أبناء الحديدة يكتوون بحرارة الصيف الحارقة والحوثية تضاعف من معاناة السكان

أبناء الحديدة يكتوون بحرارة الصيف الحارقة والحوثية تضاعف من معاناة السكان

في مدينة الحديدة، يفترش المواطنون الأرض ويلتحفون ظل المنازل والأشجار هربًا من حرارة الجو التي ترتفع درجاتها لتلامس أعتاب السماء في فصل الصيف، وسط عجزهم عن الحصول على خدمة الكهرباء إزاء ارتفاع تعرفة الاشتراك في الخدمة وسعر الكيلو وات.

 

وفي مقابل هذا المشهد القاتم بالمعاناة، ينعم مشرفو مليشيا الحوثي في مدينة الحديدة بالكهرباء على مدار الساعة، والتي تصل في الغالب إلى منازلهم وفللهم عبر طرق غير قانونية، وسط تواطؤ مفضوح من قبل السلطات المحلية ومؤسسة الكهرباء في المحافظة.

 

 سرقة واستغلال

تغلو المليشيا الحوثية -يومًا بعد آخر- في المتاجرة بمعاناة المواطنين من أبناء الحديدة لاستنزاف جيوبهم وفتح باب جديد للنهب والسرقة من خلال صفقات ومشاريع تعلن عنها المليشيا وتروج لها ثم لا يجد المواطنون لها أثرًا على الواقع.

 

قبل عام، أعلنت وزارة المالية التابعة للمليشيا الحوثية عن بدء عملها على مشروع الطاقة الشمسية في مدينة الحديدة، ليكون بديلًا نهائيًا عن المولدات والمازوت، بحسب تصريح الوزارة، وذلك من خلال صندوق دعم كهرباء الحديدة التابع إداريًا لما يسمى بالمجلس السياسي للمليشيا.

 

مصادر خاصة من داخل مؤسسة كهرباء الحديدة تؤكد لـ"الصحوة نت" بأن المشروع قد أكمل تنفيذه، وتم توصيله مباشرة بشبكة مؤسسة الكهرباء مقابل 70 ريال للكيلو وات، لتقوم المؤسسة بإعادة بيعه للمشتركين مقابل 250 ريال لكل كيلو وات.

 

وفي صيف العام 2022، ارتفعت أصوات المواطنين والناشطين في مدينة الحديدة بوجه المليشيا الحوثية، مندِّدةً بعبث المليشيا بملف الكهرباء ومطالِبةً بتوصيل الكهرباء لسكان المدينة الواقعين ضحيةً بين سندان حَر الصيف وفساد المليشيا الحوثية.

 

على إثر هذه الحملة، ظهر حينها زعيم المليشيات عبدالملك الحوثي قائلًا: "سننزل مولدات الرئاسة لأبناء الحديدة ونبقى نحن بلا كهرباء". لتشهد بعدها مدينة الحديدة تحسنًا في أداء خدمة الكهرباء، ويظن الجميع أن مولدات الرئاسة قد وصلت المدينة، فيما الحقيقة أنها عملية استغلال لأحد المشاريع الدولية.

 

بحسب الصحفي والناشط الحقوقي بسيم جناني، فإن تحسن الكهرباء في تلك الفترة وما بعدها كان جراء تشغيل مولدات المشروع الصيني الخاص بتوسعة مصنع إسمنت باجل، حيث قام المصنع بتشغيل تلك المولدات وبيع الكيلو لمؤسسة الكهرباء بـ 11 ريال،  وكان يُباع للمواطن طيلة الفترة الماضية بـ 250 ريال للكيلو.

 

معاناة أبناء الأرض

الحاج "سالم رزق"، أحد نازحي مديرية الدريهمي إلى مدينة الحديدة. يعيش سالم وأولاده الأربعة في غرفة إسمنتية صغيرة وسط المدينة، بلا ماء أو كهرباء، نظرًا لصعوبة حالتهم المادية.

 

يقول سالم لـ "الصحوة نت" بأنه مع دخول فصل الصيف تتحول هذه الغرفة إلى فرنٍ كبير غير صالح للعيش، وهو ما يضطرهم للخروج واللجوء إلى ظل العمائر الطويلة وسط الحارات، ليظفرون بهبة ريحٍ تساعدهم على النوم لساعة.

 

وفي ظل ارتفاع درجة الحرارة ووصولها إلى مستويات قياسية، يشاطر سالم المئات من أبناء الحديدة، الذين يجبرهم عجزهم وفقرهم عن الوصول إلى الكهرباء على الخروج من منازلهم إلى أرصفة الشوارع تحت ظل الأشجار أو المساجد أو "اللوكندات" أو ساحل المدينة، هربًا من الحر وبحثًا عن نسمة هواء باردة.

 

"مِن فين وأنا بلا راتب؟" هكذا رد المعلم "مهيوب كولي" عندما سألناه عن سبب عدم اشتراكه وتوصيله الكهرباء إلى بيته. مضيفًا بأن أكبر همومه حاليًا أن يوفر علاجًا لطفله المصاب بحمى الضنك. وهو مرض متفشٍّ في مدينة الحديدة في الفترة الأخيرة بفعل درجات الحرارة العالية.

 

بذخ القادمين من الكهف

على الضفة الأخرى من معاناة أبناء الحديدة، الذين يُحرَمون من الكهرباء نظير فقرهم، تنعم قيادات المليشيات الحوثية في المدينة بخدمة الكهرباء في فِللها الفخمة بشكل مجاني، وعبر طرق وأساليب غير قانونية.

 

تُشير مصادر محلية لـ "الصحوة نت" إلى أن مشرفي المليشيا في مدينة الحديدة يقومون بسرقة خطوط الكهرباء من المساجد والأماكن العامة لتوصيلها بشكل غير قانوني إلى منازلهم على مرآى ومسمع الجميع، دون خشية من سلطة أحد.

 

وأوضحت المصادر بأن أفعال قيادات ومشرفي المليشيا تأتي بتواطؤٍ واضح من مؤسسة الكهرباء المحلية في مدينة الحديدة، التي تشن حملات شبه يومية بعشرات الأطقم العسكرية لمنع المخالفات من قبل المواطنين البسطاء وقطع الكهرباء عنهم، وصولًا إلى اعتقالهم.

 

ولفتت المصادر إلى أن مؤسسة الكهرباء تبدو عاجزة عن التعامل مع مخالفات قيادات المليشيا وردعها وقطع خطوط الكهرباء عن منازلهم، بالرغم من وضوح مخالفاتهم على مرآى المواطنين والسلطة المحلية في المحافظة.

 

طبقية واضحة ومناشدات للتدخل

يشير الناشط الإعلامي "مروان نورالدين" إلى أن قضية كهرباء الحديدة تمثِّل نموذجًا جليًا على الظلم والتفاوت الاجتماعي الذي يُعاني منه مواطنو مدينة الحديدة اليوم في ظل حكم مليشيا الحوثي الكهنوتية.

 

ويقول مروان لـ "الصحوة نت" بأن حالة البذخ هذه التي يعيشها مشرفو الكهنوت مقابل معاناة المواطنين في مدينة الحديدة، تُظهِر حجم الهوة الاجتماعية والحالة المعيشية بين هذه الجماعة والشعب، وتنصل المليشيات من تحمل مسؤولياتها والتزاماتها القانونية والأخلاقية.

 

ويضيف: "كما أن سياسة الازدواجية في المعايير التي تتعامل بها مؤسسة الكهرباء في مدينة الحديدة مع المواطنين اليمنيين ومشرفي المليشيا الحوثية، توضح عبث واستغلال حكم المليشيا لمؤسسات الدولة وتوظيف مواردها لمصالح قياداتها ومشرفيها".

 

ويشدد مروان على أن عبث المليشيا الحوثية وفسادها الكبير في ملف كهرباء الحديدة لا يُعد فقط انتهاكًا للقانون بل يُعبر عن استهتار المليشيات بمسؤوليتها الاجتماعية والأخلاقية تجاه المجتمع.

 

من جهتهم، يناشد المواطنون في مدينة الحديدة المجتمع الدولي بإجراء تدخلات فورية لتخفيف وطأة الممارسات الكهنوتية بحقهم، باعتبار الكهرباء ليست مجرد خدمة، بل حق من حقوق الإنسان يجب أن يتمتع به الجميع دون تمييز أو استغلال.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى