تمثل الطرق البرية شريان الحياة العامة في عصرنا الحالي ، وتزداد أهميتها في واقعنا اليمني كونها تكاد تكون طريقة النقل الداخلية الوحيدة بعد توقف النقل الجوي والبحري الداخلي نتيجة لانقلاب الحوثي على الدولة الشرعية في 21سبتمبر2014م ، ثم الحرب التي تلته وما ترتب من أوضاع متعلقة بتدخل الاقليم وتدويل القضية اليمنية ، وكل هذه التعقيدات التي أوصلنا إليها هذا الانقلاب المشئوم الذي جعل من قطع الطرقات سلاحاً يعذب به اليمنيين ويتلذذ بهذا التعذيب كون هذه الجماعة المليشاوية أدمنت صناعة الفوضى وتنويع وسائل الأذى ، ولايمكن لها العيش أو الاستمرار إلا في وسط واقع مشبع بالأوجاع ومثخن بالجراح ومترع بالانتهاكات .
الطريق حقٌ أصيل للمواطنين ، ومن يقطعه يرتكب جُرماً يحرّمه الشرع ويمنعه القانون ، ولا تقبله الأعراف والأسلاف في مجتمعنا اليمني ، وسيظل مَذمة لصيقة بهذه الجماعة الإنقلابية وإن حاولت التنصل منهما ، وكل الضحايا الذين قضوا في الطرقات البديلة الوعرة ، والخسائر والنتائج السلبية التي لحقت باليمنيين أشخاصاً واسراً ومؤسسات كلها يتحمل الحوثيون وزرها والمسؤولية عنها قانونياً وأخلاقياً ، وستظل رذيلة مرتبطة بهم طال الزمان أو قصر ، وسيذكرهم التاريخ كقطاع طرق لم يكتفوا بقتل اليمنيين ونهبهم بل زادوا على ذلك أن قطعوا طرقهم المعتادة وحاصروا مدنهم الآمنة .
يجب ان يفتح الحوثيون كل الطرق التي قطعوها في مارب والجوف وتعز والبيضاء والضالع ولحج بلا استثناء ولا انتقاء ودون تأخير ، ولا يعد ذلك مكرمة أو تفضلاً منهم إنما عودة لما يجب أن يكون ، ولن يشكرهم أحد إن فعلوا ذلك فليس من المنطق أن نشكر مجرماً ، ولا من العدل أن نكافئ قاطع طريق ، وفتح الطريق والسماح بالمرور فيه استحقاق شعبي خدمي لا يجب أن يتحول لورقة مساومة سياسية كما اعتادت هذه الجماعة المارقة أن تفعل في كل جولات المفاوضات الماراثونية التي لم تسفر عن حل ناجع بسبب التعنت الحوثي في كل جولاتها ، مع أن مطالب حوثية كثيرة تم الاستجابة لها مقابل أن تفتح الجماعة الطرقات وتوقف حصار المدن فانقلبت على كل ما وقعت عليه كعادتها منذ أن عرفناها في واقعنا السياسي اليمني .
الذي لا يمكن نسيانه ان الشرعية بكل مؤسساتها المدنية والعسكرية ظلت تؤكد أن لا طرقات مغلقة من جهتها ، وكان للشيخ سلطان العرادة عضو المجلس الرئاسي موقفاً مميزاً في تحريك هذا الملف في مارب حين ذهب بنفسه إلى أخر نقطة لوجود قوات الشرعية ليعلن للعالم أن الطرق مفتوحة من جانب الشرعية حكومة وجيشاً ، وليضع المليشيا الانقلابية في مواجهة مباشرة مع الشعب برفضها فتح الطريق والاستمرار في قطعه رغم الضريبة الباهضة التي يدفعها اليمنيون بسبب هذا السلوك المليشاوي .
كل يوم تؤكد لنا الأحداث أننا أمام مليشيا تنتهج الإرهاب اعتقاداً وسلوكاً ، والأهم أن كل محاولاتهم لتحسين صورتهم القاتمة صارت مكشوفة ومُدركة أمام الداخل والخارج ، ولابد من التأكيد ومن واقع الأحداث أن هؤلاء المأفونون ليسوا على استعداد للسلام والتعايش مع اليمنيين ، لأنهم يؤمنون في قرارة أنفسهم أنهم الأحق في امتلاك الأرض والتحكم بالشعب والاستفراد بالثروة ، وليس لأحد ان يشاركهم في ذلك ، وتلك هرقطات عفى عليها الزمن واسقطها الأجداد من قبل ، وهاهم الأحفاد يفعلون ذلك من جديد .
دمتم سالمين .