مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، زادت الهموم والغموم على حياة الكثير من الأسر اليمنية، بدلاً من الشعور بفرحة العيد، بفعل الغلاء الفاحش وانهيار الأوضاع المعيشية والاقتصادية بصورة هي الأسوأ منذُ بدء الحرب قبل عشر سنوات بسبب الانقلاب والحرب التي تشهدها البلاد.
ومع اقتراب العيد، بات أبناء محافظة إب، ومعهم بقية المواطنين في مناطق سيطرة المليشيا، يعانون من وضع اقتصادي غاية في التعقيد، نتيجة ممارسة المليشيا الحوثية الإنقلابية المتمثلة في قطع مرتبات موظفي الدولة، والابتزاز والنهب بحق التجار والتدهور الاقتصادي، الامر الذي أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار السلع الأساسية، لتحل الهموم والأحزان مكان الأفراح.
ومنذُ انقلاب مليشيا الحوثي على الدولة توسعت رقعة الحرب في كل المحافظات، ليحول الإنقلاب والحرب التي جلبها للبلاد، حياة المواطنين إلى جحيم ومآسي حلت بالغالبية العظمى على المواطنين الذين ليس لهم حول ولا قوة أمام غلاء الأسعار وغياب فرص الدخل وقطع المرتبات وسيطرة الهموم على عقول وحياة الناس بمختلف المحافظات.
لا نفكر بالأضحية
محمد عبدالعزيز 43 عاما، مواطن من أبناء مديرية ذي السفال جنوب محافظة إب، أنهكته الأوضاع الاقتصادية التي تثقل كاهله، وشكا من تصاعد الأسعار في المواد الأساسية والغذائية وغيرها من متطلبات الحياة اليومية، والتي زادت اشتعالا مع قدوم عيد الأضحى المبارك.
ويؤكد محمد أنه يخشى مع قرب حلول عيد الأضحى، دون أن يتمكن من شراء أساسيات منزله وحاجات أطفاله من دقيق وزيت وسكر وغيرها من الحاجات الضرورية.
ويشير محمد أنّ شراء الملابس وأضحية العيد بات يراها من الكماليات والتي لم تعد تشغل باله كما هو مهموم بكيفية توفير المتطلبات الأساسية.
الدجاج أضاحي الغالبية
بدوره قال غالب المنصوري، مواطن من أبناء حزم العدين غرب محافظة إب، إن " أضاحي العيد لهذا العام تفوق أسعارها عن أسعار السنوات الماضية، ذهبت أكثر من مرة لمكان بيع الأضاحي في شارع الثلاثين الغربي لمدينة إب، لشراء أضحية، لكن سعرها غالي جداً، وبشكل جنوني في أسعار المواشي."
ويوضح المنصوري في تصريح لـ"الصحوة نت" أنه بعد محاولاتٍ عديدةٍ لشراء أضحية، قرر أن يشتري الدجاج بدلا عنها، مستدلا بقول الله تعالى "لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" وبأن الرسول ضحى عن أمته.
مشيراً إلى أن ما سيقوم به يشاركه الغالبية من المواطنين، هرباً من غلاء المواشي الفاحش، فالكثيرون يلجؤون لشراء الدجاج أو البعض اللحوم بالكيلو تعويضًا عن "كبش العيد".
المعلمون في وسط الجحيم
الأستاذ صادق السلمي، أحد المعلمين الذين قطعت مرتباتهم من قبل مليشيا الحوثي، يتحسر بألم بالغ على وضعه ووضع آلاف المعلمين في مناطق سيطرة المليشيا، الذين يعيشون ظروفا قاسية "في وسط الجحيم الذي لا يرحم."
يضيف السلمي في تصريح لـ"الصحوة نت": العيد على الأبواب ويكاد يحل فينا، غير أن قربه يجعل همومنا تكبر وتزيد ولا نستطيع الرد على أطفالنا وتوفير احتياجاتهم من اللبس والمأكل والمشرب، ناهيك عن التفكير بشراء."
ويؤكد أن المعلمين كانوا من الشرائح التي تعيش حياةً كريمةً وتستطيع توفير احتياجات أسرها، إلاّ أن الحرب والانقلاب وما تلاها من قطع من للمرتبات قد حول حياتهم إلى جحيم لا يُطاق
نحن بلا حيلة
المواطن عبدالرحيم محمد، عامل يومي يقول" منذ انقضاء عيد الفطر، ونحن في الجولة ـ المكان الذي يتجمع فيه العمال للحصول على مصدر رزق ـ نبحث عن عمل وكل ما تمكن أحدنا من الحصول على عمل لبعض الوقت نتوقف أيام كثيرة، وما حصلناه في أيام العمل تم صرفه في أيام الفراغ، ولا يكفي لتلبية احتياجات أسرنا، ليقترب عيد الأضحى ومعه زادت المتطلبات من كساء وأضحية وأساسيات البيت، ونحن "بلا دخل وبلا عمل وليس لنا من حيلة".
وأضاف عبدالرحيم، لـ"الصحوة نت"، أن أضحية العيد بالنسبة له مسألة لا يمكن تركها، غير أن الغلاء وقلة الأعمال، تجعله مكتوف الأيدي أمام توفيرها لأسرته التي قال بأن العيد فرصة لتعرف أسرته اللحمة التي تغيب عنهم طوال العام، مشيراً إلى أنه وحتى اللحظة لا يدري كيف سيتمكن من شراءها لعدم وجود أي مبلغ مالي لديه.
حياة مختلفة
على الجانب الآخر من معاناة الغالبية العظمى من المواطنين، تجد فئة من الناس تغيرت حياتهم كليا وبات العيد مناسبة للظهور والتفاخر وتبذير الأموال، وتلك الفئة تنحصر بين قيادات ومشرفي مليشيا الحوثي الإرهابية، ومن يعمل أو ينخرط في صفوفها، حيث يشترون أجود وأفخر أنواع الثياب وأفضل الأضاحي ويشترون نبتة "القات" الفاخرة بمبالغ تكفي عشرات الأسر.
ومع قرب عيد الأضحى، تجد قيادات مليشيا الحوثي قد هيأت نفسها للعيد، دون التفكير بمعاناة حياة شعبٍ منهكٍ من الحرب والانقلاب، خصوصا مع التغيير الكلي بين حياة المواطن العادي وقيادات وعناصر المليشيا التي ارتفع أرصدتها المالية، وظهرت عليها كل مظاهر البذخ، في مشهد قاسٍ ومتناقض بين أناس تتجرع ويلات جحيم الإنقلاب والفقر والغلاء الفاحش دون أي شعور بمعاناة الناس.