لطالما اقترن عهد حكم الأئمة، بكافة مسمياته، بالأوبئة والأمراض، حتى باتت كلمة "الثالوث" مختصرا للوضع الصحي والاجتماعي والاقتصادي الذي عاشه اليمنيون في عهد آخر حكم للأئمة من بيت حميد الدين.
ففي عهد الأئمة انتشرت الأوبئة بكافة أشكالها من الجرب والطاعون والجذام، وتجرع اليمنيون ويلات عدة، كانت الأمراض احداهن.
لا يوجد تاريخ محدد عن انتشار الكوليرا بهذا الشكل، وتحول إلى جائحة تعاني منها معظم المحافظات اليمنية، فما قبل 2014، اختفت معظم الأوبئة من اليمن بما فيها شلل الأطفال، لكن عاودت الظهور مع سيطرة المليشيات.
يقول طبيب الأطفال، عبدالحميد ابوحاتم، إن آخر مرة عرف اليمنيون مرض الكوليرا، كان في العام 1968، حيث ظهر الوباء في محافظة الحديدة.
وأكد أبوحاتم في حديثه لـ "الصحوة نت " أن عدة أوبئة وأمراض انتشرت في عهد الإمامة أبرزها الجدري، والسل، والجرب، والجذام، والطاعون، والدفتيريا، والسعال الديكي".
مع عودة الإمامة بطورها الجديد "مليشيا الحوثي"، عادت معها الأوبئة والأمراض والفقر والجوع، للانتشار في أوساط اليمنيين بعد عقود من القضاء عليها والتخلص منها.
خلال سنوات سيطرة مليشيا الحوثي، قضى كثير من اليمنيين بسبب تلك الأوبئة ولا تزال تشهد مناطق سيطرة المليشيات سقوط مزيد من ضحايا الوباء والجوع.
على سبيل المثال كانت اليمن قد أعلن عنها خلوها من مرض شلل الأطفال، لكن مع عودة مليشيا الحوثي عاد الوباء من جديد وانتشر بشكل مخيف في تلك المناطق مع منع المليشيات المنظمات من تنفيذ حملات التحصين لهذا الوباء وأمراض أخرى.
يقول مسؤول الإعلام في مكتب وزارة الصحة العامة والسكان بمحافظة تعز، تيسير السامعي: "إن أول ظهور لمرض الكوليرا في اليمن كان في 2016، مشيرا إلى أنه لم يكن الوباء ظهر قبل ذلك التأريخ بهذا الشكل".
وأضاف السامعي في حديثه لـ "الصحوة نت" أن العام 2017، شهد موجة كبيرة لانتشار المرض في معظم محافظات الجمهورية، واستمر في التفشي حتى العام 2020".
وقال "إنه خلال تلك الفترة سُجلت 4 آلاف حالة وفاة، و 2 مليون حالة إصابة، ليتلاشى بعد ذلك الوباء"، مضيفا لكن المرض عاود الظهور في أكتوبر 2023، وهناك حالات إصابات جديدة تسجل بشكل يومي".
ونوه السامعي إلى ضرورة اتخاذ الناس للإجراءات الوقائية، منها النظافة الشخصية ونظافة مياه الشرب لتجنب الإصابة بالمرض.
آخر التقارير الأممية، مطلع ديسمبر الجاري، تحدثت أن عدد الإصابات بلغت 219 ألفا منذ مطلع العام الجاري 2024"، في عموم الجمهورية، النسبة الأكبر في المناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيا الحوثي.
ومنذ مطلع العام الجاري، انتشر المرض في الضالع، وعدن، وأبين، ولحج، وتعز، والحديدة، ومأرب، وحضرموت، والبيضاء، وشبوة، وسقطرى، والمهرة، بتسجيل أكثر من 40 الف حالة اصابة.
احصائيات رسمية أكدت أن عدد الوفيات في المحافظات المحررة منذ مطلع العام الجاري، وصل إلى 150 حالة، منها 54 حالة في تعز، و48 حالة في لحج.
الانتشار المتسارع للمرض، دفع بالحكومة ومنظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وبدعم من التحالف العالمي للقاحات والتحصين، لتنظيم حملة تطعيم فموي ضد الكوليرا في المناطق الأكثر خطورة.
وبدأت حملة التحصين، السبت الماضي، والتي تستمر 6 أيام، تقول الحكومة إن الحملة تهدف إلى تحصين 3.8 مليون شخص.
دشنت الحملة في 34 مديرية بـ 6 محافظات، عدن ولحج وتعز ومأرب والضالع وأبين، حيث يعمل فيها نحو 3,672 فريق تطعيم، أي 7 آلاف صحي، وتستهدف كل الفئات من عمر عام واحد فما فوق.
تقول اليونيسيف إن التحالف العالمي للقاحات والتحصين قدم دعماً قوياً من خلال توفير التمويل التشغيلي لتنفيذ حملة اللقاح الفموي ضد الكوليرا في جميع المناطق المستهدفة.
الكوليرا
يعرف مرض الكوليرا بأنه إسهال حاد ينتج عن عدوى الأمعاء ببكتيريا ضمة الكوليرا، وسبب الإصابة بالمرض تناول الأطعمة والمياه الملوثة ببكتيريا الكوليرا.
وبحسب مصادر طبية فإنه غالبًا ما تكون العدوى خفيفة أو بدون أعراض، ولكنها قد تكون شديدة في بعض الأحيان وتهدد الحياة.
انتقال المرض
توجد بكتيريا الكوليرا عادة في الماء أو في الأطعمة الملوثة ببكتيريا الكوليرا نتيجة تلوثها من شخص مصاب بالبكتيريا، كما أنه من المرجح أن تحدث الكوليرا وتنتشر في الأماكن التي تعاني من عدم كفاية معالجة المياه، وسوء الصرف الصحي، وعدم النظافة، ولا تنتقل بشكل مباشر، بحسب مصادر طبية.
يتمثل العلاج من مرض الكوليرا، بحسب مصادر طبية، بعدة وسائل أبرزها وهي الأهم علاج الجفاف، للاستعادة الفورية للسوائل والأملاح المفقودة، إضافة إلى العلاج بالمضادات الحيوية، والعلاج بالزنك يساعد في تقليل أعراض الكوليرا لدى الأطفال.