ونحن نعيش ذكرى مولد سيدي وحبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدر بي أن أتذكر أن ميلاده كان مولد أمة وعنوان نهضة ومسار محبة ورحمة ، وأنه كان رسول خير وسلام ، وبشير حب ووئام ، لكن قوماً أحدثوا وبدلوا فادعوه حبه ونسبه ليمتلكوا الحق الإلهي المزعوم في حكمنا ، وهو من إدعائهم وأفعالهم براء ، وتحت هذا الإدعاء عاثوا فساداً وإفساداً في البلاد والعباد .
ذكرى المولد هي تجديد عهد على المحبة التي بشر بها المصطفى صلى الله عليه وسلم لكن أدعياء الحق الإلهي المزعوم لم يتركوا للمحبة والسلام مكاناً ناوي إليه ، ولنا أن نتذكر أن رسول الرحمة لم يهدم في حياته منزلاً لكافر أو يهودي ، لكنهم هدموا منازل المسلمين الموحدين ، ولم يقتل طفلاً أو إمرأة لكنهم قتلوا أطفالاً ونساءً وشيوخ .
وحين نتصفح سيرته العطرة تبرز أمامنا حقيقة لامعهة مفادها أن حبيبي المصطفى لم يبح قتل من نطق الشهادة محتمياً بها من السيف ، لكنهم قتلوا رواد المساجد ، ومعلمي القرآن الكريم ومن يصلي بالصف الأول ويصوم رمضان ويحج البيت ، ولم يهدم مسجداً للمسلمين لكنهم هدموا المساجد ودور القرآن الكريم ، وأحرقوا المصاحف وقتلوا وشردوا واختطفوا حفاظها .
و لم يذكر التاريخ عن حبيبي المصطفى أنه نهب مال مسلم ، أو روع طفلاً أو إمرأة ، لكنهم نهبوا المؤسسات والجامعات وجمعيات الأيتام ومساكن الطلاب والبيوت ومقرات الأحزاب وغرف النوم وملابس النساء ، وما تركوا بيتاً دخلوها إلا خاوية على عروشها ولو استطاعوا لجمعوا وصادروا ترابه وحجاره .
طوال سيرته ومسيرته لم ينكث حبيبي المصطفى عهداً ولم يخلف عقداً ، لكنهم ما عاهدوا عهدا إلا نكثوه ، ولاعقدوا عقدا إلا أتوا بخلافه ، ولا وعداً إلا أنكروه وتنكروا له وأوغلوا في مخالفته ، ولم يروع حبيبي المصطفى آمنا ولم يفزع نائماً ، لكنهم روعوا بلداً باكملها ، وأسهروا وحاصروا مدناً بسكانها ، وشردوا الآمنين من مزارعهم وبيوتهم وقراهم ، وزرعوا الأرض بالألغام والمتفجرات التي توزع الموت على الأطفال والنساء والشيوخ والمواشي والمركبات وكل ما يدب على وجه الأرض .
لم يقتل حبيبي عابداً في صومعته ، ولا مسالماً في بلده أو منزله ، لكنهم قتلوا طلاب العلم في مراكزهم وجامعاتهم ، ولم يعذب أسيراً ولو كان كافراً محارباً ، بل سمح لقومهم بافتدائهم وزاد على ذلك أن أطلق بعضهم إكراماً لمناقب لهم أو لبعض أهلهم ، لكنهم أسروا من ينطق بالشهادتين ، ثم عذبوهم وقتلوهم ، ومثلوا بجثثهم .
عليك الصلاة والسلام يا حبيبي يا رسول الله ، وعليهم من الله ما يستحقون .
دمتم سالمين.\