خرافة الولاية.. عبودية للعقل وطغيان على التاريخ

خرافة الولاية.. عبودية للعقل وطغيان على التاريخ

إمعانا في تكريس الطائفية والهيمنة، تسعى ميليشيا الحوثي جاهدة إلى تثبيت فكرة الحق المسلوب في الحكم معتمدين على تزوير التاريخ وتشويه عقد الأمة الأول برموزه وشخصياته، التي يكن لها المسلمين الاحترام والتبجيل، ومن هذه المناسبات ما يسمى " عيد الغدير" والذي يعتبر أحد أهم الأعياد عند الحوثيين، والذي فيه يقدمون فيه خرافة الولاية وتقديم صورة مشوهة عن الصحابة.

 

وهم الافضلية

 

ويعتبر علماء المسلمين الاستدلال بحديث الغدير في زعم احقية الصحابي علي بن ابي طالب رضي الله عنه في خلافة النبي، استدلالا باطلا لا أصل له في الأحاديث الثابتة عن رسول الله صل الله عليه وسلم، فالأدلة كثيرة على أن الخليفة بعده هو أبو بكر الصديق، رغم عدم نص النبي صراحةً على ذلك أو وصية له بوضوح، لكن أمره بأن يصلي بالناس اثناء مرضه، ولما سئل عن الخلافة من بعده قال عليه الصلاة والسلام: "يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر".

 وبعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، سارع الصحابة لمبايعة أبو بكر، ومن بينهم علي رضي الله عنه، وثبت عن علي بن ابي طالب رضي الله عنه بنفسه أنه كان يقول: "خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر." وقوله "لا أوتى بأحد يفضلني عليهما إلا جلدته حد المفتري."

 ولم يدّع علي يومًا أنه أفضل الأمة، ولم يقل أن الرسول صل الله عليه وسلم أوصى له بالخلافة، أو أن الصحابة ظلموه وأخذوا حقه، كما أنه بايع أبا بكر الصديق بيعة ثانية تأكيداً منه للبيعة الأولى وذلك بعد وفاة زوجته فاطمة بنت محمد رضي الله عنها.

 مفهوم التوحيد

وفي السياق يقول عضو المحكمة العليا القاضي محمد الريمي، لموقع "الصحوة نت" أن الإسلام دين ارتضاه الله لإخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جَور الأديان إلى سعة الإسلام، وكل الآلهة التي تُعبد من دون الله إنما هي نتاج بشري، ليستعبد الإنسان اخوه الإنسان من دون الله بزعم احقية الافضلية أو القداسة دون باقي البشر"

مضيفا" إن أهم مفاهيم التوحيد هو التحرر من كل رق وعبودية دون الله، بما في ذلك التحرر الاجتماعي من العنصرية، والتحرر السياسي من الاستبداد والخضوع، والتحرر الاقتصادي من التبعية والاستغلال، وذلك هو معنى الآية " قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين".

 

معايير إلهية

 

وتابع القاضي أن " حديث الغدير ليس فيه أمر صريح لأحد دون الآخر بالخلافة والحقوق السياسية، وإنما الولاية للمؤمنين جميعاً والاستخلاف في الأرض، لم يورث به الله لعائلة أو قبيلة دون اخرى كما قال تعالى (َوعد اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وعملوا الصالحاتِ ليستخلفنهم في الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) وبناء على الآية يكون الوعد بالخلافة والولاية العامة شامل لجميع المؤمنين، وقائم على معيارية الإيمان والعمل الصالح لا على معيارية السلالة والنسب، فالنبي صلى الله عليه وسلم كان رسولا إلى الناس اجمعين لا ملكاً ولا زعيما بحيث ينتقل ملكه إلى اهله من بعده، وفي الآية السابقة دليل على أن الإستخلاف من الله للأمم السابقة  كان على نفس المعايير وهي الايمان والعمل الصالح "

 مؤكداً على أن" القرآن يرفض أي ولاية عامة تقوم على أساس عرقي ونزعة عنصرية استكباريه بل ويعتبر ذلك كفراً وحكم الطاغوت "

 

تشتيت الشمل

 

من جانبه، يرى الباحث " بسام الحميدي" بأن الحوثيين لا يفوتون أي فرصة لتشتيت شمل اليمنيين وتشكيكهم بدينهم وعقيدتهم، من خلال التأكيد في كل مناسبة دينية على أنهم مجرد بشر من الدرجة الثانية مكلفين بالسمع والطاعة للبشر الأنقى والسلالة الطاهرة، وتحذيرهم كذلك من التفكير في اختيار من يقودهم لأن الأمر الإلهي القاطع قد صدر في "غدير خم " بأن الحكم للسلالة الهاشمية الى يوم القيامة."

 ويضيف الحميدي، لــ" الصحوة نت" " قد نختلف مع الجماعات والتيارات الأخرى أو هذا أو ذاك لكنهم ليسوا أعداء، العدو هو المشروع الأمامي السلالي الذي يتكرر الآن في زمن الحوثيين، الشمل لا يتشتت إلا في ظل هذا المشروع فقط، صحيح أن هناك في اليمن عدة مشاريع أخرى لكن مقارنة مشروع الحوثي بغيره جهل وغباء بحقيقة المأساة ، وهي أن المشروع الحوثي يرى في اليمني مجرد عبد  له سواء  كنت من الشمال أو الجنوب، لذلك عدونا الوحيد في اليمن هو المشروع الإمامي السلالي الذي أظهر كل توحشه وضحالته ويجب أن يكون الموقف واضحًا أمام كل إنسان يمني حر."

 

الإمامة والجهل

 

ويؤكد استاذ الجغرافيا السياسية السابق الدكتور حسن عبد السلام، بأن الحوثيين يواصلون مسيرة تغيير العقائد والانظمة في صنعاء بعد أكثر من خمسين عامًا على قيام ثورة سبتمبر، واصفا الحوثيين بأنهم أحفاد النظام الإمامي البائد الذين يحاولون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء وإحياء فكرة الحق الالهي التي رفضها الشعب وثارت عليها في سبتمبر 1962م".

ويقول عبدالسلام في حديثه لـموقع "الصحوة نت " أن "عبدالملك الحوثي يحاول تقديم دليل على افضليته المزعومة في القيادة وذلك من خلال الهجمات على الملاحة الدولية التي يزعم لأنصاره أنه لم يسبق لأي حاكم أو قائد أن قام بها، على الرغم من تلك الهجمات التي لم تغير مسار الحرب بين إسرائيل وحماس، إلا أنه يحاول تضخيم نتائج تلك العمليات لغرس فكرة " القائد الرباني الذي لا يخاف" في عقول السذج، واستغلال ذلك في تجنيد افواج من المغرور بهم، ولذلك نلاحظ أن منظومة الإمامة والجهل مرتبطتان منذ القدم، فالإمامة لا تستطيع العيش دون جهل والعكس".

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى