بعد ما يقارب 14 سنة من اندلاع الثورة، تمكنت المعارضة السورية من الإطاحة بنظام بشار الأسد، أحد أهم وكلاء النظام الإيراني وأذرعه الطائفية في المنطقة العربية، لتبتر ذراع إيرانية أخرى عقب شهرين فقط من تفكك حزب الله اللبناني ومقتل الصف الأول من قاداته.
وبالتزامن مع انتصارات فصائل المعارضة السورية وسقوط نظام الأسد ودحر المليشيا الإيرانية من الأراضي السورية، تتجه الأنظار اليوم إلى التداعيات الاستراتيجية لهذا التحول الكبير على النفوذ الإيراني في اليمن، متمثلًا بمليشيا الحوثي.
حيث يرى مراقبون أن سقوط نظام الأسد سيشكل نقطة تحول في ميزان القوى الإقليمي، وسيلقي بظلاله على الحوثيين في اليمن، وأن إيران ذاهبة للتخلي عن الحوثي في حال وجدت أن تكلفة استمرار دعمه تفوق المنافع، أو إذا كانت هناك تسوية إقليمية كبرى تتطلب هذا التنازل.
- حلم فارسي في سوريا:
قال السياسي المختص في الشأن الإيراني العربي، دانيال الأحوازي، إن النظام السوري كان منذ سنين نقطة تلاقي ما بين الأجندة الدولية والإقليمية، وكانت الجغرافية السورية حلبة صراع دولي وإقليمي على حساب الشعب السوري.
وأضاف في تصريح لـ"الصحوة نت" بأن بقاء نظام الأسد في الحكم بالنسبة لإيران، كان يحقق حلم النظام الفارسي الإيراني، على مبدأ التوسع ضمن استراتيجية الهلال الشيعي والشعارات الوهمية التي كانت من أهم آليات وأدوات التوسع مثل شعار تحرير القدس والدفاع عن المراقد المقدسة وغيرها.
وأوضح أن التغييرات الجيوسياسية كان لها التأثير الأساسي في إسقاط نظام الأسد، بالإضافة إلى ضعف شبكة الدعم اللوجستي من قبل القوى الدولية والاذرع الإيرانية الطائفية، وانشغال روسيا بالحرب الأوكرانية، وضرب إسرائيل لحواضن إيران، والدعم التركي للثورة والثوار.
وأشار إلى أن تخلي إيران عن نظام الأسد، كان قد سبقه عدة محاولات لإنقاذه خلال عملية ردع العدوان، وذلك ليس تمسكًا بالنظام وإنما محاولة لعدم خسارة إيران للجسر الاستراتيجي الذي يربطها بحزب الله في لبنان، ويوفر ممرات لوجستية وعسكرية تدعم أجنداتها في المنطقة.
منوهًا بأن إيران أرسلت في الأيام الأخيرة القائد العسكري جواد غفاري إلى سوريا، وهو نسخة إجرامية أخرى من نسخة "قاسم سليماني"، بالإضافة إلى السفريات المكوكية لوزير خارجية ايران لدول متعددة في محاولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وإبقاء بشار الأسد، لكنها فشلت وانتصرت الثورة.
- الحوثي.. الأضحية القادمة:
يشير مراقبون إلى أن ما يجري حاليًا في المنطقة هو محاولة دولية متوافقة مع رغبة شعبية كبيرة في قصقصة الأذرع الإيرانية الطائفية في الوطن العربي، وقد نجحت في كبح جموح النفوذ الإيراني في لبنان وسوريا، ما يجعل الأنظار تتجه إلى الحوثيين في اليمن.
حيث يرى رئيس مجلس أبعاد للدراسات، عبدالسلام محمد، أن النظام الإيراني تلقى صفعات كبيرة ومتتالية خلال الفترة الأخيرة، ويؤكد بأن النفوذ الإيراني في المنطقة على وشك الغروب والأفول.
ويلفت عبدالسلام، في تصريح لـ"الصحوة نت"، إلى أن سقوط الأسد هو بداية لسقوط النظام الإيراني ككل، لا سيما وأن نفوذه في المنطقة قد تقلصت بعد هزيمة حزب الله وتفككه، واليوم سقوط بشار، والدور سيأتي على الحوثيين لا محالة.
من جهته، يقول الناشط السياسي، أحمد هزاع، إن الشواهد اليوم أكدت زيف ادعاءات إيران فيما يتعلق بامتلاكها القوة ووقوفها مع حلفائها ودعمهم، كما كانت تصور نفسها للعالم العربي طيلة السنوات الماضية.
ويضيف هزاع، خلال حديثٍ مع "الصحوة نت"، بأن تخلي إيران عن الأسد كان متوقعًا جدًا، لا سيما وأنها تخلت من قبله عن حزب الله بسهولة بالغة، وكذلك خذلانها لحماس ومتاجرتها بالقضية الفلسطينية كما شهدنا خلال الفترة الماضية.
وينوه بأن إيران على أية حال تبحث عن مصلحتها كدولة، وأن كل ما يربطها بالحوثي هو أن لديها مصالح تسعى لتنفيذها بواسطته، وبالتالي فإنها ستتخلى بسهولة بالغة عن الحوثي، مهما حاول الأخير أن يدعي قوته ويقدم نفسه بأنه الحليف الاستراتيجي لإيران.
- فرصة أمام الشرعية:
يعتقد "أحمد هزاع" أن الحكومة الشرعية في يدها فرصة سانحة لتحرير البلاد، في حال توفرت النية الحقيقية، خاصة وقد غدا النظام الإيراني ومليشياته في المنطقة في حالة شتات وضعف، على عكس ما يسوقه إعلامهم.
وقال "هزاع" إنه إذا كان تحرير سوريا وإسقاط نظام الأسد قد تم في عشرة أيام، رغم وجود روسيا وحزب الله والحشد العراقي والعراقيين والجيش السوري، فإن تحرير اليمن والقضاء على الحوثي لن يتجاوز أسبوعًا واحدًا، لا سيما وأنه ليس لديه حليف حقيقي.
وأرجع أسباب تفوق الشرعية بسهولة على الحوثي إلى أنها تمتلك جيشا حقيقيا وقوات مدعومة ومرتبة، ولديها ضباطا متمكنين وخريجي كليات وأجهزة أمنية منظمة وهذا ما سيساعدها على تولي وإدارة المحافظات بسرعة عندما يتم تحريرها، والأهم من ذلك وجود حاضنة شعبية وهو ما لا يمتلكه الحوثي بسبب ممارساته الإجرامية.
وأكد بأن اليمنيين سيدفعون ثمنا باهظا إذا لم تستغل الشرعية هذه الفرصة، وأن أي حديث عن خارطة طريق أو حل سياسي في ظل رفض تسليم مليشيا الحوثي للسلاح وتحولها إلى حزب سياسي أو جماعة سياسية فإن ذلك لن يحل المشكلة اليمنية من جذورها، بل سيعمل على ترحيل الحرب والأزمة.