في مبادرة إنسانية لافتة وغير مسبوقة في مدينة تعز، قرر الشاب منير المشولي تخصيص كامل تكاليف حفل زفافه لدعم مرضى السرطان في مركز الأمل، فبدلاً من إقامة حفل تقليدي، اختار منير توجيه ميزانية العرس نحو تقديم مساعدات مالية وشراء بطانيات للأطفال المرضى.
مبادرة مختلفة في يوم مميز
في حديثه لموقع "الصحوة نت"، عبّر منير عن سعادته بهذا القرار، قائلاً: "شعرت براحة كبيرة لأنني حولت يوم زفافي إلى يوم مميز ليس فقط لي، بل لمن يحتاجون إلى الدعم أكثر من الحضور المدعوين.
وأضاف :"الفرح الحقيقي هو إدخال السرور على وجوه من يعانون، خصوصاً الأطفال المصابين بالسرطان، الذين غالباً ما تغيب عنهم الابتسامة بسبب المرض".
تحويل الفرح إلى دعم عملي
بدلاً من الإنفاق على الحفل، قرر منير توجيه الأموال لشراء بطانيات وتقديم مبالغ مالية بسيطة للمرضى، مشيرًا إلى أن الدعم العملي هو الأكثر تأثيرًا.
وأضاف: "قررت أن أحتفل بفرحتي مع هؤلاء الأطفال، وتواصلت مع إدارة المركز للتنسيق، لأن من كانوا سيحضرون حفل الزفاف أصحاء ولديهم انشغالاتهم، بينما هؤلاء الأطفال بحاجة إلى لفتة إنسانية في ظل معاناتهم".
الدكتور مختار المخلافي، مدير مركز الأورام في تعز، وصف المبادرة بأنها "لمسة إنسانية عميقة المعنى"، وقال: "اليوم نحتفل بشاب اختار أن يشارك فرحته مع الأطفال المرضى ليخفف عنهم آلامهم ويعيد إليهم الابتسامة التي حُرموا منها".
وأشاد المخلافي بخطوة منير، معتبرًا أنها تحمل في طياتها جانبًا إنسانيًا يعبر عن التضامن والمشاركة في أوقات الأزمات.
وأضاف المخلافي أن المبادرة ليست مجرد دعم مالي، بل هي دعم نفسي أيضًا، موضحًا أن الاحتفال بين الأطفال يمثل جزءاً من العلاج المعنوي لهم في رحلتهم الصعبة مع المرض.
تفاعل إيجابي من المجتمع
والد العريس أبدى فخره الكبير بابنه، مؤكداً أن هذه المبادرة تعكس القيم الإنسانية العالية وتعد تكريمًا للأطفال الذين يخوضون معركة يومية ضد السرطان. وقال: "قدمنا بطانيات ومبالغ مالية بسيطة، ونأمل أن تكون هذه اللفتة خطوة نحو إسعاد هؤلاء الأطفال الذين يفتقدون الفرحة بسبب مرضهم".
الأستاذ محمد قاسم، أحد الحضور، أشاد بالمبادرة ووصفها بأنها لفتة رائعة لم يشهدها المجتمع من قبل، وأضاف: "العريس صعد إلى قسم الأطفال المصابين بالسرطان واحتفل معهم، مقدماً لهم الهدايا والتقط الصور التذكارية، ما جعل الأطفال يشعرون بدعم المجتمع واهتمامه بألمهم".
وقال قاسم: "نتمنى أن تكون هذه المبادرة بداية لسلسلة من الأعمال الخيرية التي تدعم المرضى في مستشفيات أخرى، داعيا أن يبارك الله في زواج منير لأنه اختار أن يُسعد الآخرين".
دعوة للشباب لتبني مبادرات مماثلة
الصحفي معاذ الشرعبي وصف زفاف منير المشولي بأنه "عرس نموذجي"، وقال: "في ظل التقاليد الاجتماعية التي تفرض إقامة حفلات زفاف مكلفة، جاء منير ليكسر هذا الروتين ويظهر أن الفرح الحقيقي يمكن أن يكون في مشاركة السعادة مع من هم في أمس الحاجة إليها".
وأضاف الشرعبي لـ" الصحوة نت"، أن المبادرة تحمل رسالة قوية للشباب المقبلين على الزواج، وهي التخلي عن المظاهر الباذخة والتركيز على الأعمال الخيرية التي يمكن أن تُحدث فرقاً حقيقياً في حياة الآخرين.
وأشاد بما قدمه منير، معتبراً أن تحويل ميزانية العرس لدعم الأطفال المرضى هو تصرف عاقل ومسؤول في زمن تتزايد فيه التكاليف الباهظة لحفلات الزفاف.
زفاف يلهم المجتمع
المبادرة لاقت استحسانًا كبيرًا من قبل عائلة العريس وأصدقائه، الذين عبروا عن فخرهم واعتزازهم بهذا الفعل النبيل. وقد وصف الحضور المبادرة بأنها نموذج يُحتذى به في روح العطاء والتكافل الاجتماعي، ودعوا الشباب إلى الاقتداء بمنير وتوجيه الأموال نحو دعم الفئات المحتاجة بدلاً من الإنفاق على الاحتفالات المبالغ فيها.
زفاف منير المشولي، الذي بدأ كمبادرة شخصية، تحوّل إلى مصدر إلهام للمجتمع، مُبرزًا أن التضامن الإنساني يمكن أن يظهر في مختلف المناسبات الشخصية، وأن الأعمال الخيرية لا تقتصر على التبرعات التقليدية، بل يمكن أن تكون جزءاً من احتفالاتنا ومناسباتنا الخاصة، مما يخلق ذكريات جميلة للجميع.