عندما غزت أميركا العراق، لم تبخل إيران في أن تقدم للأمريكان المعلومات اللازمة تزلفا و توسلا من جهة، و انتقاما من العراق من جهة أخرى.
لكن إيران و بعد أن احتلت القوات الأميركية العراق، أصابها ذعر شديد،كما يقول تريتا بارزي، صاحب كتاب: حلف المصالح المشتركة: التعاملات السرية بين إسرائيل و إيران و الولايات المتحدة الأمريكية. و هو إيراني عمل في الخارجية الإيرانية.
كان باعث الذرع لدى إيران خوفا من أن تكون الهدف الثاني بعد العراق.
و لأن ملالي طهران لا يتورعون للوصول إلى غرضهم من أن يبيعوا أو يضحوا بأقرب حلفائهم ؛ فقد ظهر ذلك جليا فيما أقدمت عليه طهران من تنازلات لتتحاشى إسقاط نظام الملالي.
في الكتاب أعلاه يقول صاحبه، أن نتائج ذلك الرعب و الفزع دفع القيادة الإيرانية إلى تقديم قائمة تنازلات للأمريكان.
و لما لم تكن هناك علاقات بين البلدين، و كان السفير السويسري هو من يقوم برعاية المصالح الأميركية في إيران، فقد استدعته القيادة الإيرانية ليطير بقائمة التنازل التي أقرتها القيادة الإيرانية إلى واشنطن.
كان من أهم تلك التنازلات أن عرض الملالي في مقترح تنازلاتهم، الآتي:
ــ فتح ابواب البرنامج النووي على مصراعية أمام عمليات تفتيش دولية غير مقيدة ؛ لإزالة مخاوف واشنطن !
ــ دعم عملية نزع سلاح حزب الله و تحويله إلى حزب سياسي صرف.
ــ التوقيع على البرتوكول الإضافي الخاص بعدم انتشار السلاح النووي.
ــ استعداد الإيرانيين لقبول الأمريكيين المشاركة بكثافة في البرنامج النووي كضمانة إضافية و رسالة على حسن النية.
طار السفير السويسري فرحا مسرورا إلى واشنطن لإعطاء الأمريكيين قائمة التنازلات، التي أوردنا هنا بعضها، لكن الإدارة الأميركية رفضت ــ بغرور ــ قائمة التنازلات تلك، التي كانت برغبة مُلحّة من : مرشد إيران خمنئي و خاتمي رئيس الجمهورية حينئذ، و وزير الخارجية ظريف، و اثنين أو ثلاثة آخرون.
كان نائب الرئيس الأميركي ديك تشيني، و وزير الدفاع رامسفيلد رافضا لقائمة التنازلات، حيث رفضاها رفضا نهائيا.
و حمل السفير السويسري الخيبة للقيادة الإيرانية، التي كانت على استعداد تام في أن تضحي بأول ذراع لها صنعته في المنطقة ، و هو حزب الله.
بَيع الحليف، و التنكر للشريك من قبل السلطة الإيرانية بدت تتضح أكثر فأكثر ، فقد انتفشت إيرن انتفاشة كبيرة ؛ خاصة بعد أن صنعت لها عصابات، و مليشيات تخدمها كحزب الله في لبنان، و السلالة الحوثية في اليمن، و التغلغل في سوريا، و قد سبقت في سيطرتها على دولة العراق.
لكن طهران حين تحيط بها شدُة، أو أزمة لا تبالي أن تبيع أي شريك بيع الرواح.
السلالة الحوثية، باعت الزيدية، و باعت الهادوية من أجل عيون (قم)،و طهران ستببعهم أجمعين !
و اليوم ، انفتح أمام إيران نفقا مظلما، رأت كأنها تساق إليه، فراحت تتلفت كيف تدرأ عن نفسها دخول ذلك النفق، و ما هي الصفقة التي يمكن أن تقدم ، و لو ببيع أذرعها، و التضحية بمليشياتها.
لندع الأيام تكشف عن بنود البيع ، و كباش الصفقة، و لكل حر لم تُحِطْ به الخرافات، و لا أذله التملق أن يقف متأملا أمام مذبحة البيجر، و يتحقق من حوادث اللاسلكي التي تبعتها ، ناهيك عن رأس حسن نصر الله، و قيادات رفيعة المستوى من قبله و من بعده. و ما أمر الحليف السوري ببعيد.
ها هي اليوم تخرج من سوريا مذمومة مدحورة، و متهمة للنظام السوري السابق أنهم من سربوا معلومات للكيان اللقيط؛ ليقوم بعمليات اغتيال لقيادات إيرانية بسوريا. و للقارئ أن يقول: رمتني بدائها و انسلت.
هل كبش ضحيان لاتزال قيمته أقل من قيمة صفقة ؟ أم أن الملالي بدأوا بالصفقات الكبيرة ، و ذات الثمن المغري؟!
يعرف اليمنيون تماما ، أن السلالة الحوثية تنكرت ليمنيتها، و عروبتها، و حتى تنكرت لمذهبها الذي بنى عليه يحيى الرسي مزاعم نظرية البطنين ، فرمت السلالة بالمذهب وراء ظهرها لتعتنق مذهب الملالي، و الذي لا يؤمن بنظرية البطنين، و إنما يرى الحق الإلٓهي في الحكم لذرية الحسين فقط، و أن لا حق لذرية الحسن في شيئ، بل هم قوم يحسدون، كما تقول الجعفرية.
ماذا لو أن ملالي إيران لم يكونوا صناعة غربية، و أَووا إلى محيطهم الإسلامي حقيقة، بعيدا عن هوس استعادة إمبراطورية كسرى؛ ألن يكون ذلك أزكى لهم و أطهر ؟ و سيكونون في إطار العالم الإسلامي الذي سيمثل قوة صاعدة، بدلا من ذهاب ملاليها في العمل لتمزيق الأمة خدمة متزلفة للغرب، و رجاء مساعدتها في أن يتحول الملالي إلى أكاسرة؟!!