على وقع الزلزال السياسي الأخير الذي شهدته سوريا بسقوط نظام الأسد الإجرامي وسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على العاصمة دمشق، وانهيار المشروع الإيراني في البلاد، تصاعدت الدعوات الشعبية المطالبة بالتحرك لإسقاط مليشيا الحوثي التابعة لإيران في اليمن..
ناشطون يمنيون كثر عبر منصات التواصل الاجتماعي، دعوا الحكومة الشرعية إلى استغلال ما وصفوها بحالة الارتباك التي تعيشها الميليشيا ودعم التحركات القبلية المناهضة، لتحقيق الخلاص من الحوثيين وإنهاء تهديداتهم الإقليمية والدولية.
بينما تكاد تُجمِع كافة النخب السياسية اليمنية، على أن الحالة الحوثية لا تختلف كثيراً عن النموذج الإجرامي البشع لعائلة الأسد في سوريا، خصوصاً بعدما أوغلت هذه الجماعة الطائفية كثيراً في دماء اليمنيين بممارساتها الإرهابية الطويلة ، وقامت بتنفيذ آلاف الجرائم الممنهجة والفساد والطغيان وألحقت مآسي وجراحات وأضرارًا جسيمة بكل فئات المجتمع اليمني المختلفة على مدى السنوات العشر الماضية.
ويختصر الكاتب اليمني، عادل الأحمدي، حالة الصراع القائم في اليمن، بالإشارة إلى حقيقة مهمة مفادها أنه "لم يعد ثمة خارطة وليس هناك اتفاق.."
ليؤكد في أحد مقالاته الأخيرة أن "الحوثي لن ينبطح، وليس أمام اليمنيين إلا أن يحزموا أمرهم ويبطحوه، فبقاؤه عار على جبين كل يمني، والدور قادم عليه لا محالة، ولكلّ أجلٍ كتاب"..!
ومثلما ذهبت إليه رؤية الأحمدي للوضع، يرى العديد من المراقبين والمتابعين للشأن اليمني، كذلك، أن الشعب اليمني يعيش هذه الأيام مرحلة تاريخية مفصلية في صراعه مع مليشيا الحوثي المدعومة من إيران،
ويؤكد المراقبون أن اليمنيين، يقفون اليوم على أعتاب معركة حاسمة تهدف إلى اجتثاث هذا الكيان الإرهابي من كل شبر من التراب الوطني.
لافتين إلى أن المليشيا الحوثية تعيش اليوم حالة ضعف غير مسبوقة على الجبهات العسكرية، بجانب تفاقم الخلافات الداخلية، وتصاعد الضغوط الدولية التي تفرض مزيداً من العقوبات على الجماعة وتحد من تحركات قياداتها في الداخل والخارج.
الأمر الذي يعده المراقبون بمثابة الفرصة الذهبية أمام الشعب اليمني للانتفاض ضد هذه العصابة الإرهابية وممارساتها القمعية التي تنتهجها من قتل وتعذيب واعتقالات تعسفية ونهب وسلب حقوق وأموال اليمنيين متسببة بتراكم حالة واسعة من الاحتقان والغضب الشعبي في مختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.
يتحدث الناشط اليمني ابراهيم حمود عسقين، عن ما وصفها بعمليات تصفية ممنهجة تقوم بها مليشيات الحوثي بحق المشايخ الاحرار ورجال القبائل من اصحاب المواقف المعارضة لممارسات المليشيات..
وكمثال بسيط على واقع الحال، كشف عسقين في منشور له على صفحته بالفيسبوك، عن آخر ضحايا عمليات التصفية التي يقوم بها الحوثيون، وهو الشيخ علي السنفاني احد مشايخ منطقة يريم بمحافظة إب، الذي أصيب برصاص المنتحل صفة مدير أمن يريم المدعو ابو حمزه السحاري ..
مضيفاً بأن المدعو ابو حمزه بسط على ارضية احد التجار من قرية سنفان وهي قرية الشيخ علي، "فتدخل الشيخ علي السنفاني لحل المشكلة وردع المتهبش المنتحل صفه مدير الامن في منطقة يريم، ليقوم ابو حمزه بإطلاق النار عليه مباشرة".
حراك قبلي واسع وغليان شعبي متصاعد:
على مدي الأسابيع الأربعة الأخيرة، شهدت بعض المناطق اليمنية الخاضعة لسيطرة المليشيات الانقلابية، حراكاً قبلياً واسعاً ومتواصلاً ضد الحوثيين، وصفه بعض المراقبين بـ"شرارة ثورة شعبية"،
حيث امتدت الاحتجاجات القبلية الغاضبة التي تداعى لها بعض مشايخ ورجال القبائل إلى شوارع العاصمة صنعاء، التي ما زالت تشهد احتجاجات ووقفات تنفذها عدد من القبائل اليمنية التي تطالب بتنفيذ احكام قضائية، والقبض على قتلة ينتمون للمليشيات الانقلابية،
فقد احتشد السبت قبل الماضي المئات من أبناء قبائل بني مطر للمطالبة بالقصاص من قتلة ثلاثة من أبنائهم، الذين قُتلوا بعد استدراجهم إلى العاصمة على يد قيادي في صفوف العصابة الحوثية.
ونظمت قبائل "بني مطر"، الواقعة جنوب غرب صنعاء، وقفات احتجاجية حاشدة، أمام مجمع القضاء العسكري للمطالبة بالقصاص من أحد القيادات الحوثية المتوسطة، المتهم بقتل 3 من أبناء القبيلة وإصابة اثنين آخرين بجروح بالغة.
وأكدت القبائل رفضها أي محاولات للتستر على الجاني أو الالتفاف على مطالبها، مشددة على استمرار الاحتجاجات التصعيدية حتى تتحقق العدالة. ورفضت دفن الضحايا الذين قُتلوا أثناء استدراجهم لتأمين فعالية حوثية، مطالبة بسرعة تنفيذ القصاص.
وفي السابع من ديسمبر المنصرف، توافدت قبائل محافظة إب، إلى صنعاء، تلبية لداعي النكف القبلي الذي أطلقه أبناء ووجهاء مديرية الشعر، للتضامن مع أسرة الشيخ القبلي صادق باشعر، الذي اغتيل برصاص عناصر حوثية يتقدمها المدعو "علوي صالح قايد الأمير" المُعيّن من قبل المليشيا مديراً لقسم شرطة علاية في منطقة شميلة جنوب العاصمة صنعاء.
وتصاعدت حدة الاحتجاجات بعد أن أعلنت لجنة المتابعة القبلية في قضية الاغتيال المذكورة، أنها زارت حجز النيابة وتأكدت أن القيادي الحوثي ومرافقيه المتهمين بجريمة الاغتيال لم يتم القبض عليهم.
ومنذ انقلابها حولت ميلشيات الحوثي القضاء إلى مجرد أداة في يدها، للانتقام من المعارضين لانقلابها، وللعفو عن المنتمين لها، وترهيب الخصوم وفرض الرعب على حالة الرفض والخضوع للسياسات الرجعية والكارثية التي تنتهجها الجماعة الموالية لإيران.
ويرى مراقبون أن الاحتجاجات المتصاعدة في المناطق الشمالية تُثير مخاوف الحوثيين من اندلاع انتفاضة شعبية في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، خصوصاً في ظل الضغوط المتزايدة والارتدادات السلبية على الميليشيا بسبب الضربات التي تلقتها الأذرع الإيرانية في لبنان وسوريا.
حيث تعكس هذه التحركات القبلية المتصاعدة، حالة الغليان الشعبي المتصاعدة ضد ميليشيا الحوثي، وهو ما يُنذر – بحسب المراقبين-، بتغيرات قادمة في المشهد اليمني، خصوصاً إذا ما تضافرت الجهود القبلية والحكومية الشرعية لإنهاء سيطرة الحوثيين على البلاد.
دعوات للتحرك
في محافظة مارب، عقد قبل أيام، اجتماع قبلي دعا فيه عشرات المشايخ والشخصيات الاجتماعية إلى ضرورة الإسراع في حسم معركة استعادة الدولة.
الاجتماع الذي نظمه مركز البحر الأحمر للدراسات، وشارك فيه عدد من المشايخ والشخصيات الاجتماعية من مختلف المناطق والقبائل اليمنية، شدد على أهمية عقد مؤتمر قبلي شامل يضم جميع قبائل اليمن لدعم الحكومة الشرعية في جهودها لتحرير اليمن من مليشيات الحوثي الإرهابية، ومنع التوسع الإيراني في البلاد.
وأعلن المشاركون عن استعدادهم التام للتعاون في مقاومة أفكار الحوثي وأنشطته، ومواجهته في ميادين البطولة والكفاح.
وكان الشيخ عبد الواحد القبلي، أحد قادة القبائل البارزين، دعا الحكومة الشرعية لاستغلال لحظة ضعف الحوثيين، مؤكدًا أن القبائل على أهبة الاستعداد للتضحية في سبيل استعادة العاصمة وباقي المناطق.
ومن جانبه يرى الكاتب الصحفي سيف الحاضري، رئيس مؤسسة الشموع وأخبار اليوم للصحافة-، أن الوضع في اليمن لا يحتمل المزيد من التردد.
مؤكداً أن تحرير صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران بات ضرورة ملحة لا تقبل التأجيل.
وقال الحاضري في منشور له عبر صفحته بالفيسبوك، إن تأخير الحسم يعني فتح المجال أمام إيران لاستخدام هذه المناطق كأدوات ضغط في صراعاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل.
مضيفاً بأن "تحول صنعاء إلى ساحة حرب دولية يعني دمارًا شاملًا للشعب اليمني، الذي يعيش بالفعل في ظروف مأساوية غير مسبوقة."
ودعا الحاضري، مجلس القيادة الرئاسي أن يتحمل مسؤوليته التاريخية في حماية الشعب اليمني واتخاذ قرارات شجاعة بعيدًا عن الضغوط.
محذرا في الوقت ذاته بالقول إن على السعودية أن تدرك أن تأخير الحسم العسكري يُعد تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي، فإيران لا تستهدف اليمن وحده، بل تسعى للسيطرة على المنطقة بأكملها عبر أدواتها في صنعاء والحديدة.
ولفت الحاضري إلى حالة التذمر الشعبي في اليمن، والتي بلغت ذروتها، مضيفاً أن الغضب الشعبي بات أشبه ببركان يغلي تحت السطح، وقد ينفجر في أي لحظة إذا استمرت القيادة في التردد وتجاهل مطالب الشعب..!