شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات القليلة الماضية، تظاهرات إلكترونية واسعة دعماً لقرارات البنك المركزي اليمني، وإجراءاته الطارئة لإنقاذ القطاع المصرفي ومؤسساته من نهب وفساد وممارسات المليشيات الحوثية الإرهابية.
وتزامنت التظاهرات الإلكترونية مع تظاهرات للآلاف في تعز والحديدة ومأرب، تأييداً للبنك المركزي وإجراءات تصحيح الاختلالات المالية والمصرفية التي تغذي وتمول إرهاب المليشيا المدعومة من إيران، وتزيد من تدهور الوضع الإنساني والإفقار الجماعي الذي يتعرض له الشعب اليمني.
وشهدت مدينة تعز المحاصرة، ومديرية الخوخة على ساحل البحر الأحمر في الحديدة، ومأرب، حشوداً كبيرة وغير مسبوقة، دعماً وتأييداً لقرارات البنك المركزي اليمني، وجهود مجلس القيادة الرئاسي والحكومة لوقف العبث الحوثي بالاقتصاد الوطني.
رفض للتواطؤ الأممي
ندد المتظاهرون في المدينتين، بموقف المبعوث الأممي والتواطؤ الأممي مع المليشيا الإرهابية، مؤكدين رفضهم لتجاوزات هانس جرودنبرج، مؤكدين أن العملة الوطنية ملك للشعب، وحمايتها حق سيادي للحكومة الشرعية، وقرارات البنك المركزي سيادية ولا يمكن التراجع عنها تحت أي مزاعم أو ضغوط أممية أو دولية.
وتصدرت مواقع التواصل الاجتماعي عدة وسوم منها: #قرارات_البنك_المركزي، #اليمنيون_مع_قرارات_البنك، #الحوثي_لص_البنوك.
وغرد الآلاف من النشطاء والمدونين والمسؤولين تحت تلك الوسوم، مؤكدين وقوف الشعب اليمني خلف قيادة البنك المركزي وقراراتها السيادية والإجراءات الحكومية المتأخرة لإنقاذ ما تبقى من رأس مال وطني لم تستولي عليه مليشيا الحوثي بشكل كامل.
واستغرب النشطاء، تخاذل الأمم المتحدة ومسارعة مبعوثها الخاص، لبذل أقصى الجهود لإنقاذ الجماعة الإرهابية، تحت يافطة "حماية الاقتصاد اليمني من أضرار جسيمة والحفاظ على سبل معيشة اليمنيين".
استعراض الجرائم الحوثية
واستعرض النشطاء في تدويناتهم ومنشوراتهم، قائمة طويلة ونماذج كثيرة من ممارسات المليشيا الإرهابية المدعومة من إيران للاقتصاد الوطني، والتي زادت نسبة البطالة ورفعت معدل الفقر في البلاد إلى أعلى المستويات.
وأوضح النشطاء والمدونون أن احتجاز طائرات اليمنية واستهداف منشآت تصدير النفط، والاستيلاء على الشركات والمؤسسات الخاصة، ومصادرتها من قبل ما يسمى الحارس القضائي الجناح المالي للجماعة الإرهابية، هي أحدث الأمثلة على نهج الجماعة التدميري للاقتصاد والقطاع الخاص بالذات بعد تدمير القطاعات الحكومية.
وتداول النشطاء والمدونون بشكل واسع صوراً ومشاهد من تظاهرات تعز والحديدة المؤيدة للبنك المركزي وقراراته السيادية، وأيقونة محافظ البنك أحمد غالب المعبقي، والذي تحولت كوفيته إلى ظاهرة عامة يرتديها جمهور واسع من الشارع اليمني، إظهاراً لدعم ومساندة البنك وإدارته في معركة تحرير الاقتصاد الوطني.
وكتب الصحفي علي الفقيه، "خروج الشارع لدعم قرارات الشرعية فعل إيجابي ودليل على حيوية الشارع وتطلعه لقيادة تتخذ قرارات قوية وفي نفس الوقت قادرة على حماية قراراتها، لكن ما لم يكن هناك أُفق لهذا التحرك فإن النتائج تكون عكسية تعمق إحباط الشارع وتكرس حالة خيبة الأمل السائدة".
وقال وزير الإدارة المحلية السابق الدكتور عبد الرقيب سيف فتح، "عندما تخرج تعز بناء على دعوة أبنائها بخروجها تؤكد رسالة الحاضنة الشعبية الداعمة لقيم الدولة ورفض البلطجة بأنواعها سياسية أو اقتصادية.. تعز اليوم.. تؤكد دعمها للإجراءات الاقتصادية وترفض التخاذل أو التردد في تنفيذها".
ووجه عضو مجلس النواب شوقي القاضي، رسالة إلى محافظ البنك المركزي مرفقة بصورته مرتدياً كوفية، قائلاً "رفعت رؤوسنا، وأعدت الأمل إلى شعبٍ أثخنته قياداته السياسية والحزبية بالهزائم والفشل".
وأضاف القاضي: "وأقولها لك: قسماً عظماً إذا تنازلتَ للمنبطحين، وكسرتَ خاطر شعب يراك أحد المنقذين له، ولم تقاوم حتى آخر نَفَس، ثم تحيط الشعب بما يجري، وإذا انسدت الأمور ننتظر تقديمك الاستقالة موضحًا أسبابها، ما لم فإنا مضطرون إلى سحب الجنسية المعبقية منك ولك ولجميع أحرار اليمن التقدير والامتنان".
استفتاء شعبي
واعتبر الصحفي غمدان اليوسفي التظاهرات التي خرجت في تعز والحديدة بمثابة "الاستفتاء الشعبي المساند للإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني وهي رسالة دعم وتحميل مسؤولية للقيادة السياسية والحكومة للمضي في تلك الإجراءات".
وأضاف أنها "أيضاً رسالة للأشقاء في التحالف أن الشارع لم يعد يحتمل الخضوع للإجراءات الحوثية الإجرامية في حق الشعب، من منع لتصدير النفط، وتعطيل لأكبر ميناء في البلاد، وحصار طرقات، وعبث بالعملة، ومنع للرواتب، وسجن للناس ولموظفي المنظمات الدولية، وخنق الاقتصاد، واختطاف للطائرات، بينما هم ينعمون بالمليارات وبحماية دولية وإقليمية".
وأكد اليوسفي "أن الوقت حان لسماع صوت هذا الشارع الذي يقف متحدًا لأول مرة بكافة أطيافه مع هذه الإجراءات التي أوجعت قيادة الجماعة ولم توجع المواطن ولم تمسه بسوء، والقيادة اليوم معنية بالنقاش مع العالم وخلفها صوت شعبي واحد، وليس إجراءات تخص القيادة نفسها، وإلا فإن تبعات تجاوز هذا الصوت الموحد قد تكون وخيمة على الجميع".
نهب الأموال والتدمير الاقتصادي
وأشار الصحفي عبدالله المنيفي إلى أنه "في النصف الثاني فقط من العام 2015 كشفت تقارير البنك المركزي في صنعاء عن نهب مليشيا الحوثي 258.5 مليار ريال يمني، وفي ذات الوقت نهب الحوثيون نصف مليار دولار من عدد من البنوك الخاصة والحكومية، منها: بنك التسليف الزراعي، والبنك اليمني للإنشاء والتعمير، والبنك الأهلي".
وأضاف المنيفي: "ثم تواصل النهب في السنوات التالية بوتيرة متسارعة، لدرجة العجز عن وضع إحصائيات بكمية الأموال المنهوبة من مختلف البنوك والشركات التجارية الخاصة ومختلف مؤسسات القطاع الخاص".
استغلال الحوالات
وأوضح مصطفى غليس أن "لصوصية الحوثيين لا تقتصر على سرقة البنوك؛ فهم يستغلون حوالات المغتربين اليمنيين، بحكم سيطرتهم على البنوك الموجودة في مناطق سيطرتهم، ويأخذون تلك المليارات من العملة الصعبة، ويدفعون للمستفيدين بالعملة المحلية وبواقع صرف لا يساوي نصف القيمة".
وذكر المختطف المحرر من سجون المليشيا صلاح القاعدي بما تضمنه تقرير مبادرة استعادة 2023، والذي أكد "أن مليشيا الحوثي ألحقت الضرر بالقطاع المصرفي الذي اضطر للعمل في بيئة صعبة تتسم بالكثير من التحديات، لعل أبرزها أزمة سيولة نقدية حادة، وضعف ثقة المودعين في البنوك بسبب تقييد سحب الودائع بالعملة المحلية والأجنبية من البنوك".
وأكد هائل البكالي أن زعيم مليشيا "المدعو عبد الملك الحوثي، هو المشرف المباشر على عمليات نهب البنوك والجبايات وهو حارس مجاميع السرقات والسطو على ممتلكات اليمنيين".
وأشار البكالي إلى "رفع المتظاهرون في تعز لافتات كتب على بعضها "التراجع عن قرارات البنك المركزي كسرا لإرادة الشعب"، و "لا للتراجع عن القرارات الاقتصادية"، و "نرفض تجاوزات المبعوث الأممي التي تسعى لتمكين مليشيا إيران الإرهابية".
وكتب وكيل أول محافظة الحديدة وليد القديمي "وقفة جماهيرية لأبناء المناطق المحررة بمحافظة الحديدة الخوخة تدعم قرارات البنك المركزي وتطالب بعدم التراجع عنها".
هدنة لتمويل المليشيا
وقال سفير اليمن في المغرب عز الدين الأصبحي: "في معركة القطاع المصرفي بدأ الأمر باكرًا، منذ ما سمّي الهدنة الاقتصادية وجعل كل مدخرات البنك المركزي اليمني في صنعاء تحت سيطرة الحوثي الذي صادر كل الاحتياطي النقدي للجمهورية اليمنية، وضاعت مليارات الدولارات منذ 2015، التي قُدرت حينها بـ 5.6 مليار دولار وأكثر من تريليون من العملة المحلية".
وأضاف: "وفي 21 مارس 2023، أصدرت ميليشيات الحوثي عبر ما تسميه مجلس نواب صنعاء قانون منع التعاملات الربوية للبنوك في مناطق سيطرتها، بحجة إنقاذ الوضع الاقتصادي، واتضح أنها عملية نهب لمدخرات اليمنيين في صنعاء".
وأشار إلى أن ودائع ومدخرات اليمنيين في المصارف تقدر "بنحو 2.5 تريليون ريال قبل الحرب، في حين تصل القروض المقدمة للمستثمرين إلى أكثر من تريليوني ريال، وفق بيانات صادرة عن البنك المركزي اليمني نهاية عام 2014، وبالتالي هناك عمليات سطو معلنة وتعزيز انفصال مصرفي مخيف آخرها رفض العملة الوطنية، ومحاولة وضع عملة نقدية خاصة بالحركة".
شبكة الجمل والحرس الثوري
ولفت وكيل وزارة العدل فيصل المجيدي إلى إرسال الحوثي للقيادي في الجماعة سعيد الجمل عام 2004 إلى إيران، مضيفا: "وقد مثل الرجل بعلاقاته الكبيرة مع الحرس الثوري الإيراني وشبكات التهريب الإيرانية والتابعة لحزب الله اليد المالية للحوثي وكون أموالا ضخمة جراء غسله لأموال الجماعة الناتجة عن العمليات المشبوهة".
وأكد الصحفي عصام بلغيث أنه "ليس أمام اليمنيين إلا الوقوف أمام العجرفة الحوثية ولجمها بل وكسرها للأبد"، مضيفًا: "وإني لأرى هذا رأي العين، فوالله لقد بغى القوم علينا بغياً لم يُرَ قبله ولن يُرى بعده، غرور ليس له إلا التراب يُحثى على وجوههم ورؤوسهم، انظروا لكبر القوم ومدى صفاقتهم وغيهم، صبيان تتحدث وتعتلي المنابر".
مصادرة الودائع
وكتب محمد الضبياني أن مليشيا الحوثي الإرهابية "جمدت نحو أربعة مليارات وخمسمائة مليون دولار من أموال المودعين في البنوك التجارية، ما يعادل ثمانية تريليونات وخمسمائة وخمسين مليار ريال يمني. ما يعني أننا أمام أكبر عصابة لصوصية في التاريخ اليمني".
وقال عدنان الجبرني إن الحوثيين شعروا "بالغيظ من مظاهرات مأرب وتعز تأييدًا لقرارات البنك، وخرجوا مسعورين بفيديوهات وتغريدات مكثفة يشرحون للمفكر المختار والطوالبة والتوانسة أصحاب المستقلة والرنتاوي أن هؤلاء إخوان مع إسرائيل"، مضيفا: "يخشى الحوثيون أن يعرف الخارج بأن اليمنيين يكرهونهم، يحمون فقاعتهم بالأكاذيب".
مطالبات وتحذيرات
وأكد النشطاء والمدونون دعم الجماهير اليمنية للبنك المركزي والمجلس الرئاسي والحكومة، مطالبين باتخاذ كل ما يلزم لحماية الاقتصاد الوطني وإنهاء سيطرة الحوثيين على القطاع المصرفي، وحالة الانقسام المالي التي تسببوا بها، ومحاسبة ومعاقبة كل من يتخادم مع الجماعة وينفذ تعليمات إدارتها غير الشرعية لفرع البنك في صنعاء.
وحذر النشطاء من أي تراخٍ أو رضوخ للضغوط الدولية والأممية، مؤكدين أن مليشيا الحوثي التي تهدد وتتوعد بالحروب والخراب والدمار، أعجز ما تكون إذا واجهت اليمنيين ومكوناتهم الوطنية وهم على كلمة واحدة، صفًا واحدًا خلف القوات المسلحة والمقاومة الشعبية والوطنية، القادرة بعون الله وعدالة القضية، على كسر شوكة الإرهاب وتحرير كل اليمن من عصابات الموت والخراب.