كشف تقرير حديث، معلومات وتفاصيل جديدة عن جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيا الحوثية، وأزاح الستار عن الهيكل التنظيمي والعمليات المعقدة التي ينفذها هذا الجهاز، والذي يُعد واحدًا من أهم أدوات المليشيا لترسيخ سلطتها وأداة القمع الأشهر بحق اليمنيين.
وذكر التقرير الذي نشرته منصة "فرودويكي FraudWiki" المختصة بكشف الفساد والاحتيال والتضليل، أسماء وأدوار بعض الأفراد داخل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي، وخلفياتهم وعلاقاتهم وأنشطتهم العملياتية، لا سيما قضايا الاختطافات القسرية والتعذيب والقتل.
- نشأة الجهاز:
منذ إنشائه من قبل مليشيا الحوثي في العام 2016، ظل جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يمارس أنشطته الاستخباراتية في الظل تحت ستار السرية، إلى ما قبل إعلان سلطة المليشيا عن دمج جميع الأجهزة الأمنية القائمة، مثل الأمن السياسي والأمن القومي، تحت سلطة جهاز الأمن والمخابرات، في العام 2019م.
وأوضح التقرير أن المليشيا الحوثية هدفت عبر هذا الدمج إلى تعزيز سيطرتها على المشهد الأمني في البلاد، من خلال إنشائها لهيكل قيادة مركزي يسمح باتخاذ قرارات أكثر فعالية، وتعزيز قدرات المراقبة والاستخبارات، وتحسين تنسيق العمليات.
وأكد التقرير بأن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يستخدم أساليب عملياتية مختلفة لتحقيق أهدافه، مثل جمع المعلومات الاستخباراتية من خلال مراقبة الاتصالات، ومراقبة ورصد المعارضين باستخدام التكنولوجيا والموارد البشرية لتتبع الأنشطة والأفراد الذين يعتبرون تهديدا.
وقال التقرير إن جهاز الأمن والمخابرات يشتهر باستخدام أساليب الاستجواب العدوانية وتكتيكات الترهيب لانتزاع المعلومات من المحتجزين، وهو ما يعكس النهج القاسي لمليشيا الحوثي في الحفاظ على السيطرة.
وأضاف أن مليشيا الحوثي عبر جهازها الأمن والمخابرات غالبا تقوم بالتعاون مع منظمات وكيانات أخرى لتعزيز قدراتها الاستخباراتية وتوسيع نفوذها، محليا ودوليا.
- الهيكل التنظيمي:
أشار التقرير إلى أن جهاز الأمن والمخابرات الحوثي يتم تنظيمه في هيكل هرمي يسمح بإدارة وتنسيق العمليات الأمنية المختلفة، ويهدف إلى تسهيل أنشطة الاستخبارات الداخلية والخارجية على حد سواء، وضمان قدرة الميليشيا على الرد بفعالية على التهديدات والحفاظ على سيطرتها على الأراضي التي تحتلها.
وقسَّم التقرير هذا الهيكل التنظيمي إلى قِسم شخصيات رئيسية، ويتضمن فريق قيادة يأتي في الجزء العلوي من التسلسل الهرمي، ويتألف من كبار المسؤولين عن القرارات الاستراتيجية الشاملة، ويضم الفريق أفرادا ذوي ولاءات قوية وارتباطات بزعيم المليشيا.
بالإضافة إلى أقسام عملياتية أخرى داخل الهيكل التنظيمي للجهاز، وتشمل أقسام عمليات الاستخبارات الداخلية، والخارجية، ومكافحة التجسس، وعمليات المراقبة، وقسم يتولى مهمة جمع المعلومات حول الأنشطة السياسية للأحزاب والتنظيمات والمنظمات الدولية والمحلية.
- شخصيات رئيسية:
يترأس جهاز الأمن والمخابرات التابع للمليشيا الحوثية، القيادي عبدالحكم هاشم علي الخيواني، والذي يحمل رتبة لواء، ويعتبر من القيادات الشديدة الولاء لزعيم جماعة الحوثي.
وبحسب التقرير، فقد عُيِّن عبدالقادر الشامي كنائب لرئيس الجهاز وبرتبة لواء في 2016م بشكل سري ومن ثم ظهر بشكل علني مع الإعلان عن تشكيل الجهاز في 2019م.
ولفت التقرير إلى أن عبدالقادر الشامي له علاقة بالكيان الذي شكلته مليشيا الحوثي في فبراير 2024، وسمي بمركز تنسيق العمليات الإنسانية (HOCC) ، إلى جانب أحمد حامد مدير مكتب مهدي المشاط المسمى رئيسا لمجلس المليشيا، ويعتبر (HOCC) هو الكيان المسؤول عن تهديد السفن بالبحر الأحمر.
وشمل فريق قيادة الجهاز أسماء أخرى من قيادات حوثية، منها أحمد حامد (أبو محفوظ)، والناطق باسم المليشيا المدعو عبدالسلام فليتة، وعبدالواحد أبو راس، وحسن الكحلاني، وعامر المراني وأخويه الحسن ومطلق المراني، وقاسم الحمران، وأحمد الشامي.
وفقًا للتقرير، فإنه قد تم تصميم الهيكل التنظيمي لجهاز الأمن والمخابرات الحوثي، وتعيين هذه القيادات الرفيعة على هرم الجهاز، لكي تضمن الميليشيا قدرتها على جمع المعلومات الاستخباراتية بشكل فعال، وإدارة التهديدات الأمنية، وإجراء العمليات التي تعزز أهدافها الاستراتيجية.
- الاختطافات الحوثية:
اتهم التقرير استخدام مليشيا الحوثي، عبر جهاز الأمن والمخابرات، تكتيكات الخطف والإكراه كأدوات للقمع والسيطرة داخل الأراضي التي تحتلها، كجزء من استراتيجية أوسع للقضاء على المعارضة، وترهيب المعارضة المحتملة، وغرس الخوف بين السكان.
وحمَّل التقرير جهاز الأمن والمخابرات الحوثي المسؤولية عن العديد من عمليات الخطف التي استهدفت الصحفيين والناشطين وقادة المجتمع المدني وحتى موظفي المنظمات، والذين تعتبرهم سلطة الميليشيا تهديدًا لسلطتها ومصالحها.
وذكر التقرير أن الصحفيين معرضين بشكل خاص لعمليات الاختطاف الحوثي، حيث تسعى ميليشيا الحوثي إلى إسكات الصحفيين قمع التقارير المستقلة والسيطرة على تدفق المعلومات في مناطق سيطرتها، بما يمكنها على تشكيل التصور العام والحد من فضح أفعالها.
وأضاف بأن الميليشيا تستهدف أيضا النشطاء الذين يشاركون في الاحتجاجات السلمية أو الدفاع عن حقوق الإنسان او الاحتفال بمناسبات إعلان الجمهورية. يتم اختطاف العديد من هؤلاء الأفراد خلال المظاهرات أو المداهمات على منازلهم، بقصد إسكات الأصوات التي تتحدى سلطة الحوثيين.
ونوَّه التقرير بأن المليشيا استهدفت كذلك موظفي المنظمات المحلية وكذا الدولية العاملة بمناطق سيطرتها. مشيرًا إلى أن هذه الاختطافات ليست جديدة وإنما بدأت منذ نهاية العام 2020م، في ظل صمت مطبق من قبل المنظمات التي خُطِف موظفيها.
- تكتيكات قسرية:
بالإضافة إلى الاختطاف، يستخدم جهاز الأمن والمخابرات الحوثي مجموعة متنوعة من التكتيكات القسرية لضمان بقائها على سدة الحكم، وعدم تمرد السكان وخروجهم عن سيطرتها.
أوضح التقرير بأن المليشيا تستخدم أسلوب التهديدات والترهيب كأدوات لردع الأفراد الذين يعبرون عن معارضتهم لسياسات الحوثيين أو أفعالهم، لتواجههم المليشيا بالمضايقات أو التهديدات بالعنف أو حتى الاختطاف.
وأشار التقرير إلى أن المليشيا لا تستهدف الأفراد فحسب، بل غالبا ما توسع تكتيكاتها القسرية لتشمل عائلاتهم، ويمكن أن يكون اعتقال أو مضايقة أحد أفراد الأسرة بمثابة رادع قوي للآخرين، مما يجبرهم على التزام الصمت خوفا على أحبائهم.
ومن ضمن تكتيكاتها القسرية، تنتزع المليشيا الحوثية من المعتقلين اعترافات بالإكراه، ومن ثم تعقد محاكمات علنية لهم، وغالبا ما يتم عرض الاعترافات المنتزعة بالإكراه لإضفاء الشرعية على تصرفات الميليشيا وتصوير المعارضين على أنهم مجرمون أو خونة.
هذا وتوظف المليشيا شبكة من المخبرين لمراقبة الأنشطة داخل المجتمعات، وهو ما يتسبب في زرع ثقافة عدم الثقة بين المواطنين، حيث يخشى الأفراد من إبلاغ السلطات عن محادثاتهم وأفعالهم. وفق التقرير.
- شركات التغطية والتهريب:
قال التقرير مليشيا الحوثي، وعبر جهاز الأمن والمخابرات، أنشأت شبكة من الشركات التي تتبعها تحت غطاء السرية والتمويه والتي تعمل في قطاعات ينظر إليها على أنها مشروعة، مثل قطع الغيار وواردات مستحضرات التجميل والتجارة العامة، والاستثمار والنقل والسياحة.
وأضاف التقرير بأن هذه الأعمال التجارية تستخدم كواجهات، للتغطية على عمليات تهريب الأسلحة وغيرها من الأنشطة غير المشروعة، مما يسمح للمليشيا بتوليد الإيرادات مع إخفاء عملياتها الحقيقية.
واعتبر التقرير أن هذه الاستراتيجية تسلط الضوء على إمكانية مليشيا الحوثي على التكيف، وقدرتها على استغلال الأطر الاقتصادية القائمة لدعم أهدافها العسكرية.