تواصل مليشيا الحوثي الإرهابية حملة اختطافاتها في العاصمة صنعاء بحق موظفي الأمم المتحدة، في وقت ينتظر فيه اليمنيون دورا إنسانيا تقدمه المنظمات قد يسهم في التخفيف من الظروف الصعبة التي يمرون بها.
ناشطون ومراقبون أكدوا أن هدف مليشيا الحوثي من حملة الاختطافات إضعاف المؤسسات الدولية والعاملين فيها، واستخدام الملف الإنساني كورقة ضغط على المجتمع الدولي، ما يثير قلقا لدى المنظمات الإنسانية العاملة في اليمن.
مداهمة واختطاف
"أحمد الصياد" موظف في احدى المنظمات الأممية، اختطفته مليشيا الحوثي منذ عشرة أيام من منزله بحي "الروضة" في العاصمة صنعاء بعد أن داهم مسلحون منزله وفتشوه بشكل كامل وعبثوا بمحتوياته، ثم اقتادوه إلى جهة مجهولة.
يعمل أحمد في إدارة الشؤون الإنسانية في برنامج الأغذية العالمي منذ سنوات، وشارك في العديد من الأنشطة الإغاثية في مناطق نائية.
تقول زوجته، " إنه عندما تم اختطافه حاول الحديث مع المسلحين وأخبرهم أنه موظف تبع الأمم المتحدة، لكن دون جدوى". وأضافت الزوجة المكلومة على زوجها "منذ ذلك اليوم لم نسمع عنه شيئًا".
في حديث لـ "الصحوة نت" يقول والد أحمد ": "ابني لم يرتكب جرمًا فهو يعمل في مجال المساعدات الإنسانية ويقدم خدمات للمحتاجين فلماذا يتم اعتقاله؟ ماهي جريمته واين هو الان".
في ذات اليوم اختطفت المليشيات، مختار الشميري، موظف في مجال الإغاثة الإنسانية في في برنامج الأمم المتحدة "اليونسيف".
يعمل مختار في مديرية "بني مطر" مسؤولًا عن توزيع المساعدات الغذائية للأسر الفقيرة.
يقول والده، عوض الشميري، في حديثه لـ "الصحوة نت": إن عناصر من الحوثيين داهموا المنزل، وأخذوه، ولم نعرف ماذا حدث له بعد ذلك، ومنذ تلك اللحظة وحياتنا مقلوبة راسا على عقب".
يضيف عوض" أن ولده مختار شخص محب للعمل الإنساني ولم يتورط في أي أعمال إجرامية".
لا تخفي، مها المطري، زوجة مختار، قلقها على زوجها خاصة وأنها لا تعرف عنه أي شيء منذ اختطافه.
تقول مها" لـ "الصحوة نت" "إن مختار مواطن عادي وموظف مجتهد في عمله ويحب وطنه، لا افهم لماذا يعتقلون الناس الذين لا علاقة لهم بالحرب او السياسة". تتساءل "أين القانون وأين حقوق الانسان".
"إيمان الجهني" الموظفة في مجال حقوق الإنسان بمكتب الأمم المتحدة بالعاصمة صنعاء، هي الأخرى تم اختطافها ضمن الحملة التي استهدفت نحو 7 موظفين أممين الأسبوع الماضي.
اختطفت الجهني بعد كتابتها تقريرا عن أوضاع حقوق الإنسان في اليمن.
تقول شقيقتها في حديثها لـ "الصحوة نت" "إن شقيقتها ايمان دائمًا تدافع عن حقوق الناس ولم ترتكب جريمة تؤدي لاختطافها".
وتابعت حديثها "أنه قبل اسبوع امتلأ المنزل بـ"الزبنبيات" (عناصر نسائية مسلحة تتبع المليشيات)عديمات الرحمة واختطفوا ايمان، واتهموها انها تعمل ضد "مصالح الدولة العليا".
وأضافت: "إيمان لم تكن تشارك في أي نشاطات تهدد أمن البلاد، اعتقلوها فقط لأنها تكتب تقارير تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان من اي طرف كان".
وأشارت إلى أنه حتى الآن لم تتمكن الأسرة من معرفة مكان ايمان لأكثر من ثمانية أيام، ووالدتي على وشك الموت خوفا عليها".
تعليق العمل الانساني
بالمقابل أعلنت الأمم المتحدة تعليق جميع التحركات الرسمية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين حتى إشعار آخر، ردا على حملة الاختطافات التي شنتها مليشيا الحوثي.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الإفراج “الفوري وغير المشروط” عن جميع عناصر الإغاثة المحتجزين في اليمن الذي يعاني من أزمة إنسانية بعد عقد من الحرب.
وأثارت هذه الحملة استياءً واسعا في مناطق سيطرة المليشيات، حيث عبر ناشطون عن استيائهم لجريمة الحوثيين ضد موظفي المنظمات الأممية وتأثير ذلك على العمل الإنساني.
الصحفي "خالد العمري"، وصف الحملة بـ"المسعورة"، وقال إن ما يحدث هو تدمير للإنسانية بكل معنى الكلمة وحملة الاعتقالات ضد موظفي الأمم المتحدة هي ببساطة استهداف واضح للعمل الإنساني".
وأضاف أن الخوف من آثار الحملة من النتائج السلبية وتأثيرها على العمل الإنساني خصوصا وأن الوضع مأساويا، وقد يزداد صعوبة، خصوصا بعد قرار الامم المتحدة إغلاق مكاتبها".
ودعا العمري مليشيا الحوثي للتوقف عن دفع البلد نحو الهاوية فعندئذ لن يسلم أحد".
بدوره أكد حسين ظافر، أحد مؤيدي المليشيات سابقا، أن هدف الجماعة من هذه الحملات تخويف الناس من المشاركة في أي أنشطة إنسانية خارجة عن سيطرتهم".
وأضاف أن الحملة تفضح الوجه الحقيقي للميليشيات الحوثية التي تدعي أنها تعمل من أجل مصلحة الشعب، فبدلاً من تحسين الأوضاع وصرف الرواتب ذهبت تهاجم كل من يحاول تقديم المساعدة الإنسانية، وقد ان الاوان للعالم لكي يقف ضد هذه الميليشيات.
استراتيجية ممنهجة سلاح للتضييق
من جانبه، قال الكاتب عبد الله الرفاعي: إن الحملة جزء من استراتيجية ممنهجة للجماعة لعرقلة عمل المنظمات الدولية.
وأضاف في حديثه لـ "الصحوة نت" أن الجماعات المسلحة لا تكتفي بتعطيل مساعي السلام بل تقوم بتهديد العاملين في مجال الإغاثة الإنسانية مستخدمةً أساليب قمعية لمنعهم من القيام بدورهم الأساسي في مساعدة الفئات الأكثر ضعفًا، وما يحدث ببساطة هو انتهاك صارخ للقوانين الدولية التي تحمي حقوق العاملين في المجال الإنساني".
وقالت الناشطة الحقوقية "مروة الحاج" تعليقا على الموضوع: " دأب الحوثيون على استخدام الاختطاف كسلاح للتضييق على الناشطين الحقوقيين وموظفي المنظمات الإنسانية، لذلك ما نراه اليوم هو محاولة لتخويف المجتمع الدولي وإضعاف أي دعم يمكن أن يصل إلى الشعب اليمني".
وأضافت أنه يجب على المنظمات الدولية أن تتخذ خطوات أكثر قوة وتعمل على ضمان حماية موظفيها في اليمن، وإلا فالعواقب ستكون اشد ومثلما اثبت الحوثيين انهم خطر على حلفائهم اكثر من اعدائهم، فانهم سوف يكونون وبالاً على الأمم المتحدة التي غضت الطرف عن ارهابهم لسنوات.
تأتي حملة الاختطافات تزامنا مع قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية، ورد من مليشيا الحوثي على قرار التصنيف.
وبحسب مراقبين فإن التصنيف الأمريكي يؤكد أن هناك تغيرًا في السياسة الأمريكية ورسالة قوية ضد الممارسات التعسفية لها، حيث يشمل هذا القرار إمكانية فرض مزيد من العقوبات على قيادات الميليشيات، وتطبيق نظام عقوبات صارم وأكثر شمولية ضد المليشيات ومؤسساتها المختلفة ككيان كامل، وكذلك الأفراد والكيانات والشركات والدول التي تُقدم أي دعم مالي أو عسكري أو تقني للجماعة.
وكانت الخارجية الأميركية قد ادانت في بيان لها عمليات اعتقال موظفي الامم المتحدة، ودعت إلى الإفراج عن كافة المعتقلين، منددة بما وصفته بـ “حملة ترهيب" ينفذها الحوثيون.
وقال البيان:" إن عمليات "الاعتقال" تظهر سوء النية في مزاعم الجماعة الإرهابية أنها تسعى إلى خفض التصعيد وتجعل من مزاعمها تمثيل مصالح الشعب اليمني مدعاة للسخرية".
يرجح مراقبون أن العام الجاري 2025، قد يشهد الكثير من التطورات في اليمن، سواء على صعيد حقوق الإنسان او على الصعيد السياسي والعسكري، الامر كله بحسب المراقبين يتوقف على مدى فهم مليشيا الحوثي لرسالة العالم أن المزاج الدولي قد تغير تجاه انتهاكات واستفزازاتها.