أفاد مختطفون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حولوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء من الخصوم السياسيين إلى معتقلات للمعارضين، بعد أن امتلأت السجون الرئيسية للجماعة بالمختطَفين من مختلف فئات المجتمع اليمني، وقدَّروا وجود الآلاف في هذه السجون المستحدَثة.
ونُقل عن المفرَج عنهم خلال لقاءات عُقدت مع نشطاء أن المنازل التي صادرها الحوثيون وتعود ملكيتها إلى مسؤولين وسياسيين يمنيين ومعارضين وتجار وبرلمانيين، باتت سجوناً لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الذين اعتُقلوا خلال الشهرين الماضيين، وأغلبهم اعتُقل بتهمة التحضير للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال البلاد.
ووفق ما نقله المعتقلون المفرَج عنهم، فإن المحققين الحوثيين أبلغوهم أنه، خلال الشهرين الماضيين، اعتُقل نحو 8 آلاف شخص، معظمهم من سكان محافظة إب (192 كيلومتراً جنوب صنعاء) التي تحولت إلى مركز لمعارضة حكم الجماعة الحوثية.
وأكد هؤلاء أن من أُفْرِج عنهم لا يزيدون على 100 شخص، بينما لا تزال البقية في تلك المعتقلات السرية.
ووفق هذه الرواية، فإن هناك مجاميع أخرى من المعتقلين توزعوا في السجون الرئيسية للمخابرات مثل سجن الأمن والمخابرات في مدينة صنعاء (الأمن السياسي سابقاً)، ومعتقل شملان في محافظة صنعاء، وأوضحوا أن من بين المعتقلين أطفالاً قصّراً تتراوح أعمارهم بين 15 و16 عاماً، ويجري نقلهم من زنزانة إلى أخرى، كما يخضعون لتعبئة فكرية طائفية تحت مسمى «الدورات الثقافية» بهدف تغيير قناعاتهم المعارضة، وإفهامهم بخطأ الاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت في 1962 بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن.
تغييب الآلاف
على الرغم من إعلان الجماعة الحوثية إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين على دفعات، فإن نشطاء وعائلات المعتقلين نفوا ذلك، وأكدوا أن الآلاف لا يزالون مغيَّبين، وأنه لا يُعرف مواقع اعتقالهم، ولم يُسمح لهم بالاتصال بأسرهم.
وذكرت المصادر أن الحوثيين نقلوا المعتقلين من محافظة إب إلى صنعاء؛ لأن سجون المخابرات في المحافظة لا تتسع لذلك العدد، ولزيادة معاناة أسرهم لصعوبة الوصول إليهم ومتابعة قضاياهم بسبب التكلفة المالية الكبيرة للانتقال إلى صنعاء، وعدم معرفتهم بالمسؤولين هناك.
واستهجنت المصادر محاولة الحوثيين التغطية على السخط الشعبي من ممارساتهم باتهام المعتقلين بالعمالة والارتزاق.
وبيّنت أن غالبية كبيرة من هؤلاء المعتقلين هم من البسطاء مثل الباعة المتجولين أو عمال المطاعم والمقاهي أو من الطلاب والمراهقين، مع وجود عدد محدود من الكتاب والنشطاء ووجهاء القبائل والسياسيين الذين ينتمون إلى جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين.
ويذكر الزعيم القبلي معمر أبو حاجب أنه عندما كان في الزنزانة ظن أن الاعتقالات استهدفت أصحاب الرأي من ناقدين وكتّاب ومعارضين، لكنه ما إن خرج حتى شاهد شباباً بعمر الزهور، وشيوخاً أعمارهم تعفيهم من المساءلة، ولا علاقة لهم بالعمل السياسي، وهو ما أصابه بالدهشة.
وطبقاً لما أورده أبو حاجب، الذي أمضى أكثر من 50 يوماً في السجن، فقد زاد استغرابه عندما أبلغه كثير من الشبان أن سجون أقسام الشرطة مليئة بالمعتقلين، وأنه بعد أن امتلأت تلك السجون بالمعتقلين جرى إيداع مجاميع من هؤلاء الشبان في المنازل التي تحولت إلى معتقلات.
وذكر أن من بين من وجدهم هناك الناشطين رداد الحذيفي ومحمد المياحي ومحمد الكثيري وخليل البحم. وأكد الرجل في لقاءاته مع زائريه أن الحوثيين يصنعون داخل هذه السجون من وصفهم بـ«الثوار» الذين سيذودون عن شعبهم ضد كل باغٍ وظالم.