مئات الآلاف يتزاحمون بكل شوق، سيول هادرة وامواج متلاطمة بكل ارادة للعودة الى شمال القطاع ،وكأنهم ذاهبون إلى عرس، وليس إلى بيوت مهدمة وركام تحته احبابهم، بينما يتساءل قادة اسرائيل أين ذهب النصر المطلق أمام هذا المشهد، لقد فشلو في الانتصار على الروح والإرادة الفلسطينية، يقول الوزير الصهيوني (بن غفير ) هذه المشاهد لاعلاقة لها بالنصر المطلق بل هي استسلام تام، يقول احد العائدين: عائدون ولن ننزح لقد أخطأنا عندما خرجنا ولن نخرج من غزة".
احدى السيدات تقول بأريحية عجيبة لاتخلو من حزن مخبءٍ تحت نشوة النصر:" فقدت زوجي وابنائي وأبي وأنا أعود لوحدي لكننا سعداء بالعودة " وعجوز غزاوية تصرخ ( ياجبل مايهزك ريح) والبيوت نبنيها والشهداء الله يرحمهم.
اي قوة في الأرض يمكنها هزيمة هؤلاء او تهجيرهم، يالتعاسة (بن غفير ونتنياهو) وهم يروجون لمشروع التهجير الطوعي ؟؟؟!
الجموع البشرية تتدفق مثل السيل، دون تأخير حتى قبل مايفتح الحاحز ،يعكس امرا واحدا أن الشعب الفلسطيني يتحرك بقلب رجل واحد ونفسا واحدة ، بفرح يقولون بصوت واثق:
سنعود إلى بيوتنا؟
لم يعد هناك من بيوت؟
فقد تحولت لركام
فعن أي بيوت يتحدث هؤلاء ؟
حيث يسخر منهم الجاهلون وترتد سخريتهم ذهولا يسر الصديق ويغيظ العدو.
لم يعد هناك بيوت ولا أثاث وبعضهم لا أسرة ولا أهل، والكثير منهم تحت الركام ، لكنهم سيعودون إلى بيوتهم المنقوشة في أرواحهم يشمون عرفها ، يتشمموا ترابها ويستنشقوا الهواء، فهم لا يستنشقون سواها وخمرة التراب تجلب لهم الحظ وتذهب الحزن وتصنع الحياة، مغروسون بعمق الارض على مدى الأزمان ثم يأتي من يقول أن بإمكانه اغراء هذا الشعب بالهجرة الطوعية عن أرضه ؟!
ومازال مفتاح بيتهم الذي هُجروا منه في ٤٨م من القرن الماضي في جيوب الاحفاد.
غزة لم تعد ارضا كباقي الأمكنة إنها أرض ناطقة بالعشق وقوة إنسان خلق ليتشبث بالأرض ويصمد.
غزة اصبحت وامست رمزا للحياة ومعنى الوطن، وعنوان للتحدي والوجود والكرامة والدين.
لايوجد في قاموسهم الاستسلام أو رفع الراية البيضاء، سنة ونص ونتنياهو وجيشه يضربهم بكل أصناف القنابل أكثر من مائة ألف طن دمروا كل شي من أجل رفع الراية البيضاء وفي ذات لحظة غرور يقف نتنياهو ليقول لأهل غزة:
تخلو عن حماس اذا أردتم الحياة واخرجوا وارفعوا الراية البيضاء أظن هذا كلامه بالحرف وبالأخير نتنياهو هو من رفع الراية البيضاء باكيا، تزلزل الأرض ولا يتزحزح الغزاوي من أرضه والتجربة مازالت قائمة.
إنها أرض خصبة بالإنسان فهذه الأرض تنبت الشهداء والزيتون ومن خمرة التربة يستخرجون المسك والعنبر وأشياء لاتوصف وتكاد تكون محصورة فيها حيث لايضرهم أحد ولاتثنيهم قوة مخلوق إن عودة شمال غزة المهيب مقدمة وبروفة للعودة الكبرى وتغير وجه المنطقة، ومازال مفتاح البيت في النقب ويافا. والقدس محفوظا تتداوله الأجيال وما ضاع وطن وراءه شعب جبار.