الطوفان يسطر مواقف الشرف

الطوفان يسطر مواقف الشرف

 

   بعد معركة ذي قار التي انهزم فيها الفرس من قبيلة بني شيبان، انطلق الشاعر الأعشى يسجل ذلك الانتصار الثمين، و يُعَرّض بالكيان الأعلى للقبيلة الأم (مَعَدّ) و التي يكون فيها بنو شيبان فرع من فروعها.

 

   و الشاعر هنا يعرض بالفروع التي  لم تشترك في المعركة؛ ربما لحسابات الربح و الخسارة في العلاقة مع الفرس، فوخزها الشاعر الأعشى، و قد فاتها الشرف؛ بقوله:

 

     لو أنّ  كل  مَعَـــــدٍّ  كان  شاركــــنا

     في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف

 

   هناك مبادئ في الحياة لا توضع على طاولة المساومات، و المفاوضات، هذه المبادئ تأتي فوق ما يسميه بعضهم الخطوط الحمراء؛ لأن الخطوط الحمراء أثبتت الأيام أنها لا تعني أكثر من تلويح بالتهديد ، ثم يبتلعها من أطلقها ـ حين يتجاوزها العدو ـ  بمبررات، و بغير مبررات.

 

   المبادئ شيئ آخر لا يجوز التهاون بها، و حتى لو فرضتها ظروف قاهرة فلا يتخلى عنها معتنقوها، و تبقى فريضة قائمة  على الرقاب حتى تنتصر هذه المبادئ.

 

   و المبادئ هنا ليست مبادئ ميكافللي بنسختها الأمريكية التي أباحت لنفسها التنكر لكل المبادئ التي رفعتها، و كانت قد تجمّلت بها، و لبستها كملابس تنكّرية حتى أتاها الطوفان الذي عَرّاها و كشفها على حقيقتها، فإذا هي سوداء للناظرين، و في مقدمة أولئك شباب جامعاتها و فئة واسعة من شعبها؛ بل ومن شعوب العالم ككل.

 

   القضية الفلسطينية قضية مبدأ؛ و لئن فَرضت مأساتها يوما ظروف متعددة ؛ لكن الأمة اعتنقتها قضية مبدأ، و جعلتها قضيتها الأولى، و أن يأتي من يسلك سلوك الأطراف المترددة من قبيلة معدّ ؛ فيسجن نفسه ، و مواقفه وراء حسابات الربح و الخسارة؛ فإنه يخسر منذ اللحظة الأولى لاتخاذ مثل هذا الموقف.

 

   يتحدث بعض قادة الكيان اللقيط عن إعداد خطة اليوم التالي للقضاء على الطوفان بزعمهم ، و يشاركهم في هذا الحديث المعادي بعض حلفاء الكيان اللقيط، فيما يتمنع بعض قادة هذا الكيان عن الخوض في هذا ؛ لأنه يُمَنّي نفسه بخطة أشمل لا تقف عند التخطيط لما بعد الطوفان، و إنما يمني نفسه بفرض إرادات على مستوى المنطقة، و ليس فقط على سائر فلسطين.

 

   يفترض أن كل مَعدّ هنا تعمل باتحاد ، و رؤية موحدة ؛ لاتقاء مخطط استعماري بغيض يستهدفها،و سيزداد شراهة،و سوف ينكشف للعيان في حال أن أماني نتن ياهو تحقق لها ماتريد، لا سمح الله. 

 

   لكن رجال الطوفان اليوم يسطرون ملاحم البطولة و الشرف بعمليات أسطورية، و بصمود جلّ عن النظير، و ثبات أصبح مضرب الأمثال، بل و محل القدوة و الاعتبار لكل الأحرار.

 

   يثق الشارع العربي و الإسلامي أن رجال الطوفان على قدر كبير من الصدق، و الصبر و المصابرة و المرابطة؛ و لكن أين بقية مَعدّ؟ ألا يدركون أنهم الهدف الأكبر؟ ألا يعرفون أنهم المائدة التي سيلتف حولها اللئام، و يتربص بها كل الأوباش؟

 

  يبدو أن القادسية و نهاوند ليست وحدهما سبب الثأر لكسرى، و لكن (لذي قار) نصيب من الثأر أيضا. و من مأساة الأمة أن الزنابيل في اليمن و العراق و لبنان لا يفرقون بين فُتَاتٍ يُعْطَونَه،أو يُمَنَّون به؛ و بين كرامة و شرف يفقدونهما..!!

 

   الزنابيل في اليمن لا بد من إيقظ نخوتهم، و إثارة كرامتهم، فليس من المعقول أن يسعى المرء بقدميه إلى حتفه، و إلى إهانة نفسه، و ليس من المعقول في شيئ أن يركض الزنابيل نحو الهاوية، و كل أمنياتهم أن يكونوا عبيدا في  عتبات السلالة الحوثية و الكهنوت.

 

         لو  أن  كل  مَعَــــدٍّ  كان  شاركنا

        في يوم ذي قار ما أخطاهم الشرف

 

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى