المقاومة القبلية.. دور بارز في ترجيح كفة المعارك الوطنية

المقاومة القبلية.. دور بارز في ترجيح كفة المعارك الوطنية

تشكل القبائل اليمنية قوة رديفة للجيش النظامي، حيث لعبت دورا محوريا في حماية الدولة والتصدي لمحاولات التمرد منذ إعلان النظام الجمهوري في 26 سبتمبر 1962. بالنظر إلى أن القبائل تمثل غالبية المجتمع اليمني، فإن أفرادها يجمعهم شعور المسؤولية المشتركة تجاه أمن واستقرار البلاد، خصوصا في فترات غياب الدولة أو ضعفها.

 

بحكم تنظيمها الاجتماعي المحكوم بقواعد الأعراف والهرمية القيادية، أدت القبائل اليمنية دورا بارزا في مختلف التحولات الوطنية عبر التاريخ. في العصور القديمة، قامت الدول اليمنية على شكل اتحادات قبليّة مثل مملكة سبأ وحِمْير. وفي العصر الحديث، استمرت القبائل في تأدية أدوارها الفاعلة، خصوصا خلال الأزمات والتهديدات التي تواجه الدولة.

 

دور بارز في مقاومة الحوثي

 منذ انقلاب الحوثيين على النظام السياسي وسيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014، برز دور القبائل كقوة أساسية في الدفاع عن الدولة اليمنية. تحملت القبائل خلال العقد الماضي أعباءً كبيرة على المستويات البشرية والمادية والعسكرية في سبيل استعادة الدولة. كما لعبت دورا رئيسيا في تشكيل المقاومة الشعبية في عدة محافظات، مثل عزلة الشعاور في إب، عتمة بذمار، مريس بالضالع، البيضاء، وحجور في حجة.

 وخلال العقد الماضي، دفعت القبيلة ثمنا باهظا من أفرادها وقوتها المادية والعسكرية في سبيل معركة استعادة الدولة، وكانت وما تزال الرقم الصعب في قوة الجيش الوطني والمقاومة الشعبية التي تصدت للحوثيين في مختلف المحافظات، والتي كان لها الدور البارز في تشكيل المقاومة داخل مناطق سيطرتهم، سواء في عزلة الشعاور في إب أو عتمة بذمار أو في مريس بالضالع، مرورا بالبيضاء وحجور في حجة.

 

تأخذ المقاومة القبلية أشكالا متعددة تتأثر بالزمن والسياق الاجتماعي والاقتصادي الذي تنشأ فيه. ورغم التحديات، تشكل هذه المقاومة مصدر قلق دائم للحوثيين. فعلى الرغم من أن الدعم العسكري واللوجستي للمقاومة غالبا ما يكون محدودا، إلا أن أثرها يظهر بوضوح في الآتي:

 

1- إضعاف السيطرة المحلية:

 

يستغل الحوثيون الانقسام السياسي داخل القبيلة والذي تعزز منذ سنوات الاستقطاب الحزبي وانعكس سلبا على وحدة القرار، بالإضافة إلى عوامل أخرى، في الاعتماد على القبيلة في حماية سلطتهم في المحافظات.

 

وعندما يكون هناك مقاومة قبليّة بغض النظر عن المدى الزمني الذي تستمر فيه، فان هذه المقاومة تقوّض قدرة الحوثيين على بسط نفوذهم في المجتمعات المحلية وتحديدا المناطق القبلية، وكلما استمرت طويلا كلما أدت الى تقليص قدرتهم على التحكم في الموارد البشرية والاقتصادية، بالنظر الى أن المناطق القبلية تمثل العمق السكاني والجغرافي.

 

2- تحريك الجبهة الداخلية:

 

يضع الحوثيون أولوية قصوى لتأمين ما يسمّونها "الجبهة الداخلية" والتي تشمل مناطق سيطرتهم، ويعتمدون على عدة وسائل لتحقيق هذا الهدف، ولذلك فإن اندلاع مقاومة قبليّة يعني إضعاف هذه الجبهة والتأثير على معنوياتهم عسكريا وتشجيع المحاولات الشعبية على مقاومتهم.

 

كما أن وجود هذا النوع من المقاومة يمثل ملاذا آمنا لأي شخص يريد الانشقاق سواء من صفوفهم أو من أفراد القبائل الراغبين بمقاومتهم من الداخل.

 

3- استنزاف الموارد:

 

اندلاع المعارك مع القبائل في أكثر من مكان وبين فترة وأخرى، يشكل خطرا قائما عليهم من داخل مناطقهم ويدفعهم للقتال، وهذا بحد ذاته يستنزف قدراتهم العسكرية واللوجستية للحوثيين، مما يحدّ من قدرتهم على التركيز على الجبهات، وهذا يخدم القوات الحكومية في حال كان هناك قرار بالعمل العسكري.

 

 

4- توحيد القبائل ضدهم:

 

يعلم الحوثيون جيدا خطورة اندلاع مقاومة قبليّة ضدهم ليس فقط من الناحية الأمنية والسياسية، بل أيضا على مستوى ضرب سرديتهم في مواجهة أصحابها، إذ مهما كانت الذريعة التي قد يستخدمونها لقمعهم فهي أقل جاذبية وقبولا في أوساط القبائل، على اعتبار أن العمل المسلح داخل مناطقهم ينطلق من أسباب تثير حمّية القبائل وتدفعها للتوحد وتفعيل أعرافها، خاصة عندما تكون الأسباب متصلة بالقتل والخطف واقتحام المنازل وكلها من الجرائم المغلظة في العرف القبلي.

 

وقد كان لمثل هذه التجارب تأثير كبير على الحوثيين الذين وجدوا صعوبة في إقناع الناس بروايتهم للأحداث وتبرير التعامل الأمني والعسكري معها، كما حصل في هجماتهم العسكرية على منازل بعض القبائل الذين دافعوا عن أنفسهم أو انتقموا لأقاربهم الذين قُتلوا على يد الحوثيين.

 

التحديات أمام المقاومة القبليّة

 

إن نجاح المقاومة القبليّة يعتمد على مدى تنسيقها واستمراريتها، حيث قد تكون القبائل غير موحدة أو تواجه صعوبات في مواجهة الحوثيين الذين يمتلكون موارد عسكرية كبيرة.

 

وتتجلى أبرز التحديات التي تواجه المقاومة القبليّة في النقاط التالية:

 

1- افتقار الدعم اللوجستي: الكثير من القبائل تعتمد على إمكانياتها الذاتية التي غالبا ما تكون محدودة مقارنة بتسليح الحوثيين.

 

2- ضعف التنسيق: غياب قيادة موحدة أو استراتيجية شاملة للتنسيق مع الجيش الوطني والقوات الشرعية.

 

3- الحصار والتكتيكات الحوثية: الحوثيون يعتمدون تكتيكات مثل الحصار وقطع الإمدادات، وهذا حصل مؤخرا في قرية حنكة آل مسعود في مديرية القريشية بالبيضاء، كما حدث من قبل في عزلة الشعاور في العدين في إب.

 

دور الحكومة الشرعية في دعم المقاومة

 

 

ومع ذلك، يُمكن للحكومة الشرعية العمل على تجاوز بعض هذه التحديات من أجل الاستفادة من المقاومة القبلية التي تندلع ذاتيا هنا أو هناك في بعض الأوقات، من خلال توفير المتطلبات التالية:

 

1- الدعم العسكري واللوجستي:

 

توفير الأسلحة والذخائر بشكل منتظم، وتقديم دعم تقني (مثل التدريب على تكتيكات القتال الحديثة).

 

2- التنسيق السياسي والعسكري:

 

يمكن إنشاء قيادة موحدة بين الجيش الوطني والقبائل لضمان التنسيق في العمليات، الى جانب وضع استراتيجية موحدة لتحرير المناطق.

 

3- الدعم الاقتصادي:

 

تقديم مساعدات مالية لتعويض الخسائر التي تتكبدها القبائل، وتحسين الظروف الاقتصادية للمناطق القبلية لتخفيف الضغط على السكان.

 

4- التعزيز الإعلامي والمعنوي:

 

الاعتراف بدور القبائل في المقاومة وإبرازه إعلاميًا.

 

إذا تمكنت الحكومة الشرعية في بناء شراكة استراتيجية مع القبائل، وتقديم الدعم اللازم لتعزيز مقاومتها، فإن ذلك سيشكل ركيزة أساسية لتحرير اليمن من سيطرة الحوثيين. إن المقاومة القبليّة، برغم التحديات التي تواجهها، تظل عاملا حاسما في استعادة الدولة وإعادة الأمن والاستقرار لليمن.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى