقديم العزاء
أما الذل الأكبر فقد جاء عندما ظهر أحدهم منحنيا أمام ابنة القيادي الهالك حسن اللقيس، في مشهد لم يظهر فيه أي مسؤول حوثي بهذه الصورة حتى مع أطفال اليمن الذين يدّعون الدفاع عنهم!
وفي الوقت الذي كان فيه وفد الحوثيين يتبادل العناق والكلمات مع قيادات "حزب الله" كانت صنعاء وتعز والحديدة وإب تشهد مزيدا من الجوع والفقر والقمع يعيش المواطن اليمني تحت قبضة أمنية خانقة ويفتقد أبسط حقوقه بينما قادة الجماعة يستعرضون أنفسهم كجزء من محور إيران الإقليمي متناسين معاناة من يدّعون أنهم "يحكمونهم".
لطالما ردد الحوثيون شعارات "المقاومة" لكن مواقفهم العملية تكشف حقيقة توجهاتهم فهم يخوضون حروبا بالوكالة ويدمرون بلادهم لصالح مشروع إقليمي لا علاقة له بمصالح اليمنيين وحتى في مواقفهم الدولية يصطفون تلقائيا حيث تريد إيران دون اعتبار لمصلحة اليمن.
اللافت أن إيران التي يدين لها الحوثيون بالولاء لم تحم حلفاءها في لحظات السقوط فها هو النظام السوري يقاوم وحده دون دعم حقيقي وها هو "حزب الله" يتلقى الضربات في لبنان بينما طهران تحاول إنقاذ نفسها عبر مفاوضات سرية مع القوى الكبرى.
الحوثيون رغم كل هذا ما زالوا يراهنون على سراب، متجاهلين أن "المتغطي بثوب إيران عريان".
ما حدث في لبنان لم يكن مجرد حضور لمراسم عزاء بل رسالة سياسية أكدت ما يعرفه الجميع: الحوثيون مجرد "فرع إيراني" في اليمن ليس لهم قرار مستقل ولا رؤية وطنية ولا مشروع حقيقي سوى تنفيذ أوامر ولي الفقيه ولكن كما تخلت إيران عن غيرهم فإن لحظة الحقيقة ستأتي وسيجدون أنفسهم مجرد ورقة محروقة مثل كثيرين قبلهم.