تعيش المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون حالة من التوتر والاحتقان الشعبي، حيث يتصاعد الاستياء جراء الجرائم والانتهاكات المتواصلة ضد المواطنين.
ففي ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة والتدهور الأمني، خرجت التظاهرات الشعبية في العديد من المدن والمناطق، معبرة عن غضبها تجاه ما يعتبره السكان تصعيدًا مستمرًا في الاعتداءات على حقوقهم.
تتنوع هذه الجرائم بين القتل، والاعتقال التعسفي، وفرض الضرائب غير القانونية، بالإضافة إلى تقويض الحريات العامة والمساس بكرامة المواطنين.
حيث يواصل العشرات من المواطنين للأسبوع الثاني على التوالي اعتصامهم المفتوح في إحدى مديريات محافظة إب، للمطالبة بالقبض على عصابات مسلحة مرتبطة بمليشيا الحوثي.
وقالت مصادر محلية إن مواطنين من أسرة "مغنيز" في مديرية الرضمة شمال شرق محافظة إب، يعتصمون منذ الأسبوع الماضي أمام مبنى المجلس المحلي بالمديرية للمطالبة بضبط متورطين بجرائم قتل ونهب طالت العديد من المواطنين في المديرية.
وأضافت المصادر، أن المعتصمين يطالبون بضبط قتلة الشاب "وسام صالح يحيى مغنيز" والذي قُتل الإثنين الماضي، أثناء عودته إلى قريته، بكمين وقع في طريق "بني قيس الحرف وبيت مغنيز" شمال غرب المديرية.
يأتي اعتصام في مديرية الرضمة أثناء نشر مليشيا الحوثي مئات من عناصرها في مركز المحافظة لمنع اعتصام آخر للمطالبة بالقبض على قتلة الشيخ أبو شعر، بينما تزداد التوترات الشعبية المطالبة بالقبض على المجرمين القتلة المحميين من المليشيا الحوثية.
الاحتجاجات تمتد لصفوف الحوثي:
قالت مصادر محلية، إن عشرات المسلحين قدموا من منطقة كتاب التابعة لمديرية يريم (شمال إب)، واحتشدوا أمام شرطة محافظة إب، للضغط على المليشيا بضبط قتلة (جميل علي ناجي) الذي قُضي عليه برصاص عناصر حوثية في خلاف على أراضي مطلع الشهر الجاري.
وأضافت المصادر أن المجاميع المسلحة طالبت المليشيا بسرعة ضبط القتلة الذين يتبعون القيادي عبدالواحد المروعي المُعين من المليشيا وكيلاً لمحافظة إب، للشؤون الفنية.
واتهم المسلحون سلطات المليشيا بالتستر على القتلة وعدم تسليمهم للقضاء رغم مرور ثلاثة أسابيع على الحادثة.
وكان (جميل) الذي يعمل عنصر أمن في قسم مفرق حبيش، قد قتل مطلع ديسمبر الجاري، برصاص عناصر حوثية تتبع القيادي المروعي، أثناء ما كان في حماية عمال بناء في قطعة أرض متنازع عليها في مفرق سوق الرجاد بمديرية المخادر، شمالي المحافظة، بموجب توجيهات من المحكمة.
أما في ذمار فقد استشاطت القبائل والرأي العام غضبا ضد قرار من مهدي المشاط القيادي الحوثي الذي أصدر عفوا عاما عن عنصر حوثي مدان بالقتل العمد لمواطن من قبيلة عنس، رغم ثلاثة أحكام قضائية بإعدامه تعزيرا صدرت من المحاكم الابتدائية والاستئنافية والعليا.
وأثار القرار الحوثي تداعيا قبليا على الفور لقبيلة عنس التي ينتمي إليها الضحية، وقال بيان صادر عن اجتماع القبيلة السبت الماضي " تحذر قبائل عنس أنه في حالة عدم الاستجابة لإبطال قرار العفو فإنها متمسكة بحقها في التصعيد السلمي وفق المسارات القانونية والقبلية والاجتماعية التي تخول الحق أولياء الدم من اجل إنصافهم وأن القبائل لا يمكن لهم التغاضي عن داعي أخوتهم وقبليتهم والدفاع عن حقوقهم وأنه لن يثنيهم أي أمرعن تحقيق ذلك".
ووفق البيان لم يقتصر الغضب القبلي والاجتماع الرافض لقرار المشاط على قبيلة عنس بل امتد ليشمل قبائل عدة في محافظة ذمار والبيضاء المجاورة.
ومن البيضاء خرجت مجاميع قبلية في قيفة رداع للمطالبة بالإفراج عن أحد أبنائها المحتجز لدى الحوثيين كان يعمل معهم منذ سنوات.
وقالت المصادر إن تحركات قبلية في رداع خلال الأيام الماضية أدت لإجبار مليشيا الحوثي على إطلاق سراح سيف الزيلعي الذي قتل عناصر حوثية ثأرا لأخيه في مارس الماضي وأدت رد فعل حوثية إلى تدمير منازل سكنية على رؤوس ساكنيها في مارس الماضي وأشعلت الرأي العام. دفعت تلك التطورات قبائل من آل الجوفي للتحرك لإجبار عناصر الحوثي على إطلاق أحد عناصر الحوثي بذات القضية حيث تقول قبائله إنه لا علاقة له بالتفجيرات. ووفق مصدر قبلي تحدث للصحوة نت إن كانت مليشيا الحوثي قد أفرجت عن الزيلعي فالأولى أن تفرج عن ابنها وإلا فإن التصعيد يتخذ مجرى متصاعدا.
وبحسب المصادر فإن قبائل الجوفي في قيفة رداع تنوي تنفيذ تظاهرة ضخمة الجمعة المقبلة في رداع كبرى مدن محافظة البيضاء وسط اليمن.
إلى الشمال من صنعاء
انتفضت قبائل ذو سيلة في مديرية حوث بمحافظة عمران، ضد حملة مسلحة حوثية قادها المشرف الحوثي "أبو قاسم"، حاولت اقتحام القرية لاختطاف المواطن سلطان سيلة.
أفادت المصادر أن الأهالي، رجالاً ونساءً وأطفالاً، واجهوا الحملة بالرصاص والعصي والحجارة، ما أجبر المليشيا على التراجع بعد إطلاقها النار على منزل المواطن سلطان سيلة؛ المواجهات انتهت بطرد المسلحين الحوثيين خارج القرية.
وثقت مقاطع الفيديو، المواجهة التي أظهرت فشل الحملة الحوثية، وسط مؤشرات متزايدة على تصاعد المواجهات بين القبائل والمليشيا الإرهابية التي واصلت انتهاكاتها بحقهم.
وفي صنعاء نفسها تواصل عدد من القبائل التظاهرات بما فيها قبائل بني مطر المطالبة بالقبض على عناصر حوثية متورطة في قتل عدد من أبناء القبيلة، وترفض مليشيا الحوثي القبض عليهم.
وبحسب المصادر فإن المتظاهرين يطالبون بالقبض على عناصر حوثية قتلت عناصر أخرى تنتمي إلى بني مطر وترفض المليشيا القبض عليهم.
ما الذي يعنيه التظاهر؟
تشير رقعة التظاهر اتساعا جغرافيا واضحا يشمل محافظة إب مركز الاحتجاج الأكبر في مناطق سيطرة الحوثيين، ورداع في البيضاء، وعنس في ذمار، ومدينة صنعاء نفسها وصولا إلى محافظة عمران، بينما تمكن قبليون في الجوف من خطف عناصر حوثية لإجبارها على إطلاق سراح عيال الشيخ أحمد السنتيل مطلع الأسبوع الجاري.
لا يقتصر اتساع المظاهرات على البعد الجغرافي، فهناك أيضا تسارع وتيرة الاحتجاجات بشكل مذهل أكثر مما كان يتخيله أي شخص مراقب للأوضاع في اليمن يعرف كيف كانت العلاقة بين الحوثية والشعب قائمة على القمع والقهر والعنف والسلاح.
الجديد في التظاهرات الأخيرة كما في حالة تظاهرات في رداع وبني مطر أن المشاركين فيها يمكن القول عنهم إنهم كانوا في وقت سابق غير مناهضين بحدة لمليشيا الحوثي حيث إن المتظاهرين يحتجون على مقتل وخطف عناصر حوثية من قبل عناصر حوثية أخرى.