حين يتجاوز تفكير شخص حدود منصبه ويسخر حنكته ودهائه لخدمة وطنه ومجتمعه فإننا نكون أمام شخص نادر واستثنائي، يستحق الدعم والمساندة، فبمثل هؤلاء تبنى الأوطان، كما هو الحال بالسياسي المختطف لدى مليشيا الحوثي محمد قحطان.
السياسي محمد قحطان نموذج حي وبارز لمثل هذه الشخصية الاستثنائية في مجتمعنا اليمني، يعرفه الخصم قبل الصديق، بأن الرجل رمز وطني وقامة سياسية بارزة لا يمكن تجاهلها، ولا تقبل الإنكار، ولطالما عرف عن قحطان دعواته الدائمة إلى التقارب وفتح أبواب الحوار بين الفرقاء السياسيين، إيمانًا منه بأن اليمن يتسع للجميع.
دهاء وحنكة سياسية
يقول الصحفي والناشط السياسي "على العقبي" إن مواقف المناضل قحطان كثيرة في صناعة التوافقات بين المكونات السياسية ولملمة الصفوف منذ بداية حضوره في هرم العمل السياسي في حزب الإصلاح".
عُرف عن قحطان دهائه وحنكته السياسية، ومواقفه الشجاعة التي لا تقبل المساومة، ونظرته الثاقبة للأحداث، لذا فقد أعلن رفضه أغلب سياسات مليشيات الحوثي مذ كانت طرفًا في مؤتمر الحوار الوطني، محذرًا من خطورتها على الشعب والبلاد، في حين كان يقف من هم أكبر منه منصبًا وسلطة موقف المتفرج، اعتقادا منهم أن الحوثي خطر يهدد وجود طرف سياسي معين.
في فترة الحوار الوطني، أدركت المليشيات الحوثية الخطر الذي يشكله قحطان بفطنته وحنكته السياسية على مشروعهم السلالي، فجعلت الرجل هدفا لها.
ما إن أعلنت مليشيا الحوثي انقلابها وسيطرتها على صنعاء كان قحطان من أوائل الرافضين لجريمتها السياسية، فدعا لوحدة صف الفرقاء السياسيين لمواجهة هذه السلالة.
دلالات استمرار اختطاف قحطان
يشير الصحفي علي العقبي، في حديثه لـ "الصحوة نت" إلى أن استمرار تغييب قحطان من قبل مليشيا الحوثي عقاب وحقد وانتقام من شخصية تمثل ضمير اليمنيين وتدافع عن الدولة والجمهورية، إضافة إلى أن هذا الانتقام موجه ضد حزب الإصلاح وموقفه الوطني المساند للدولة ضد تمرد مليشيا الحوثي الإرهابية.
ويضيف "العُقبي" قحطان رجل حوار وسلام وسياسة، وخاطفوه مليشيات يعارضون السلام والسياسة والحوار.
من جهته، يلفت الكاتب والصحفي فهد سلطان إلى أن استمرار اختطافِ السياسي اليمنيّ البارز الأستاذ محمد قحطان من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية للعام التاسع، هي جريمةٌ إنسانيةٌ فاضحةٌ تُجسّدُ قمعَ الحرياتِ ومصادرةَ الحقوقِ في المناطق الخاضعةِ لسيطرتها.
واعتبر "سلطان" في حديثٍ له مع "الصحوة نت" أن قحطان أحد رموز الصمود في وجهِ الظلمِ الحوثي، واختطافه وإخفائه قسريًا كل هذه المدة يُعدّانِ جريمةً ضدّ الإنسانيةِ تُضافُ إلى سجلِّ مليشيا الحوثي الأسود الحافلِ بانتهاكاتِ حقوقِ الإنسانِ.
وأشار إلى أن استمرار اختطاف قحطان وإخفائهِ قسريًا يكتسب دلالاتٍ عميقة تكشفُ عن نواياهم المُتطرفةِ ورغبتهمْ الكاسحة في قمعِ أيّ صوتٍ مُخالفٍ لسياساتهمْ من الشخصيات المدنية والمعززة لثقافة الحوار.
وأضاف الكاتب والصحفي فهد سلطان أن رفض الحوثيين المُستمر للإفراجِ عن قحطان، حتّى مع وجودِ قراراتٍ أمميةٍ تُطالبُ بذلك، يشير إلى تمسّكهمْ بسياسةِ العقابِ الجماعيّ ورغبتهمْ في كسرِ إرادةِ المُعارضين الرافضين لسياستهم العدوانية.
أما الناشط والإعلامي، هارون عبدالخالق، يرى أن استمرار اختطاف أيقونة الثورة والنضال محمد قحطان وتغييبه قسريًا في دهاليز الإمامة وعدم السماح بزيارته أو على الأقل معرفة أحواله في معتقله تعني استمرار العنف المليشاوي وعدم جديتهم في إنهاء الحرب التي أشعلوها منذ سيطرتهم على صنعاء في سبتمبر 2014.
واعتبر عبدالخالق، في حديثه لـ "الصحوة نت" أن هذا تأكيد واضح وصريح أمام كل المساعي الدولية والإقليمية والمحلية بعدم التزام الجماعة بأي مرجعيات لإحلال السلام وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأهمها القرار 2216.
الافراج عن قحطان أولوية
وعن دور الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في ملف قحطان، يشير، هارون عبدالخالق، إلى أن تلاعب المليشيات بملف قحطان، رغم أنها قضية انسانية، نفهم من ذلك أن هناك تواطؤ مذموم للمجتمع الدولي وانحيازه غير المبرر إلى صف المليشيات الانقلابية.
وأضاف خلال تسع سنوات تجاهل المجتمع الدولي كل مناشدات أسرة قحطان للضمير الدولي في الضغط على المليشيات بالكشف عن مصيره المجهول حتى اللحظة، مطالبا وفد الشرعية عدم الخوض في أي جولة مفاوضات مالم يكن الإفراج عن قحطان أولوية قصوى.
معاناة أسرة قحطان
منذ اختطافه في 4 أبريل 2015، تعيش أسرة قحطان حالة من القلق والترقب، وسط رفض مليشيا الحوثي الكشف عن مصير القائد قحطان أو وضعه الصحي، ولطالما تعنتت المليشيات في المفاوضات حول ملف قحطان بشروط تعجيزية.
نحو عشر سنوات مرت من عمر السياسي قحطان، وأسرته تعيش كل يوم في جحيم من المعاناة ولا تعلم عن وضعه الصحي والمعيشي، لكن كما يقول متابعون إن قحطان وأسرته يدفعان هذا الثمن الكبير لانحيازهم لليمن وللمشروع الوطني.