العبور إلى الحياة.. طريق الحوبان قصة صمود وتحدي

العبور إلى الحياة.. طريق الحوبان قصة صمود وتحدي

 

على منفذ جولة القصر المؤدي إلى شارع جمال وسط المدينة، تزدحم مركبات الداخلين إلى المدينة منذ يونيو/ حزيران الماضي، بعد نحو 10 سنوات من إغلاق الطريق الرئيسي من قبل ميلشيات الحوثي، تروي الزحمة قصة ربما لا يعرفها الكثير من العابرين.

 

رغم زحمة السير يتنقل الناس بمرونة عالية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، وتواجهك لوحة في النقطة الأمنية الأولى "مرحباً بكم في أول كيلو متر حرية وجمهورية"، ومع تقادم سنين الحرب ربما لا يعرف جيل من الشباب في العشرينات، قصة جريمة الحصار الذي فرضتها الميلشيات في بدايات الحرب الأولى.

 

ومنذ سبعة أشهر تم فتح طريق جولة القصر حيث تسيطر ميلشيات الحوثي على منطقة الحوبان وتفرض حصاراً على كل الطرق المؤدية إلى وسط المدينة حيث تسيطر قوات الجيش الوطني، على الجانب الأكثر كثافة سكانية في تعز، والتي تعد الأكثر كثافة سكانية على مستوى اليمن.

 

سهل فتح الطريق الاستراتيجي التنقل أمام السكان من المرور في طرق فرعية وعرة حيث كان يحتاج التنقل 6 ساعات بينما أصبح الان حوالي نصف ساعة تقريباً ويعتمد على زحمة المرور، لكن الحصار مازال مفروض على المدينة بإغلاق طرق أخرى في ذات المسار، بالإضافة إلى إغلاق الطريق 12 ساعة ليلاً أمام المسافرين من الساعة 7 مساء إلى 7 صباحاً.

 

قصة الأيام الأولى للحصار الحوثي

ربما لا يعرف الكثيرون قصة الحصار الحوثي في أيامه الأولى على مدينة تعز تحديدا خلال العام 2015 حيث سيطرت ميلشيات الحوثي على كل المدينة عدا بضعة من الشوارع الضيقة وسط المدينة، وكانت تتمركز في قلعة القاهرة التأريخية، وفرضت حصاراً خانقاً.

 

كانت مدينة تعز مكشوفة أمام حقد ميلشيات الحوثي معزولة من كل مقومات القوة المادية، ماعدا إيمان أبنائها وبسالة رجالها المقاومين الذين أسسوا نواة الصمود الأسطوري في أحياء ضيقة، أمام همجية كان هدفها إذلال المدينة وإخضاعها لسيطرتها.

 

بدأت ميليشيات الحوثي منذ يونيو 2015 فرض حصاراً خانقا على المدينة بإغلاق طرق الحوبان من المنفذ الشرقي، وبير باشا في المنفذ الغربي.  

 

يتذكر محمد قاسم (45عاماً) الأيام الأولى للحصار الحوثي بالقول "كانت غطرسة ميلشيات الحوثي أكثر حقداً على المدينة وأبنائها حيث حاصروا أحياء المدينة بالقناصات الذين كانوا يعتلون البنايات العالية، يقتلون كل شخص يتحرك وكانت القذائف لا تتوقف على الأحياء".

 

كانت ميلشيات الحوثي تتمركز في معبر الدحي وهو المنفذ الذي كان يتنقل فيه الناس وينقلون حاجاتهم، وقال قاسم "كانت الميلشيات تجرد الناس مما يحملونه من حاجات معيشية أساسية ويفتشون بشكل دقيق ويتعمدون إهانة السكان بشكل منهجي، ويصادرن أشياء بسيطة يحملها الناس لمطبخهم".

 

إذلال المجتمع الرافض للحوثيين

تشكلت المقاومة الشعبية ضد ميلشيات الحوثي في ذروة نشوة السيطرة الحوثية ومحاولة اقتحام مدينة تعز في أواخر عام 2014، تستعد بأشكال مختلفة لمنع أي سيطرة للميلشيات على المدينة، وبدأت على مستويات قيادات في الجيش وبقيت مع صمود المجتمع الحاضن لها والذي شكل المقاومة من حاراتها وعمقها الاجتماعي.

 

كان ومازال هذا الصمود والتحدي في مدينة تعز مزعج للميليشيات الحوثية، لذا كان خيارهم هو استهداف المجتمع بكافة فئاته، من خلال فرض الحصار الخانق وممارسة الاذلال على المواطنين، وقصف عشوائي يستهدف الأحياء السكنية، مازالت آثارها إلى الان.

 

مارس الحوثيون عملية إذلال ممنهجة على السكان، وبرز "معبر الدحي" غربي مدينة تعز كعنوان للجريمة الحوثية وكان يعرف بـ"معبر الموت" حتى تحريره في مارس/ آذار 2016، لكن بعد ذلك انتقل الحصار إلى مستوى أوسع خلال التسع السنوات الماضية.

 

"عبد العليم حمود" كان يملك بقالة صغيرة في وسط المدينة، يسرد تفاصيل الأزمة الخانقة في الحصول على مياه الشرب النقية، يقول "كان الأطفال والنساء يقفون بطوابير طويلة أمام البقالات من أجل الحصول على دبة ماء 10 لتر صالحة للشرب بسبب توقف جميع محطات تنقية المياه ومنع دخولها إلى المدينة".

 

في معبر الدحي تم نصب تذكار صغير حاليا من قبل السلطة المحلية بتعز للتذكير بالحصار الخانق التي تعرضت له المدينة، وبرزت كافة الانتهاكات من قبل ميلشيات الحوثي ضد السكان من الاعتداء الجسدي بالضرب ولم تستثنى النساء والاطفال من ذلك.

 

وفي تقرير وثق جانب من الممارسات في معبر الدحي، قال أحد الشهود "أمام عيني ضربوا امرأة ورموا كرتون الماء الذي أرادت أن تدخله، وشيخ مسن تعرض للضرب المبرح من قبل اثنين" ويضيف "رأيت امرأة تترجى القائمين على النقطة من الحوثيين لإدخال أسطوانة الغاز، لكنهم كانوا يصرخون عليها ومنعوها ممنوع دخول الغاز".

 

ما الذي تغير في تعز؟

منذ عشر سنوات من الحصار والحرب جرت كثير من المتغيرات بمدينة تعز المكتظة بالسكان، لكن الثابت الآن والواضح لأي زائر، المدينة تحظى بحالة استقرار بجهود قوات الأمن المتماسكة في مواجهة التحديات، وغالبية مشاكل المدينة ترتبط بفعل بقاء سيطرة الميلشيات على جزء من المدينة.

 

وتعد مدينة تعز شحيحة في الموارد الاقتصادية وخاصة مع سيطرة ميلشيات الحوثي على الجانب الصناعي في المدينة حيث يوجد في منطقة الحوبان أكبر المصانع والشركات التجارية، في حين تتركز الكثافة السكانية وسط المدينة حيث سيطرة الحكومة الشرعية.

 

في مدخل تعز الشرقي عبر جولة القصر، يزدحم المواطنون في الدخول إلى المدنية، لأغراض مختلفة كثير منهم يجدون في التسوق من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية أرخص بكثير مقارنة بمناطق سيطرة ميلشيات الحوثي، مع تفاوت أسعار الصرف بسبب الانقسام النقدي.

 

رغم حالة الاختناق المروري الذي تعيشه المدينة بسبب كثافة السكان فيها، لكن الحيوية لافته لدى سكان المدينة الباحثون عن الخلاص من ميلشيات الحوثي التي تتمركز في مناطق واسعة تسببت بالأزمة التي يعيشها السكان ووجود أحياء ومناطق واسعة خالية من السكان بسبب الخطر الذي يهددها من الحوثيين.

 

وقال "محمود" أحد مالكي المنازل بتعز "أن فتح طريق جولة القصر جعل الكثير من السكان انتقلوا مع عوائلهم للسكن في المدينة رغم بقاء أعمالهم في منطقة الحوبان، مما تسبب بأزمة في إيجاد شقق سكنية".

 

ما زالت آثار الحرب ظاهرة في أحياء مدينة تعز، بآثار وابل الرصاص على المنازل في الاحياء السكنية والقذائف التي سقطت على المدينة والمنازل المدمرة والتي تم تفجيرها من قبل ميلشيات الحوثي، كل هذه الشواهد تبقى معركة حية في وجدان المقاتلين للخلاص من الميلشيات ومحاسبتها على الجرائم التي ارتكبتها بحق السكان.

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى