شهادات وقصص مروعة من داخل سجون الحوثي: قتل ثم سرقة أعضاء واحتجاز جثامين

شهادات وقصص مروعة من داخل سجون الحوثي: قتل ثم سرقة أعضاء واحتجاز جثامين

لم تذُق أسرة المعتقل أحمد باعلوي، القاطنة في حي الصياح بصنعاء، طعم النوم منذ أسابيع، وهي تترقب مصير ربِّ الأسرة المغيَّب خلف قضبان الكهنوت، منذ أن قامت مليشيا الحوثي باختطافه في 23 من شهر يناير الماضي.

وفي 11 فبراير الجاري، تلقت أسرة المعتقل اتصالًا صادمًا نقل قصة معاناتها إلى فصل جديد أكثر ألمًا ومأساوية، حيث أبلغتها المليشيات بضرورة استلام جثمان "باعلوي" ودفنه، ليتم دفنه؛ ليكون بذلك شاهدًا على نسخة "صيدنايا" الحوثي، حيث يُوارى ضحايا التعذيب والقتل داخل سجون الحوثيين.

- فراقٌ مؤلم:

بصوت حزين، يقول علوي باعلوي، شقيق أحمد، لـ"الصحوة نت":

"شقيقي كان يعاني من التعذيب، واستُشهد داخل السجن في محافظة صعدة بعد قضاء ثلاثة أسابيع فقط، وقد حُرمنا من زيارته إلى أن فارق الحياة."

كان أحمد باعلوي، البالغ من العمر 30 عامًا، يعمل ضابط عمليات تكنولوجيا المعلومات في أحد البرامج منذ عام 2017، وهو واحد من سبعة موظفين اعتقلتهم مليشيا الحوثي مطلع العام الجاري.

يتابع شقيقه، وقد أجهش بالبكاء: "كان أحمد في مثل هذه الأيام يشاركنا الاستعدادات لاستقبال رمضان، وكان يحب أطفاله جدًّا ومتعلقًا بهم. لم تتمالك ابنته الصغرى "جنى" نفسها عندما ألقت النظرة الأخيرة على وجه أبيها، فقدت وعيها من شدة الصدمة.

ويضيف "علوي" أن والدته تبكي بلا توقف، وإخوانه وجيرانهم لم يستوعبوا فكرة رحيل "أحمد"وعدم قدرتهم على رؤيته مرة أخرى، قائلًا: "لقد خسرنا شقيقًا وأبًا وصديقًا لا يُعوّض، لا يمكن وصف حجم الألم الذي نشعر به."

- أمٌ مفجوعة وأسئلةٌ بلا إجابة:

والدة أحمد، بصوت متقطع من الألم، تتحدث عن ابنها قائلة: "لقد عمل بجدٍّ لمساعدة الناس، ولم يكن مجرمًا. اعتقلوه بطريقة مهينة، ثم قتلوه، وادعوا أنه مات بسبب مرض، لكننا نعلم أنهم قتلوه تحت التعذيب، فالآثار واضحة على جسده."

وخلال حديثها، تتساءل أم أحمد بنبرة صوت يمتزج فيها القهر والاستنكار: "لماذا أحمد بالذات؟ ماذا فعل ابني ليستحق القتل؟ لماذا قتلوا فلذة كبدي وحرَموني منه؟"

- دفنٌ دون تحقيق:

أجبرت مليشيا الحوثي أسرة باعلوي على دفن جثمان فقيدها يوم الأربعاء، دون السماح بإجراء أي تحقيق رسمي حول ملابسات وفاته. وأقيمت الصلاة عليه بعد صلاة الظهر في "مسجد بلال" وسط صنعاء، تلاها دفنه في مقبرة الصياح.

واتهم مقربون من باعلوي جهاز "الأمن الوقائي" الحوثي بتصفيته عمدًا، بسبب رفضه الإدلاء باعترافات مكتوبة ومُجهّزة مسبقًا. وأوضحوا أن ضابطًا يعمل في الجهاز –رفضوا الكشف عن هويته– أبلغهم أن أحمد تعرض لتعذيب وحشي لإجباره على الاعتراف.

- أرقام متزايدة وقصص مأساوية:

تتزايد حالات وفاة الأسرى والمختطفين داخل سجون ومعتقلات مليشيا الحوثي بسبب تعرضهم لممارسات التعذيب الجسدي والنفسي، إلى جانب الإهمال الصحي، في ظل غياب تام للمساءلة القانونية بحق المسؤولين عن هذه الجرائم.

لم يكن أحمد باعلوي الضحية الأولى، فقد سبقه في المصير عشرات المختطفين الذين لقوا حتفهم داخل سجون جماعة الحوثي، حيث تعرضوا لأبشع أنواع التعذيب الجسدي والنفسي، في قائمة ضحايا طويلة، تحمل في طياتها قصصاً مروعة عن الألم والموت البطيء خلف القضبان.

وفي هذا التقرير، نسرد بعض هذه الحالات التي تحكي فصولاً مأساوية عن واقع المعتقلين في سجون مليشيا الحوثي، حيث لا يخرج السجين إلا بجسد منهك أو جثة هامدة، فيما تواصل المليشيات توسيع دائرة القمع والتنكيل، دون رادع أو حساب.

المختطف محمد أحمد وهبان، أحد أبناء محافظة عمران، قامت المليشيات بتصفيته داخل زنزانة انفرادية في السجن الحربي بصنعاء. فيما اعتُقِل عز الدين الحبجي، من أبناء البيضاء، لأكثر من عام ونصف قبل أن يُعلن عن وفاته في سجن الأمن المركزي بصنعاء، بعد أن أنهك التعذيب جسده.

وفي أكتوبر العام الماضي، توفي هشام الحكيمي، الذي كان يعمل في منظمة "Save the Children"، داخل أحد سجون مليشيا الحوثي في صنعاء، بعد 50 يومًا من اختطافه وإخفائه قسريًا. وفي 27 نوفمبر 2017، لقي حسن سالم أحمد، البالغ من العمر 25 عاماً، مصيراً مشابهاً، عقب اعتقاله من جوار كلية التربية بمدينة زبيد وتعرضه للضرب والتعذيب الوحشي حتى فارق الحياة.

المشهد ذاته تكرر مع المعتقل أحمد صالح الوهاشي، حيث فارق الحياة في 25 أكتوبر 2020، بعد تعذيب وحشي تسبب في كسر عموده الفقري. ولم يكن العقيد محمد علي صالح النسيم أوفر حظاً، إذ توفي مطلع الشهر الجاري متأثرًا بالتعذيب الوحشي الذي تعرض خلال خمس سنوات في الأسر.

منظمة "رصد" قالت في بيان لها إن العقيد "النسيم" تعرض لأشد أنواع التعذيب الوحشي منذ اختطافه، من خلال الصعق الكهربائي والضرب والتعليق في غرف انفرادية لا تصلح للعيش، ما أدى لتدهور حالته الصحية نتيجة التعذيب الذي توفي على إثره في 1فبراير الجاري."

وروت شقيقة العقيد بعض أساليب التعذيب التي تعرض لها في سجون مليشيات الحوثي، كالحبس الانفرادي لساعات طويلة، وإهمال طبي متعمد، ورميه بالماء المغلي إضافة  لأشد أنواع التعذيب النفسي  كحرمانه من رؤية زوجته قبل وفاتها، ومنع الزيارات عنه.

- سرقة أعضاء المعتقلين:

كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" عن ارتفاع ملحوظ في معدلات الاحتجاز التعسفي، الإخفاء القسري، التعذيب، وإصدار أحكام الإعدام، إضافة إلى تزايد الوفيات في سجون الحوثي، وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات فورية لضمان عدم تعرض المحتجزين الآخرين لنهاية مماثلة.

وقالت المنظمة في بيان لها: "منذ منتصف أكتوبر الماضي، سلّم الحوثيون قضايا 12 شخصًا على الأقل، بينهم موظفون سابقون في السفارة الأمريكية والأمم المتحدة، إلى النيابة الجنائية المتخصصة، متهمين إياهم بجرائم تصل عقوبتها إلى الإعدام، بينما يُحرمون من الإجراءات القضائية الواجبة."

بدوره، كشف مختار أيوب، عضو لجنة المعتقلين في منظمة "رصد"، لموقع "الصحوة نت"، أن الحوثيين يستخدمون قتل المعتقلين واحتجاز جثامينهم كوسيلة للانتقام من أسرهم، وإرسال رسالة ردع لبقية اليمنيين، ومحاولة لإخفاء ملامح التعذيب التي طالت المعتقلين.

وأشار "أيوب" إلى اشتباه منظمة "رصد" بوجود عمليات سرقة أعضاء بشرية داخل سجون مليشيا الحوثي الإرهابية، حيث ترفض الأخيرة تسليم جثامين الضحايا لذويهم في بعض الحالات.

- الموت البطيء:

أكد عبدالباسط هبة، عضو نقابة المحامين، لـ"الصحوة نت"، أن الوفيات في سجون الحوثيين هي نتيجة مباشرة للإهمال الطبي، التعذيب، والظروف اللاإنسانية، مشددًا على الحاجة إلى تدخل دولي عاجل لوقف هذه الجرائم.

وأضاف: "القضاء في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي يعاني من ضغوط سياسية كبيرة، والمحتجزون لا يحصلون على محاكمات عادلة، ولا يتم التحقيق في وفياتهم بشفافية. ويجب على المجتمع الدولي تحمل مسؤوليته والضغط من أجل الإفراج عن المحتجزين سياسياً وإنقاذهم من الموت المحقق."

من جانبه، أكد محمد النهماني، نائب رئيس وحدة الدراسات والتوثيق في هيئة الأسرى والمحررين، أن سياسة تصفية المعتقلين ليست جديدة، بل ممارسة ممنهجة منذ ظهور الجماعة، مشيرًا إلى أن الحوثيين لا يزالون يحتجزون جثامين العديد من الضحايا، الذين قتلوا في ظروف غامضة، بينهم صحفيون وضباط وجنود وموظفون مدنيون.

وتظل هذه القصص المروعة شاهدًا على جرائم الحوثيين في المعتقلات، وسط صمت دولي ومطالبات مدنية بسرعة تحرك الجهات المسؤولة لإنقاذ من تبقّى في السجون الحوثية قبل أن يُضافوا إلى قائمة الضحايا الطويلة.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى