منذ ولادته كحزب سياسي كبير تجاوز ظروف التأسيس قبل 34 عامًا، وتحديدا في 13 أيلول/سبتمبر 1990م، ظل التجمع اليمني للإصلاح يرتكز في مواقفه السياسية من منطلقات الجمهورية والوحدة والديمقراطية والسيادة والحفاظ على المصالح العليا للوطن، وترسيخ الدولة باعتبارها الدرع الحامي لكل تلك المرتكزات والثوابت الوطنية.
تُعد شبوة من المحافظات التي حظيت بمكانة خاصة في تاريخ اليمن وعلى مر العصور، كانت شبوة رمزًا للصمود والتضحية في مواجهة مختلف التحديات التي واجهت الوطن، بدءًا من مواجهة الاستعمار وحتى التصدي للميليشيا التي سعت لزعزعة استقرار اليمن وإعادة البلاد إلى عصور الظلام.
وفي السنوات الأخيرة أصبحت شبوة رمانة الميزان ، ومع تصاعد الصراع في اليمن، أثبتت مرة أخرى دورها المحوري في الحفاظ على الجمهورية والتصدي لمشروع الإمامة الجديد المتمثل في ميليشيا الحوثي.
نموذج سياسي جيد
مثلت تجربة التجمع اليمني للإصلاح السياسية في محافظة شبوة أحد التجارب الناجحة والملموسة على المستوى السياسي حيث انعكس ذلك بشكل إيجابي وملموس على نشاط العمل السياسي والحزبي في المحافظة، ولم يكن ذلك صنيع اللحظة ذاتها, بل كان من منطلق القيم والمبادئ التي يؤمن بها الاصلاح والتي سعى دائما لتعزيزها وتنميتها في كافة المراحل التي مرت بها البلاد، ولو نظر الباحث في تاريخ الإصلاح منذ ولادته قبل 34 لوجد انه دائما ما يدعو إلى تعزيز قيم الشراكة والحرية والحوار في كافة المراحل والقبول بالآخرين رغم اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم.
لقد ساهم الإصلاح مع بقية الأحزاب الأخرى بالمحافظة في انشاء وتكوين مجلس تنسيق الأحزاب السياسية في شبوة وتفعيله في مختلف القضايا والاحداث التي شهدتها المحافظة منذ تأسيسيه قبل عدة سنوات من منطلق الشراكة والقبول بالآخرين وايمانا منه انه لا يجب الانفراد بالسلطة او الاستحواذ عليها لطرف سياسي معين فالوطن مسؤولية جميع أبنائه ويجب ان يسهم كل فصيل او طرف في بنائه وتطوره والدفاع عنه وهذا ما يدعو له الإصلاح بصورة دائمة في كل المراحل المختلفة.
ويقول الأمين المساعد للمكتب التنفيذي للإصلاح بشبوة, ناجي الصمي, ان "تجربة التجمع اليمني للإصلاح منذ التأسيس وإلى اليوم تجربة حافلة على المستوى الوطني وشبوة جزء من هذا الوطن وهذه السنوات شهدت متغيرات وأحداثاً كبيرة تعامل معها الإصلاح بمسؤولية ومكنته من الحضور في مختلف المراحل وبفاعلية, والاصلاح بطبيعته يمتلك قدر من الحيوية التي مكنته من التعاطي مع كل مرحلة وفق متطلباتها هذا إجمالا, وأما تقييم تجربة هذه السنوات الطويلة فهي تحتاج لمساحة نقاش أوسع".
وأكد الصمي أن ما يميز شبوة كمحافظة زاخرة بالتنوع, تتداخل فيها العلاقات ذات الطابع السياسي والاجتماعي وهذه ميزة مهمة و"للإصلاح علاقات جيدة مع مختلف المكونات سواء اﻷحزاب السياسية في إطار مجلس تنسيق اﻷحزاب بالمحافظة أو بقية المكونات, ونتطلع لتطوير هذه العلاقات, فهناك قضايا كثيرة تجمعنا وتوسيع دائرة المشتركات لاشك أنه مهم وضروري".
انسجام مع الشركاء
سكرتير ثاني منظمة الحزب الاشتراكي اليمني, محمد سلطان, يهنئ الإصلاح بمناسبة ذكرى تأسيسه، متمنيا له النجاح، موضحا ان مجلس تنسيق الأحزاب السياسية في شبوة "نعمل مع كل الأحزاب المنظمة للمجلس, بما فيهم الإصلاح, بشكل متناغم ومنسجم, وكانت كافة المواقف تغلب المصالح العامة للمحافظة, معتبرين شبوة حزبنا الأول والحفاظ على أمنها واستقرارها".
ووجه بن سلطان رسالة إلى قيادات وأعضاء الإصلاح, بأن يستمروا في نهجهم المحافظ على سلامة وأمن المحافظة ووحدتها, وأن يدافعوا عنها بكل ما يستطيعوا بغض النظر عن ما يقوله الآخرون عنهم، فعليهم ان يعملوا بحسب مبادئهم وبما تمليه عليهم ضمائرهم من أجل مصلحة المحافظة وابنائها".
ويقول سكرتير حزب البعث العربي الاشتراكي القومي بمحافظة شبوة, الدكتور خالد الجفري, انهم يتذكروا بفخر مشاركة فرع حزب الإصلاح في محافظة شبوة في لم شمل أبناء المحافظة عن طريق مشاركتهم الفاعلة في مجلس تنسيق الأحزاب السياسية والبحث لإيجاد قواسم مشتركة بين كل الأطراف, لخلق رؤى موحدة حول قضايا المجتمع الشبواني, وتأطير العمل المشترك لتعزيز العمل الديموقراطي ومنع الاقصاء والتهميش, وتعزيز الامن والاستقرار والحفاظ على الممتلكات العامة والخاصة, وتعزيز الثقة والاخاء بين مكونات العمل السياسي والاجتماعي والنقابي في محافظة شبوة.
وعبر عن خالص تهانيه للإصلاح بمناسبة ذكرى التأسيس وقال: "نشد على أيادي الإصلاحيين ونطالبهم بمؤازرة كل ما يصلح ويخدم المجتمع ويحافظ على منجزات الشعب وأمنه واستقراره".
يرى الإصلاح انه لا بديل عن الدولة ومؤسساتها ولذلك سعى مع كافة الخيرين من أبناء المحافظة وكان له دورا بارزا في إعادة تفعيل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية من خلال التأكيد على ضرورة إعادة تشكيل الوحدات الأمنية والعسكرية وبناءها بشكل وطني، الامر الذي يحفظ حقوق المواطنين ويعيد لمؤسسات الدولة فاعليتها.
اصلاح شبوة .. في مواجهة الإماميون الجدد
كان الإصلاح في شبوة في صدارة المدافعين عن المحافظة بعد اجتياحها من قبل مليشيا الحوثي حيث قدم العديد من قياداته واعضائه ومناصريه شهداء خلال معركة تحريرها, إلى جانب المئات من أبناء شبوة من مختلف توجهاتهم وانتماءاتهم، وكان الإصلاح من أوائل من قدموا الشهداء في مواجهة الحوثي عند اجتياحه للمحافظة.
لم تقتصر مشاركة الإصلاح على الجانب القتالي فقط، بل تجلى ذلك في القرار السياسي الهام الذي اتخذه محافظ شبوة آنذاك، القيادي في الإصلاح الشهيد أحمد باحاج، رحمه الله، عندما قرر وقف تصدير النفط، وهو قرار غير المعادلة على مستوى الوطن وكان له تأثير كبير في مجريات المعارك، إلى جانب دعم أبناء المحافظة لصفوف المقاومة وإعلان قبائل شبوة النفير العام.
استمر الإصلاح بشبوة في مواجهة المليشيا في كل منطقة و قرية, بل امتدت مشاركته في مختلف المديريات بعد دفعه باعضائه وانصاره للانخراط في صفوف المقاومة الشعبية للدفاع عن شبوة، وخلال تلك المعارك قدم ثلة من قياداته واعضائه وكان ابرزهم محافظ المحافظة الشهيد احمد علي باحاج إضافة الى مجموعة من خيرة شباب الإصلاح في المحافظة.
لقد دفع الإصلاح اثمانا باهظة نتيجة انحيازه إلى خيارات الشعب والاجماع الوطني ورفضه للانقلاب على مؤسسات الدولة واعلانه المشاركة في الدفاع عن الوطن ومقدراته تحت قيادة الشرعية التي مثلت مظلة لكل الاحرار من أبناء الوطن، فقامت المليشيا باقتحام مقراته ونهب محتوياته والعبث بها وملاحقة قياداته وانصاره في كل المديريات التي سيطرت عليها خلال اجتياحها محافظة شبوة.
يومًا بعد يوم، كان الإصلاح يفقد أحد قياداته أو شبابه في تلك الصحاري والقفار, لم ينته الأمر عند الشهيد أحمد باحاج رحمه الله تعالى, بل أستمرت المقاومة واستمرت معها التضحيات كوقود لمعركة التحرير، فقدم الإصلاح والجيش الوطني ورجال القبائل قوافل كبيرة من الشهداء والمصابين في سبيل حماية شبوة والجمهورية.
لم يهدأ بال ابناء شبوة حتى حان موعد تحرير بيحان، ودقت ساعة الصفر عام 2017. وما هي إلا ساعات محدودة حتى بدأت بشائر النصر تلوح في كل وادي وجبل، وانتصر المقاومون والجيش هنالك، وتحطمت مشاريع الإمامة، وانتصرت الجمهورية وارتفعت رايتها أعلى قمة جبال ريدان.
لم يقف التجمع اليمني للإصلاح في شبوة عند هذا الحد، بل عاد شباب الإصلاح إلى مواقعهم في المدارس والمستشفيات وكافة المجالات، وحاولوا أن يكونوا عونًا في البناء والنهضة، لاسيما وأن شبوة كانت تعاني حينها من نقص كبير في الخدمات الأساسية التي دمرتها الميليشيا الحوثية.
تحصين المجتمع وحمايته
لم يغفل الإصلاح الجانب الاجتماعي والدعوي واهميته وضرورة حمايته وتعزيز القيم النبيلة فيه ومحاربة الاخلاق الهدامة وخلق حاجز صد منيع امام كل ما من شأنه العمل على هدم المجتمع، ومن منطلق عقيدته الإسلامية عمل الإصلاح مع كل الخيرين في المجتمع على توعية الناس عبر كافة الوسائل المتاحة من خلال المبادرات والملتقيات والمهرجانات إضافة الى المنابر الدعوية التي تعد احد أبرز وسائل تحصين المجتمع وحمايته.
ولكون المجتمع في محافظة شبوة مجتمع قبلي بطبيعته تمكن الاصلاح من ربط وخلق علاقات بناءه مع المشايخ والوجهاء والشخصيات الاجتماعية في مختلف المديريات، الامر الذي جعل الإصلاح وقياداته حاضرة في كافة المناسبات ما عزز دوره في المجتمع، وعمل الإصلاح على الاستفادة من علاقاته وتوظيفها في الدفع بقياداته واعضائه لإصلاح ذات البين والسعي لحل المشاكل والخلافات القبلية والمجتمعية ومحاولة حلحلتها في مختلف المديريات وفقا للإمكانيات.
لقد عمل الإصلاح مع الخيرين من أبناء المحافظة على تحصين المجتمع وحمايته من الأفكار الهدامة والمعتقدات المنحرفة والمتطرفة ونشر روح التسامح وتعزيز مبدأ التعايش والقبول بالآخر والتعبير عن الآراء والأفكار بالكلمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن وسلك الطرق السلمية والحضارية للمطالبة بالحقوق.
نماذج شبوانية.. حافظت على بنية الدولة ومؤسساتها:
كانت المحطة الأولى منذ عهد المحافظ الشهيد أحمد علي باحاج (رحمه الله)، قدم نموذجاً رائعاً في قيادة المحافظة، في ظل ظروف ومتغيرات سياسية بالغة التعقيد بعد نجاح الثورة الشبابية الشعبية السلمية، وعمل باقتدار ومسؤولية عالية، وأرسى تجربة ناجحة ونموذج فريد، وقد ختم تلك التجربة بأن قدم روحه الطاهرة في سبيل أداء مهمته الإدارية والسياسية على الوجه الأكمل، متوشحا سلاحه في مواجهة مليشيا الحوثي الانقلابية، وهو في مقدمة الصفوف للدفاع عن أرض المحافظة، وقد شهد له الواقع الذي عاشته المحافظة في مختلف المراحل التي عاشتها شبوة.
وعلى نفس المنوال سارت تجربة الأستاذ محمد صالح بن عديو في إدارة المحافظة، رافعا مستوى الأداء والتحدي، وقام بإحداث تنمية وبناء لم تشهده المحافظة من قبل وأعاد بناء مؤسسات الأمن والجيش والإدارات الحكومية بعد غيابه بسبب الحرب بإمكانيات وإيرادات محلية وفي ظل ظروف وتحديات صعبة وعجز عن الوصول إليه خلفه الحالي وربما من سياتي بعده في قادم الأيام، وهذه التجارب الناجحة كافية لإثبات قدرات كل مخلص من أبناء شبوة على قيادة مؤسسات ومرافق الدولة بصورة جيدة، ووقف التجمع اليمني للإصلاح بشبوة مع السلطة المحلية في مختلف المراحل لتثبيت الأمن والاستقرار حيث كان مسؤولي الإصلاح ومشايخه وشخصياته الاجتماعية متواجدين في كل منطقة وتحت كل جبل للقيام بدورهم في حل المشاكل وإصلاح ذات البين، ويدعون المجتمع بكل فئاته لتوحيد الصف ورأب الصدع وتغلب مصالح المحافظة العامة على كل المصالح الشخصية، القبلية، الحزبية او المناطقية.