قبائل مارب.. تاريخ من النضال الوطني المشرف

قبائل مارب.. تاريخ من النضال الوطني المشرف

تشكل القبائل اليمنية العمود الفقري للنسيج الاجتماعي والسياسي في البلاد، وقد لعبت دورا محوريا في تشكيل تاريخ اليمن المعاصر، خاصة في معركة استعادة الدولة ضد مليشيات الحوثي، التي تُعد امتدادا للنظام الإمامي البائد، منذ انقلابها على السلطة الشرعية قبل عشر سنوات.


تُعد قبائل مأرب من أبرز القوى القبلية التي تصدت لتمدد الحوثيين، ونجحت بفضل تماسكها في حماية المحافظة الاستراتيجية، والتي أصبحت نقطة ارتكاز رئيسية في الحرب ضد المشروع الحوثي، ومن ثم، ترى هذه القبائل نفسها جزءا لا يتجزأ من الدفاع عن النظام الجمهوري.

 

 في اليومين الماضية، تجمعت قبائل مراد وبني عبد في مظاهر من التنسيق العسكري والعرض القتالي للتأكيد على وحدة الصف الوطني في مواجهة الحوثيين، ولإرسال رسالة واضحة بأن هذه القبائل مستعدة للقتال جنبًا إلى جنب مع الجيش الوطني والمقاومة الشعبية. هذه التجمعات لم تكن مجرد تعبير عن القوة العسكرية فحسب، بل كانت تجسيدا للعزم الوطني في مواجهة مشروع الحوثي الذي يسعى لفرض نظام إمامي.

 

التلاحم القبلي سلاح فعال ضد الحوثي

 

إن فعالية المواقف القبلية في مواجهة الحوثيين تأتي من التلاحم الوطني الذي تجسّده قبائل مأرب واليمن بشكل عام. على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجهها هذه القبائل، لا يزال تأكيدها على وحدة الصف اليمني أمرا ثابتا. فقد عبّر شيوخ القبائل في تصريحاتهم عن التزامهم الكامل بالوقوف ضد الحوثي، سواء عبر دعمهم المستمر للجيش الوطني أو من خلال استعدادهم للمشاركة في العمليات العسكرية لاستعادة المناطق المحتلة من قبل الحوثيين.

 

من خلال تأكيدهم على موقفهم الثابت ضد محاولة الحوثيين لتفكيك النسيج القبلي، يبعث شيوخ القبائل برسالة واضحة مفادها أن هذا التماسك الاجتماعي هو السلاح الأقوى في مواجهة المشروع الحوثي.

 

علاوة على ذلك، شدد شيوخ القبائل على أهمية توحيد القرار العسكري في مواجهة الحوثي، مطالبين الحكومة اليمنية ومجلس القيادة الرئاسي بدمج كافة التشكيلات العسكرية تحت قيادة واحدة وإدارة غرفة عمليات مشتركة لضمان التنسيق الفعال بين جميع التشكيلات العسكرية والمقاومة الشعبية.

 

هذه الدعوة تؤكد أن قبائل اليمن لا تكتفي بالقتال على الأرض فقط، بل تسعى إلى تأطير هذا القتال ضمن خطة عسكرية موحدة تهدف إلى استعادة الدولة.

 

وفي هذا السياق، أكّد اللواء الركن مفرح بحيبح، قائد محور بيحان، أن الحشد القبلي الكبير في مأرب يُعد استعدادا للعودة إلى المناطق المحررة في جنوب المحافظة، مع التأكيد على أن أي جهة تحاول منع أبناء القبائل من العودة إلى ديارهم ستُواجَه بالقوة. كما شدد الشيخ محمد مبخوت الأحرق على أن النصر حليف اليمنيين وأن المشروع الإيراني في اليمن إلى زوال، مؤكدا أن القبائل متوحدة ضد الحوثي.

 

من جانبه، أوضح الشيخ أحمد حسين القردعي أن هذا الحشد القبلي يعكس الجاهزية الكاملة للمشاركة في العمليات العسكرية، داعيا القيادة السياسية لاتخاذ قرارات حاسمة لإنهاء سيطرة الحوثيين.

 

صراع مأرب مع الإمامة

مواقف قبائل مأرب اليوم ليست جديدة، بل هي امتداد لتاريخ طويل من النضال ضد النظام الإمامي الذي أسقطته ثورة 26 سبتمبر 1962. فهذه القبائل كانت في طليعة القوى التي حاربت الإمامة وحافظت على الجمهورية.

واليوم، تواصل القبائل الدفاع عن قيم الجمهورية والمشاركة الفاعلة في مواجهة محاولات الحوثيين لإعادة فرض هيمنة الإمامة على اليمن.

وفقا للباحث أحمد الطرس العرامي، كانت قبائل مأرب الحائط الدفاعي الأخير ضد محاولات الحوثيين الاستيلاء على المحافظة، ونجحت في الحفاظ على استقرارها. وعلى الرغم من محاولات الحوثيين لتفكيك القبائل، من خلال الاستقطاب والتصفية، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل في مأرب.

أكد شيوخ القبائل في التجمعات الأخيرة، رفضهم القاطع لاستخدام بعض أبناء القبائل في أنشطة تهدف إلى إشعال الفتنة الداخلية، مؤكدين ضرورة هزيمة الحوثيين واستعادة جميع الأراضي اليمنية.

لطالما حملت الإمامة ومخلفاتها الحوثية نزعة عدائية تجاه القبائل اليمنية، خاصة تلك التي تؤمن بالجمهورية وترفض الخضوع لمشاريع الاستعباد. تاريخيا، عملت الإمامة على تفكيك القبائل وإضعافها، ومع سيطرة الحوثيين الذين يشكلون امتدادا لها، استمر النهج ذاته من خلال محاولات تفكيك النسيج القبلي، واستقطاب بعض زعماء القبائل ثم تصفيتهم، كما حدث مع العديد من شيوخ القبائل الذين سهلوا لها التمرد، ليجدوا أنفسهم لاحقا إما قتلى أو في المعتقلات.

 

تقول الباحثة ريم مجاهد إن الحوثيين انتهجوا سياسة أدت إلى "سحق القبائل وتصدع بنيتها الاجتماعية بسبب الاستقطاب والعنف وفقدان الكثير من أفرادها وهي في الوقت الحاضر في أسوأ أحوالها". شملت هذه السياسة، حسب منظمة سام لحقوق الإنسان، تفجير المنازل واختطاف المشائخ والأفراد وتقويض القضاء بكيان موازٍ اسمه "الحارس القضائي".

 

 

التلاحم القبلي

 

إن تلاحم القبائل اليمنية اليوم، وتماسكها مع الجيش والمقاومة الشعبية، يمثل الضمان الحقيقي لاستعادة الدولة والحفاظ على الوحدة الوطنية. فبقاء القبائل متماسكة ووقوفها إلى جانب الدولة يشكل الحصن الأخير ضد المشاريع التخريبية التي تسعى إلى تمزيق اليمن. ويُعَدُّ ما يجري في مأرب من فعاليات قبلية ومواقف وطنية تجسيدا لهذا التلاحم، الذي يعكس الوعي الوطني بأهمية الدفاع عن هوية اليمن الجمهورية.

 

وفي ذات السياق، دعت قبائل خولان الطيال جميع القبائل اليمنية إلى توحيد الصفوف والرؤى من أجل القضاء على الحوثي وتعزيز التكاتف الوطني تحت قيادة مجلس القيادة الرئاسي لاستعادة الدولة والنظام الجمهوري.

 

في الختام، تؤكد هذه المواقف الوطنية أن القبائل اليمنية لم تعد مجرد كيانات اجتماعية، بل قوة استراتيجية مؤثرة في المعركة الوطنية، لتبقى اليمن جمهورية حرة، تسودها العدالة والمواطنة المتساوية.


القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى