أبعاد المعارك الحوثية المستمرة في البيضاء

أبعاد المعارك الحوثية المستمرة في البيضاء

 

تحدث تقرير صادر عن مركز واشنطن للدراسات اليمنية عن تصاعد كبير في المواجهات العسكرية بين مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، وقبائل محافظة البيضاء خلال الأسابيع الماضية، في ظل مساعي المليشيات لتعزيز سيطرتها على هذه المنطقة الاستراتيجية.

 

وأوضح التقرير، الذي تابعه موقع "الصحوة نت" وقام بترجمته، أن صور المباني المدمرة في محافظة البيضاء خلال الأسابيع القليلة الماضية، بما في ذلك المباني السكنية التي تم قصفها وعائلات لا تزال بداخلها، لفتت الانتباه إلى الصراع المستمر والخسائر البشرية التي يتكبدها المواطنون اليمنيون على يد مليشيا الحوثي.

 

ولفت إلى أن الاهتمام الدولي تركز بشكل كبير على تهديد الحوثيين للملاحة في البحر الأحمر، بينما لم يُسلط الضوء بشكل كافٍ على الدمار الواسع الذي تسببوا به داخل اليمن، لا سيما في المناطق التي يسعون لإحكام قبضتهم عليها مثل البيضاء.

 

- أهمية البيضاء استراتيجيًا:

ذكر مركز واشنطن للدراسات اليمنية في تقريره الحديث أن البيضاء ليست مجرد محافظة يمنية عادية، بل تمثل نقطة ارتكاز جيوسياسية مهمة نظرًا لموقعها الجغرافي الحساس، حيث تحدها ثماني محافظات يمنية، مما يجعلها بوابة للسيطرة على عدة مناطق رئيسية.

 

وأضاف أن سيطرة الحوثيين على البيضاء تمنحهم تموضع استراتيجي، حيث تتيح لهم الوصول إلى مناطق النفط والغاز الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية، فضلًا عن تمهيد الطريق نحو باب المندب، وهو أحد أهم الممرات البحرية في العالم.

 

ومن هذا المنطلق، كثّف الحوثيون، خلال الأسابيع القليلة الماضية، جهودهم لتعزيز سلطتهم وتوسيع نفوذهم عبر المشهد اليمني المتشرذم، مع تركيز خاص على منطقة قيفة الاستراتيجية في البيضاء، وفق ما ذكره المركز.

 

- صراع طويل الأمد بين الحوثيين والقبائل:

أوضح التقرير أن المواجهات في البيضاء ليست حديثة العهد، بل تأتي ضمن صراع مستمر منذ أكثر من عقد بين الحوثيين والقبائل المحلية، التي ترفض الهيمنة الحوثية على أراضيها.

 

ونوَّه بأن هذه المعارك تعكس انقسامًا طائفيًا وتاريخيًا عميقًا بين الحوثيين والقبائل السنية التي تقطن المنطقة، مشيرًا إلى أن القبائل تمكنت في فترات سابقة من عرقلة التوسع الحوثي نحو المحافظات المجاورة.

 

وتمثل محافظة البيضاء، بالنسبة لمليشيا الحوثي، تحديًا استراتيجيًا وفرصة لتأمين تحالفات مع المجتمعات الخارجة عن سيطرتهم الأيديولوجية والسياسية. بحسب ما جاء في التقرير.

 

وأشار إلى أن الحوثيين يسعون لاستخدام البيضاء كقاعدة لفرض نفوذهم في المناطق ذات الأغلبية السنية، التي طالما واجهوا فيها تحديات تتعلق بشرعية وجودهم وأيديولوجيتهم، حيث كان تأثير الحوثيين في محافظة البيضاء تاريخيًا ضعيفًا في أفضل الأحوال.

 

ونقل التقرير عن عارف العمري، المتحدث باسم محافظة البيضاء، قوله إن الحوثيين ينظرون إلى المحافظة على أنها "إقليم شافعي أو سني" يجب إخضاعه لأيديولوجيتهم الشيعية.

 

- بُعد عسكري وتجنيد قسري:

قال مركز واشنطن للدراسات اليمنية إن الحوثيين، إلى جانب هدفهم الجيوسياسي، يسعون أيضًا إلى استخدام البيضاء كمصدر للقوى البشرية لتعزيز صفوف مقاتليهم، خاصة مع التراجع الكبير في أعدادهم خلال السنوات الأخيرة بسبب الخسائر المتزايدة.

 

وأوضح أن المقاومة الشرسة التي تبديها قبائل البيضاء جعلت الحوثيين يواجهون صعوبة في كسب الولاء داخل المحافظة، مما دفعهم إلى محاولة استقدام مقاتلين من مناطق أخرى.

 

وأكد العمري، في تصريحه للمركز، على أن مقاتلي المحافظة "معروفون بشجاعتهم وقدرتهم على الدفاع عن أرضهم"، مشيرًا إلى أن الحوثيين "عانوا" من أجل كسب ولاء المنطقة.

 

وأشار إلى أنه الحوثيين غالبًا ما يحاولون تجنيد مقاتلين من مناطق أخرى، غير البيضاء، حيث إن الإحساس المتأصل بالهوية والمقاومة وقوة الشبكات القبلية في البيضاء يعقد جهودهم في ترسيخ السلطة.

 

- توسع تحت غطاء مواجهة الإرهاب:

ذكر التقرير أن البيضاء شهدت على مدى السنوات الماضية صراعات عنيفة مع أطراف متعددة، أبرزها المعارك بين تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والقبائل المحلية خلال عامي 2013 و2014، حيث استغل الحوثيون هذه الفوضى للتوسع في المحافظة.

 

وأضاف أن الحوثيين وجهوا أنظارهم إلى البيضاء فور سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014، وبحلول ديسمبر من العام نفسه، بدأوا بالتقدم في المحافظة، مما أدى إلى اندلاع معارك عنيفة مع القبائل، خصوصًا في منطقة رداع.

 

أكد التقرير أن الحوثيين استخدموا وسائل الإعلام بشكل واسع في معركتهم للسيطرة على البيضاء، حيث قاموا بتصوير أنفسهم على أنهم في علاقات متناغمة مع القبائل المحلية، بينما حاولوا أمام المجتمع الدولي تصوير هذه القبائل على أنها تابعة لتنظيمي القاعدة وداعش، بهدف صرف الأنظار عن ممارساتهم القمعية.

 

وأضاف التقرير أن هذه الاستراتيجية الإعلامية تهدف إلى إحباط أي انتقادات دولية ضد الحوثيين، خصوصًا من قبل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، اللتين أدانتا انتهاكات الحوثيين في البيضاء.

 

 

- توصيات التقرير:

اختتم المركز تقريره بالتأكيد على ضرورة أن يقوم المجتمع الدولي بدعم الفصائل اليمنية المناهضة للحوثيين، والعمل على تجاوز الخلافات الداخلية لتشكيل جبهة موحدة ضد تمددهم العسكري.

 

وأكد التقرير أن المسار السياسي والعسكري المنسق، إلى جانب الضغوط الاقتصادية والدبلوماسية على الحوثيين وداعميهم الخارجيين، خاصة إيران، سيكون ضروريًا لوقف توسع الجماعة في البيضاء والمناطق المحيطة بها.

 

وقال إن إعادة تصنيف الحوثيين كـ"منظمة إرهابية أجنبية" قد يحد من قدرتهم على تلقي التمويل وتهريب الأسلحة، مما سيؤثر على حملاتهم العسكرية.

 

واختتم التقرير بالتأكيد على أن الحكومة اليمنية مطالبة بالاستفادة من التحولات السياسية الإقليمية والدولية، وتعزيز تحركاتها الدبلوماسية والعسكرية لإضعاف الحوثيين على جميع المستويات.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى