أعلن المعلمون في محافظة تعز وفي عدد من محافظات الشرعية إضرابا مفتوحا. وطالبوا في عدد من البيانات الصادرة عنهم إصلاح الإجور والمرتبات. وإعطاء المعلم كافة حقوقه الضامنة لحياة كريمة ولو في حدها الأدنى.
ولم يكتف المعلمون بهذا الإضراب. فقد خرجوا في مسيرات كبرى ومنظمة في عدد من المدن منددين بالانهيار الاقتصادي وغلاء الأسعار. وبوقوف الحكومة من عموم الشعب موقف العاجز المتفرج. وكأن الأمر لا يعنيها من قريب أو بعيد.
اللافت في الأمر أن الحكومة لم تعر هذا الإضراب أدنى إلتفاتة. رغم أن عموم المدارس أصبحت معطلة وخاوية على عروشها. وفي ذلك مؤشر على انهيار الدولة. وهو مؤشر تعمل له الحكومات الحية ألف حساب. وتتحاشاه بشتى الوسائل الممكنة.
واللافت أكثر في هذا الأمر أن الأهالي أيضا لم يعيروه أي اهتمام. ورضوا بأن تتلقف أبناءهم الشوارع في متواليات من الخراب. في حين أن الشعوب الحية تعد تعطيل التعليم خطرا يتهدد بقاءها. وأمرا لا يمكن السكوت عليه.
وما بين تجاهل الحكومة وصمت الأهالي يتحول المعلمون إلى باعة متجولين. ويتحول الطلاب إلى تجمعات مظلمة تتقاذفها الأزقة والحواري في سرديات مخيفة منذرة بقادم متوحش يدفع ثمن السكوت عنه كافة أفراد المجتمع.
وبالنظر إلى المبررات فأنّ المعلم يمتلك مبررات قوية للإضراب. ويكفي أن نعرف أن ما يتقاضاه في الشهر يحصل عليه معلم البناء في أربعة أيام. والبائع المتجول في خمس أيام. والعامل في ست أيام. كما أن ما يتقاضاه لايكفي لتوفير 50% من القوت الضروري.
هذا فيما يخص التعليم الحكومي. أما التعليم الخاص فإن مظالم العالم أجمع سُكبت هناك على مرأى ومسمع من الجميع. فبعضها دكاكين منتشرة يجني منها المستثمرون أرقاما خيالية. ويعيش فيها المعلمون دوامة من العمل المضني والعبث القاتل. ثم لا يجدون من ذلك إلا فتات الفتات.
إضراب المعلمين مبرر وحضاري. فما مبرر الحكومة في هذا التجاهل والنكران؟ وما مبررات الأهالي في هذا التناسي والتغاضي؟
فهل تخلت الدولة عن وظيفتها التعليمية؟
وهل تخلّى الآباء عن متابعة أبنائهم تعليميا. ونسوهم في مهب الميوعة والانحلال طرائد سافرة لكل المتربصين؟
أسئلة حائرة محيّرة.. لا يجد لها المعلمون القابضون على الجمر جوابا.