رغم مرور أكثر من شهر على اختطافه وإخفائه، لايزال مصير الصحفي محمد المياحي مجهولا في غياهب السجون السرية للمليشيات الإرهابية، في ظل تكتم شديد ورفض من قبل المليشيا لتمكينه من التواصل مع أسرته، وسط مؤشرات على تعرضه للتعذيب.
ظروف صعبة
ومنذ اختطافه تعيش عائلة المياحي في ظروف صعبة للغاية، على أمل أن يصلها خبر الإفراج عنه وإنهاء مأساتهما معا، المستمرة منذ اختطافه صباح العشرين من سبتمبر، بعد اقتحام العديد من عناصر المليشيا لشقته في صنعاء وترويع أطفاله ونهب أجهزته الإلكترونية من لابتوب وهواتف وغيرها.
واختطفت المليشيا الإرهابية المياحي في الـ20 من سبتمبر الماضي، على خلفية كتابته لمقال انتقد فيه الممارسات الحوثية الطائفية واستغلالها للعواطف الدينية لتحقيق مكاسب سياسية، ولم يكن المياحي المختطف الوحيد بل شنت حينها المليشيات الإرهابية حملة اختطافات واسعة في عدد من المحافظات، على خليفة الاحتفاء بثورة 26 سبتمبر.
يتساءل مصدر مقرب من أسرته عن الخطأ الذي ارتكبه محمد حتى يتم معاملته بهذا الإجرام، ويقول بألم وحرقة: "ما الذي فعله محمد؟ هل خرّب وأشعل النيران؟ هل دعا لعصيان؟ لم يفعل شيئاً سوى أنه استخدم قلمه وكتب كلمات خرجت من قلبه، ليس فيها إساءة لأحد".
ويضيف لـ "الصحوة نت": "أسرة محمد ذاقت مرارة اختفائه القسري منذ يوم الاعتقال وحتى اللحظة، مؤكداً أنه اختفى يوم 20 سبتمبر، ومنذ ذلك الحين لم نعثر عليه، ولا نعلم هل ما زال حياً أم لا".
وأوضح قائلاً: "في صباح ذلك اليوم جاءت قوة مسلحة من جماعة الحوثي في الساعة السادسة صباحاً ومعهم فرقة نسائية مسلحة أو ما يطلق عليهن "الزينبيات"، واقتحموا منزله، واعتقلوه، وصادروا كل أجهزته، وأغلقوا على أسرته وسط حالة من الهلع والرعب"، ولم تره أسرته منذ ذلك اليوم، ولم يره أي شخص من عائلته، ولا يعلمون ما هو مصيره".
البحث عن الأمل
كغيرها من أسر الآلاف المختطفين، بدأت أسرة محمد بالبحث عنه في مراكز الشرطة، لكنها لم تعثر على أي أثر يدل عليه، ولم تتمكن من الوصول إلى معلومات أكيدة حوله. ويقول المصدر: " قلقون للغاية أتمنى اللحظة التي أعلم فيها أين هو وأجده وأحتضنه بشدة".
حاولت "الصحوة نت" على مدار أيام التواصل مع أسرة محمد دبوان، غير أنها فضلت عدم الحديث، كما هو حال الكثير من أسر المختطفين لدى مليشيا الحوثيين، التي تفضل الصمت خشية على سلامة ذويهم وتعرضهم للأذى من قبل مليشيات إرهابية لا تراعي حرمة أو عرفاً ولا يحكمها أي قانون.
وتحدث العديد من أصدقاء المياحي لـ"الصحوة نت"، مشيرين إلى أن هناك وعوداً من شخصيات كبيرة داخل الجماعة بإطلاق سراحه مقابل مبلغ كبير من المال، وهو ما تنفيه الأسرة قطعاً، مطالبةً بسرعة الإفراج عنه دون قيد أو شرط
والأسبوع الماضي، أكد محامي الصحفي محمد المياحي أن ميليشيا الحوثي تواصل إخفاء موكله بشكل قسري، وتمنع عنه الاتصال بأسرته، رغم مرور شهر على اختطافه من منزله وسط صنعاء.
ردود غير مشجعة
وفي منشور له تحت عنوان "رحلة البحث عن محمد المياحي"، قال المحامي عمار علي ياسين إن أبواب القضاء مؤصدة أمامه، وإنه وصل مع النيابة العامة إلى طريق مسدود. وأضاف: "بعد أكثر من شهر كامل على إخفاء المياحي لم يستطيعوا أن يلزموا جهاز الأمن والمخابرات بالإفصاح عن مكان احتجازه أو السماح لعائلته ومحاميه بزيارته، رغم كل الشائعات المكذوبة حول موته التي تسببت لي بأذى لا يوصف".
وأشار المحامي إلى إحباطه الشديد بسبب عدم قدرته على طمأنة أسرة المياحي، وذكر أنه تلقى ردوداً غير مشجعة من مسؤولين في النيابة العامة (الحوثية) حول إمكانية الاتصال بالمحتجز. كما أكد ياسين استمرار مراوغات الحوثيين وإنكار وجوده لديهم".
وقال ساخراً: "نحن لا نبحث عن مجنون ضاع في الشوارع ولا عن مجهول تعرض لحادث مروري؛ إنه محمد المياحي الذي تم اقتحام بيته ومحاصرة الحارة كلها، وأحدث اعتقاله هزة كبيرة للمثقفين والكتاب وأصحاب الرأي، والآن النيابة العامة، التي بموجب القانون والدستور هي المخولة قانوناً بالإذن باقتحام البيوت، جالسة مثلنا تدور بعد المياحي".
مخاوف على حياته
وسبق أن طالبت نقابة الصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين ومنظمات حقوقية عدة، بالإفراج الفوري عن الصحفي المياحي، الذي لم يُسمح له حتى بالتواصل مع أسرته أو زيارته منذ اعتقاله.
وتصاعدت تلك الإدانات بعد تسريبات للمليشيا الإرهابية تتحدث عن وفاة المياحي وآخرين تحت التعذيب في سجون الأمن والمخابرات الحوثية سيئة الصيت، وهو ما زاد المخاوف على سلامته وصحته، في ظل إصرار المليشيات الإرهابية على إخفائه القسري.
ووفقاً لنقابة الصحفيين، فإن المياحي يتعرض لإجراءات انتقامية من قبل جماعة الحوثي، في ظل استمرار منع التواصل معه أو الكشف عن وضعه الصحي.
وتحمل نقابة الصحفيين واتحاد الصحفيين العرب والدوليين سلطة الأمر الواقع في صنعاء المسؤولية الكاملة عن سلامته، داعيةً إلى الكشف الفوري عن حالته وظروف احتجازه، والسماح لأسرته بالتواصل معه.