أثمر الضغط الدولي تراجع الشرعية عن خطوات الحزم الاقتصادي التي جعلت الانقلابيين الحوثيين في حالة من الهلع فاستنجدوا بالعالم كله لينجيهم من هذه القرارات ، فتم لهم ما أرادوا تحت مبرر "الآثار الانسانية" ، لكن المهم اليوم هل ستقودهم هذه الفسحة التي أعطيت لهم إلى مربع الحوار الفاعل والهادف لاستعادة الدولة اليمنية وايقاف الفوضى والدمار الذي تسببوا به منذ عشرٍ عجاف أهلكوا فيها الحرث والنسل ، وحولوا البلد لساحة حرب يديرونها بالوكالة عن إيران كبيادق مستأجرة لا أكثر ولا أقل .
أمام الانقلابين الحوثيين اليوم فرصة جديدة لو توفرت لديهم بعض نية لايقاف نزيف الدم اليمني ، مع أنهم سبق أن أهدروا كل الفرص وتنكروا لكل ما وقّعوا عليها من اتفاقيات ، وتلك عادة لصيقة بهم ليس منذ الانقلاب المشؤم لكنهم ورثوها عن أجدادهم الأئمة الذين كانوا سباقين في الغدر والخيانة ، وما يمكن التعويل عليه اليوم فقط أنهم ربما أدركوا أن لدى الشرعية أوراقاً رابحة بإمكانها إسقاطهم دون عناء وباقل الخسائر ، وتمثل الورقة الاقتصادية أحدها فقط ، وقد لا تسلم الجرة كل مرة .
الذي لايمكن إنكاره أن التراجع عن القرارات الاقتصادية صنع فجوة بين قيادة الشرعية والشعب الذي كان يعوّل كثيراً على هذه الخطوات لاستعادة البنك المركزي بعدن لزمام السيطرة على السياسة النقدية ، وهذا ما سيقود لمعالجة الوضع الاقتصادي المتدهور الذي يعاني اليمنيون منه ، وتلك نظرتنا كمواطنين أكثر من النظر إلى كونها قرارات تخص السيادة بالمرتبة الاولى ولها أبعاد سياسية واقتصادية وعسكرية متداخلة .
من الحكمة ان تتوجه جهود قيادة الشرعية إلى انجاز خطوات وحلول عاجلة تحقق للمواطن مطلوبة المتمثل في تحسين سبل العيش الذي صارت صعبة وبعيدة المنال ، ولابد من التحرك الجاد لايقاف انهيار العملة الذي يزيد من متاعب المواطن في توفير لقمة عيشه ، ويؤجج لهيب الأسعار التي تتصاعد يوماً بعد يوم ، والحرص على إعادة رفد السوق بالعملات الصعبة عبر إعادة تصدير النفط والغاز وضبط الإيرادات ، ومن شأن ذلك أن يساعد في إعادة الثقة وردم الفجوة التي أحدثها التراجع عن القرارات الاخيرة .
ما يهمنا في جبهة الشرعية بكل مكوناتها الرسمية والشعبية أن تظل بوصلتنا موجهة نحو الانقلابيين كأعداء للوطن والإنسان والأمن والسلام والتعايش ، وإن استطاعوا هذه المرة تفادي الضربة فليس ذلك انتصاراً ولا أماناً لهم ، إنما هي جولة تتبعها جولات ، ولازالوا هم الطرف الأهون والأضعف ، ومتى كنا نعمل جميعاً في اتجاه إجباري واحد فذلك كفيل بأن يسقط الانقلاب بأشخاصه وأفعاله وأدواته ، وإن بدا للمتعجل أو قصير النظر خلاف ذلك .
دمتم سالمين .