ترى الهادوية التي أرسى نظريتها السياسية يحيى حسين الرسي، فيلغي دور الأمة نهائياً، و يزعم (دِينا) أن الإمامة في البطنين، ثم يزعم دينا-أيضا- عدم جواز أن تخرج عنهما، و لا يقر بأي صورة من مبادئ الشورى، و حق الاختيار، أو الانتخاب مهما كان قول( الأنام).
و ترى الشيــعة الإمامية الاثني عشرية أن الإمـامة حق لازم و دائم و متسلسل في ذرية الحسين فقط؛ بل تمضي الشيعة الإمامية نحو السب و الانتقاص من ذرية الحسن ..!!
و أما الاسماعيلية فلا ترى الأحقية إلا في ذرية اسماعيل بن جعفر بن محمد.
و المسألة من أساسها أن وراء كل هذه المزاعم؛ لهذه الفرقة أو تلك،كيف يتم التوصل لاحتكار الحكم لها دون غيرها، بجعله حقا دينيا أمر به الله والرسول ..!!
و هنا ينكشف التلاعب، و الالتواء، و التعسف في تولّد التأويلات حول ما يسمى الولاية، التي لم يقل بها علي و لا أحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
و الهادوية؛و هي تحصرها في البطنين، تعطي الحق لمن يرى في نفسه أن شروط الإمامة- التي وضعها الرسي-توفرت فيه، فإن عليه أن يخرج شاهرا سيفه، معلنا عن إمامته.
الأمة هنا في عرفهم لا قيمة لها، و لا دور منوط بها، و عليها فقط أن تهيئ نفسها لتقَبُّل من يخرج فارضا عليها نفسه بالسيف معلنا إمامته عليها بالإكراه ، و بانتظار معتوه آخر تدفعه طموحه و تساعده الظروف المواتية ليخرج شاهرا سيفه،سافكا للدم هو الآخر ..!!
فأي منطقية للولاية هنا، و أي خيرية فيها، و لمن الحق للخارج الأول؟ أم للثاني؟ أم الثالث؟ و قد يتعدد الخارجون الذين يطالبون بأحقيتهم بالإمامة، فيصلون إلى ثمانية في وقت واحد، و الشواهد في هذا كثيرة.
و هل أراد الله عز وجل هذه الصورة الفوضوية-معاذ الله- من الاقتتال و التشرذم و سفك الدماء؟ أم انها مجرد هوى نفس، و نزعة إبليس (أنا خير منه) أراد بها الهادي الرسي أن يلغي الأمة-طمعا في السلطة و التسلط- و يحصر حق الحكم في السلالة فقط متذرعا بما اختلقها من شروط، و بما تولدها من تأويلات لا تستند على أبسط دليل،أو برهان ؟
و إذا سلمنا جدلا أحقية علي، و هو نفسه لم يقل بها و لا ادعاها، إذا سلمنا جدلا بذلك؛ فمن أين لهم دليل قاطع بانتقالها في عقبه، و إذا استرسلنا في الجدل فما الدليل على جعلها في بعض أبناء علي دون بعض؟
إن عليا (رض) عندما طعنه ابن ملجم، أشار عليه بعض من حوله أن يستخلف، فرفض، و قال: "لا، أدعكم كما ترككم رسول الله... ".
و علي هنا على دراية تامة أن حديث الغدير لا يفهم منه - أبدا - أي دليل ظاهر أو خفي على أدنى إشارة للأحقية في الحكم.
أما بالنسبة للإمامة الاثني عشرية، فكما أسلفنا؛ فإنها تنكر أحقية البطنين، و إنما تحصر الإمامة في نسل الحسـين فقط.
إن هذه المزاعم الخرافية، ألغت دور أمة، و تمادت في غيّها و ظلالها إلى حد جعل رسالة محمد (ص) للعالمين ؛ أنها ليست للعالمين، و إنما جاءت لأسرة، و لتقول للعالم كونوا عبيدا لتلك الأسرة ..!!
لقد جاءت ثورة 26 سبتمبر لتمثل فتحا عظيما لليمن، و اليمنيين، و تعتقهم من ضلالات المبطلين، و أباطيل المضلين، و إن اليد البيضاء لثورة السادس و العشرين من سبتمبر لشرف و حرية تلزم، و تفرض على كل اليمنيين ألا يفرطوا بها، و أن يعظوا عليها بالنواجذ، حتى لا تكون إمامة، و إنما تكون الثورة و الحرية و المساواة لكل اليمن و اليمنيين.