قيفة تحت النار.. الحوثيون يكررون سيناريو غزة في رداع

قيفة تحت النار.. الحوثيون يكررون سيناريو غزة في رداع


تواصل مليشيا الحوثي تذكير اليمنيين بجرائمها البشعة التي تمارسها ضد المواطنين منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014، لتبقى حية في الذاكرة الشعبية، كما حدث مؤخرا في قيفة رداع بمحافظة البيضاء.

 

في الساعات الأولى لصباح يوم الخميس 9يناير الجاري، استيقظ أبناء قرية "آل مسعود" في مديرية القريشية قيفة رداع بمحافظة البيضاء (وسط اليمن) على وقع قصف حوثي استهدف منازلهم بمختلف أنواع الأسلحة وبشكل عشوائي.

 

حيث شنت مليشيا الحوثي هجومًا إرهابيًا غادرًا على حنكة "آل مسعود"، عقب محاصرتها للمنطقة وأبنائها منذ مطلع الأسبوع الماضي؛ لتندلع على إثر ذلك اشتباكات هي الأعنف بين رجال قبائل حنكة "آل مسعود" والحملة العسكرية التابعة للمليشيات.

 

واستخدمت مليشيا الحوثي في قصفها منازل المواطنين أسلحة من العيار المتوسط والثقيل بما فيها الدبابات، بالإضافة إلى استخدامها للطيران المسير، ما أدى إلى استشهاد وإصابة مواطنين بينهم نساء، واحتراق وتدمير عدد من المنازل والمساجد.

 

ووفقًا لحصيلة أولية، فقد أسفر القصف الحوثي العشوائي الذي استهدف القرية عن استشهاد مدني وإصابة 13 آخرين بينهم 3 نساء، في وقت لا تزال المليشيات تحاصر المنطقة وتمنع إسعاف الجرحى أو دخول المواد الغذائية.

 

كيف بدأت الجريمة الحوثية في البيضاء؟

 

في مطلع يناير الجاري، نفذت مليشيا الحوثي في محافظة البيضاء حملة أمنية ضد طلاب تحفيظ القرآن في أحد مساجد قرية حنكة "آل مسعود"، محاولةً إغلاق المسجد واعتقال عدد من مريديه من الطلاب.

 

ووفق مصادر محلية، فقد تصدى رجال قبيلة "آل مسعود" لقوات الحملة الأمنية الحوثية، وهو ما تسبب في إصابة عنصرين حوثيين من أفراد الحملة؛ لتفرض مليشيا الحوثي بعدها حصارًا خانقًا على المنطقة استمر لأكثر من أسبوع.

 

وفي فترة الحصار، سعت بعض الوساطات القبلية في البيضاء لاحتواء الأمر دون نشوب مواجهة عسكرية واسعة. وبحسب المصادر فقد "طلبت قيادات مليشيا الحوثي من مشايخ قبيلة "آل مسعود" التزامًا يضمن عدم تمرد "طلاب المسجد" أو معارضتهم لسلطة الحوثيين، وهو ما أثار سخرية أبناء المنطقة، إذ لا شأن للطلاب بالسياسة".

 

وقالت المصادر إن مشايخ قبيلة "آل مسعود" قدموا تطميناتهم لمليشيا الحوثي فيما يتعلق بطلاب المسجد من حفظة القرآن، مؤكدين على سلميتهم وبُعدهم الكامل عن السياسة؛ ليتفاجؤوا بانقلاب الحوثيين على جهود الوساطات وهجومهم العسكري الغادر على القرية فجر الخميس الماضي.

 

نهج حوثي صهيوني

وفي مشهد يؤكد على واحدية النهج بين الحوثية والصهيونية، تستمر مليشيا الحوثي باستهداف المدنيين في محافظة البيضاء، وبالتحديد رداع، فلا يكاد يمر عام دون أن تشهد البيضاء سلسلة جرائم مروعة تمارسها مليشيا الحوثي بنفس الأساليب التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة.

 

ولعل آخر هذه الجرائم، قيام مليشيا الحوثي، في مارس العام الماضي، بتفجير منازل على رؤوس ساكنيها في حي الحفرة بمدينة رداع، ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات من السكان بينهم نساء وأطفال، لتعود اليوم وتكرر السيناريو ذاته مع بداية هذا العام باستهداف قرية آل مسعود، في مشاهد قاسية تذكر بما يحدث في قطاع غزة من قبل العدوان الإسرائيلي.

 

وفي تقريرها الذي حمل عنوان "البيضاء بين القتل والحصار"، أفادت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات بأنها وثقت 7,742 انتهاكًا بحق المدنيين والممتلكات العامة والخاصة في المحافظة خلال الفترة من 1 يناير 2015 حتى أواخر العام الماضي.

 

وتأتي هذه الأفعال الجبانة في وقت يصدر فيه الحوثيون أنفسهم كمدافعين عن غزة ومناصرين لأحقية القضية الفلسطينية العادلة، بينما يقومون باستهداف المدنيين والمقدسات في اليمن على مدار العام، في سيناريو يؤكد وحشية ممارسات هذه المليشيات وتناقض ادعاءاتها بشأن القضية الفلسطينية.

 

شماعة الإرهاب

على خطى الادعاءات الإسرائيلية لمشروع المقاومة بارتباطها بالتنظيمات الإرهابية، اتهمت مليشيا الحوثي أهالي قرية آل مسعود بالإرهاب والانتماء لتنظيم داعش، كغطاء شرعي لإجرام حملتها الأمنية العسكرية على أبناء المنطقة.

 

ففي تبريرها لقصف المدنيين، قالت مليشيا الحوثي في بيان رسمي إن هدف الحملة الأمنية في منطقة حنكة آل مسعود بمديرية القريشية هو إلقاء القبض على العناصر التكفيرية التابعة لتنظيم داعش الإجرامي.

 

وفي تصريحات خاصة لـ"الصحوة نت"، سخر مدير مكتب حقوق الإنسان في محافظة البيضاء، صالح الحميقاني، من هذه الادعاءات الحوثية، قائلًا بأن اتهامات الحوثيين لأبناء القبائل هي ترديد لاسطوانة مشروخة عفى عليها الزمن وأصبحت نكتة أكثر من كونها تهمة.

 

وأضاف "يتم ترديد هذه التهم لأكثر من عشر سنوات ضد من يقف في وجه صلف الحوثيين وغطرستهم"، مشيرًا إلى أن الحوثيين لا يملكون عذرا لمواجهة المدنيين سوى بهذه الترهات وكما يقال - رمتني بدائها وانسلت- فإن كان للإرهاب معنى فالحوثي معناه وإن كان للداعشية أنصار فهم أنصارها، ممارسة لا مسمى.

 

ولفت الحميقاني إلى "أن من يزعم أنه يحكم أناس وأنهم اتباعه ومواطنيه لا يتعامل معهم بهذه الطريقة ولا يستخدم العقاب الجماعي لتطبيق القانون ولا يكون عاجزا عن الإمساك بشخص لدرجة أن يسيِّر حملة كاملة لهذا الغرض، فهذا يدل على أنه لا يحكم أحدا وأنهم ليسوا أتباعه".

 

رداع.. كابوس الكهنوت الحوثي

لطالما ظلت قبائل رداع، والبيضاء بشكل عام، كابوسًا يؤرق سلطة الكهنوت الحوثي منذ اليوم الأول لانقلابه، من خلال رفضها للمشروع الحوثي بانتفاضاتها المسلحة التي تولد بين الفينة والأخرى، وهو ما يفسر هذا الحقد الدفين الذي يكنه الكهنوت للبيضاء وأبنائها.

 

وفي هذا السياق، أوضح "صالح الحميقاني" بأن الاستهداف الحوثي لأبناء البيضاء تقف وراؤه عدة أسباب، أهمها محاولة الحوثيين تغطية ضعفهم في هذه المرحلة وإظهار قوة مزيفة من خلال صناعة انتصار مزيف على مدنيين لا يملكون أي قوة ولا يركنون لأي طرف داعم، مما يساهم في تضخيم الصورة النمطية لهم أمام أتباعهم وتغطية المخاوف التي تهدد وجودهم.

 

وقال "الحميقاني" في تصريحه لـ "الصحوة نت" إن الحوثي لا يزال يتذكر تمامًا ما كان يحدث له أثناء فترة الحرب ما قبل عام 2020 من أبناء القبائل قبل السيطرة الكاملة على محافظة البيضاء، وهو يحاول اليوم الثأر لتلك الأيام والتنكيل بأبناء القبائل.

 

وأشار إلى أن الحوثيين يحاولون الاستفراد بقبائل البيضاء ومنها قبائل قيفة، كل قبيلة وكل عزلة على حدة، فمرة مع أبناء خبزة وأخرى مع أبناء حمّة صرار وثالثة مع أبناء حارة الحفرة رداع ورابعة مع بيت الخضر السوادي وأخيرًا مع حنكة آل مسعود ليتأكد لهم مدى تفرقة أبناء القبائل وليضعفوا كل طرف بمفرده وهذا نهج إمامي بائد لا ينفك الحوثيون عن إعادة استخدامه.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى