"جريمة سعوان تهز صنعاء".. مظاهر الانفلات الأمني تتفاقم في مناطق سيطرة الحوثي

"جريمة سعوان تهز صنعاء".. مظاهر الانفلات الأمني تتفاقم في مناطق سيطرة الحوثي

يمثل الانفلات الأمني في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي تحديًا كبيرًا يهدد استقرار المجتمع ويزيد من معاناة المواطنين.

فالجريمة المنظمة، وغياب سيادة القانون، واستغلال الجماعات المسلحة للفراغ الأمني، يعكس واقعًا قاتمًا يعاني منه السكان يوميًا.

ففي ظل التدهور الأمني الذي تعيشه المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية وما تعانيه من انفلات أمني يجعل من الحياة هناك جحيم لا يطاق ففي كل يوم جريمة لا تقل بشاعة عن سابقاتها.

هذه  المرة كان الضحايا، طفلين شقيقين هما "أنس مالك مهدي الجندبي" (10 سنوات) و"إلياس مالك الجندبي" (9 سنوات). مع جدتهم المسنة "حليمة قاسم اليمانية" (70 عاماً) التي كان تعيش معهم في نفس المنزل.

 

 تفاصيل  الجريمة

في حي سعوان بالعاصمة صنعاء حيث كان مسرح الجريمة كانت تسكن حليمة مع زوجة إبنها وطفليها، بينما رب الأسرة كغيره من اليمنيين ممن دفعتهم الحرب الحوثية وما خلفته من أوضاع مأساوية دفعته إلى الغربة بحثا عن لقمة العيش بعيدا عن الأهل والوطن.

في أحد الأيام استعدت تلك السيدة المدعو هشام الصلوي الذي كان يعمل في ورشة لحام بجانب بيتها، دعته لإصلاح باب المنزل، لم تكن تعمل أن هذا القرار سيكلفها حياتها.

فبعد يومين من الرصد والمراقبة استغل الجاني الوضع بعد أن ذهبت الأم إلى السوق لشراء هدايا التخرج لطفليها، وما أن تهيأ له الوضع حتى باشر بالدخول إلى المنزل، وقام بتنفيذ جريمته البشعة مستخدما مطرقة حديدية هشم بها رؤوس الأطفال والعجوز الذين لم يكن لهم ذنب إلا أنهم كانوا متواجدون في المنزل أثنا الجريمة، محاولا بذلك إخفاء جريمته، وذلك حسبما أفاد مصدر مقرب من العائلة.

 

هدية الرحيل

 خرجت الأم إلى السوق لشراء الهدية وقلبها مليء بالفرح، لا تكاد تسعها الطريق، ما أن وصلت حتى أخذت ما طاب لها أن تأخذه ثم عادت سريعا وهي تتخيل نظرات الفرح في عيون طفليها بتلك الهدية.

ما أن دخلت البيت حتى وجدت طفليها جثتين هامدتين تغطيهما الدماء بجوار الجدة، وعلى الجانب الآخر يقف القاتل بوجه يشوبه الخوف والارتباك وعلى يديه آثار الدماء.

انهارت الأم على الأرض، تحتضن طفليها بما تبقى لها من قوة، صرخاتها تهز الجدران، وتبلغ الآفاق، لا تكاد تصدق ما ترى، تحلم أن تصحو من هذا الكابوس المخيف لكنه لم يكن كابوسا بل حقيقة نُفذت بيد لا تعرف معنى للإنسانية أو الرحمة.

بعد أن سمع أحد الجيران تلك الصرخات في المنزل أسرع بإبلاغ الشرطة وتم ضبط القاتل في مكان الجريمة، وبحوزته بعض النقود والمجوهرات، التي لم تغن عنه شيء، ولم يتلذذ بها ساعة بل خسر الدنيا والآخرة.

 

فقدان لا يعوض

"لا كلمات يمكن أن تصف الألم الذي أشعر به، فقدت أمي وأولادي ثمرة فؤادي في لحظة غدر آثمه" ينقطع صوته وعلى خده سيل من الدموع تحكي جانبا من الألم ثم يواصل قائلا" أريد العدالة.

بصوت مبحوح وقلب يتفطر وجعا وألما، تخرج تلك الكلمات بصعوبة من لسان أبو الطفلين بعد أن عاد من الغربة يبحث عن العدالة في بلد حولته المليشيات إلى غابة لا يحكمها قانون ولا ضمير.

أما زميل إلياس في المدرسة فلا يجد ما يعبر به عن حزنه لفراق زميله سوء تلك الدموع التي تتساقط دون توقف دون أن يستطيع أن يقول كلمة  احدة.

 

تضامن شعبي

الجريمة أثارت عاصفة من الغضب الشعبي، حيث نفذت وقفات تضامنية تطالب بالقصاص العاجل، دون تمييع للجريمة كما يحدث مع معظم الجرائم في مناطق سيطرت الميليشيات الحوثية.

"ما حدث لهذه العائلة يمكن أن يحدث لأي منا، يجب أن تكون هناك عدالة حقيقية لضمان الأمن ومعاقبة الجناة" بهذه النبرة الغاضبة يصرخ أحد المحتشدين في وقفة تضامنية مع الأسرة واستنكارا لتلك الجريمة التي لا يقبلها دين ولا وعرف ولا ضمير.

 

انفلات أمني

مئات الجرائم المماثلة شهدتها المحتلة صنعاء،  ففي 15 سبتمبر قتل رجل الأعمال المهندس فؤاد عايض المسلماني ونجله هشام على يد مسلحين حوثيين أمطروا سيارته بوابل من الرصاص أمام مركز سما مول التجاري بشارع الخمسين وسط العاصمة صنعاء وتمكن الجناة من الفرار بعد ارتكاب الجريمة.

وفي 10 نوفمبر قام المدعو "علوي صالح قايد الأمير" المُعيّن من قبل الحوثيين مديراً لقسم شرطة علاية في منطقة شميلة، بنصب كمين للشيخ صادق احمد أبو شعر أحد مشايخ إب في جولة دار سلم جنوبي صنعاء، حيث أُطلق عليه الرصاص وأرداه قتيلاً.

كما رصدت منظمة العدل والمساواة، 560 حادثة قتل راح ضحيتها 600 ضحية بينهم 140 طفلا و50 امرأة، ومن بين الضحايا 65 معتقلا، وسجلت قرابة ألفين و400 انتهاك في صنعاء منذ بدء العام 64% من الضحايا من الأطفال والنساء خلال العام.

 

المليشيا تعترف

في ظل تصاعد منسوب الجرائم بمختلف أنواعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الميليشيات الحوثية ، وبالتزامن مع فوضى أمنية عارمة وانتشار للعصابات المسلحة، أقرت الميليشيات بـ2875 جريمة خلال شهر مايو (أيار) الماضي.

 وذكر تقرير صادر عما يسمى مركز الإعلام الأمني للميليشات الحوثية، أن أغلب الجرائم التي تم تسجيلها الشهر الماضي تنوعت بين جرائم القتل والاعتداء والخطف ونهب الممتلكات، والسرقات بما فيها سرقة المنازل والمحلات التجارية والسيارات والدراجات النارية، وغيرها، هذا ما تم الإعتراف به وما خفي أعظم.

وتبقى هذه الجرائم، شاهدة على هشاشة الوضع الأمني في مناطق سيطرت الميليشيات الحوثية وما يعانيه ساكنو تلك المناطق من الفوضى وانعدام الأمن وستبقى تلك الجرائم ما بقي حكم الميليشيات الحوثية الإرهابية.

ومع الانفلات الأمني المتزايد في مناطق سيطرة الحوثي، تتفاقم معاناة المواطنين نتيجة تزايد الجرائم والانتهاكات التي تهدد حياة المدنيين وتزعزع استقرار المجتمع، وهو ما يتطلب جهودًا حقيقية وشاملة لاستعادة الدولة ومؤسساتها، والتصدي بحزم للممارسات التي تغذي الفوضى، وإنقاذ سكان المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثي من القتل اليومي.

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى