تُعدّ قضية السياسي البارز محمد قحطان، أحد أبرز الأمثلة على استخدام المليشيا الحوثية لجريمة الاختطاف كأداة في حربها ضد اليمنيين، فما تزال تخفيه قسريًا منذ الرابع من أبريل 2015، متجاهلة قوانين حقوق الإنسان وكل الدعوات والمناشدات المحلية والدولية.
مثل اختطاف قحطان، كل هذه الفترة استهدافًا مباشرًا للعملية السياسية، وعكس منهجية العنف والإرهاب لدى مليشيا الحوثية، ومعتقداتها المرتكزة على إلغاء الآخر.
ويأتي إصرار مليشيا الحوثي على إخفاء السياسي قحطان، وتنصلها من كل الاتفاقات والعهود، في ظل أنباء تتردد عن اعتزام الأمم المتحدة إطلاق جولة جديدة من المفاوضات بعيداً عن تنفيذ الالتزامات بشأن قحطان،
وهو الأمر الذي قوبل برفض سياسي وحقوقي واسع من مختلف أطياف المجتمع اليمني، باعتبار قضية قحطان، ضمن قرارات مجلس الأمن، ومركزية في العملية السياسية وجهود إحلال السلام في اليمن.
عنجهية حوثية
الأمين المساعد للمكتب التنفيذي لإصلاح المهرة، محمد سعيد كلشات، حذّر من "استمرار الحوثيين في اختطاف محمد قحطان، جريمة إنسانية وعمل ارهابي لشخصية سياسية حوارية"
مؤكداً في تصريح لـ"الصحوة نت" أن "اختطاف محمد قحطان وإخفائه كل هذه السنوات يبرهن على أن هذا الفعل المليشياوى تجاه شخصية سياسية دون أدنى التفات أو اعتبار للمجتمع وأعرافه والقوانين والقرارات الدولية."
من جانبه اعتبر رئيس الدائرة الإعلامية للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة تعز أحمد عثمان "استمرار إخفاء قحطان لتسع سنوات بـ"الجريمة التاريخية غير المسبوقة، المخالفة للشرائع السماوية والقوانين الدولية وحقوق الإنسان، بل مخالفة حتى لأعراف المنظمات والعصابات وقطاع الطرق."
فيما قال أمين المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بساحل حضرموت، محمد بالطيف، إن" استمرار خطف وإخفاء شخصية سياسية توافقية بحجم الاستاذ محمد قحطان يعد دلالة كافية وافية تثبت مدى عنجهية مليشيا الحوثي وتخلفها في التمييز بين ما يمكن ومالا يمكن وما يجوز ومالا يجوز وما يصح وما لا يصح من وسائل التعامل الإنساني والأخلاقي، فضلاً عن قيم الدين وأساليب التعامل التي درج عليها اليمنيون فيما بينهم حتى في أشد لحظات الخلاف والصراع والإحتراب، فهناك ضوابط لا يتجاوزها اليمني في تعاملاته حتى مع خصومه".
وتابع بالطيف، في تصريح لـ"الصحوة نت": "يثبت الحوثي أنه نبتة خبيثة لا صلة لها بثقافة موروث ومواصفات هذا الشعب العظيم، أكثر من تسع سنوات ومليشيات الحوثي تصر وبشكل فج وعميق على تغييب الاستاذ محمد قحطان وغيره الكثير دون حتى أن تفصح عن مكان تواجدهم أو تسمح لهم بالتوصل مع أهليهم وذويهم وأطفالهم وأمهاتهم وابائهم، إنه لأمر غاية في البشاعة والسادية الإجرام."
مفتاح السلام
وعن مساعي السلام بعيداً عن قضية قحطان، قال السياسي كلشات، إنه "لا معنى لأي مساعي لوقف الحرب مالم تكن أولى ملفاتها الإفراج عن المعتقلين في سجون الحوثي، وفي مقدمتهم المناضل الكبير الأستاذ محمد قحطان وكافة المعتقلين."
وأضاف كلشات، أنّ "السكوت عن مصير المعتقلين والمخفيين من السياسيين والإعلاميين والنساء جريمة ترتكبها الجهات الداعية لوقف الحرب، إن كانت إقليمية أو دولية." مشددا على أنّ "لا يتم القبول بأي طرح يطرح مالم يكن الإفراج عن المعتقلين السياسيين والإعلاميين والنساء ومحمد قحطان على رأسهم، فالقبول بأي اطروحات وملفات أخرى تضيع لقضية المعتقلين."
شرط الحوار
فيما قال أحمد عثمان، إن "المجتمع الدولي غير جاد في التعامل مع قضية الأسرى ولم يضغط على الحوثي في كل المراحل."
وطالب عثمان الوفد المفاوض بـ"التّمسك بالكشف عن قحطان كشرط للجلوس لأي حوار قادم وعدم فتح أي ملفات بدون إطلاق القائد قحطان." مؤكداً أنّ "هذا واجب وطني على الشرعية ووفدها لرجل أعطى كلّ شيء من أجل الوطن والدولة والجمهورية."
فيما دعا كلشات "الدول واللجان التي تعقد بين الحين والآخر لقاءات تهدف لوقف الحرب، إن تباشر أولا الإفراج عن المعتقلين، وفي مقدمتهم محمد قحطان."
رجل الحوار
قال يسلم البابكري، نائب الدائرة السياسية لإصلاح شبوة إنّ محمد قحطان" يمثل حالة فريدة في العمل السياسي في كلّ مراحل العمل الوطني التي عايشها، بما يمتلكه من أفق واسع وروح".
وشدد البابكري، على ضرورة أن تبقى قضية محمد قحطان حية في ضمير كلّ يمني، وتبقى وصمة تلاحق هذه المليشيا حتى ينال كلّ الأحرار في سجونها حريتهم، وفي مقدمتهم محمد قحطان."
مضيفاً أن قحطان "استطاع أن يصيغ العديد من مشاريع التوافق الوطني، ولهذه الرمزية قامت المليشيا بإخفائه كلّ هذه السنوات، ذلك أنها جماعة ليس في مفرداتها إلاّ السلاح والعنف والبطش، وتحاول فرض مشاريعها بهذه الأدوات، وترى في كلّ فعل مدني خطرًا عليها."
فيما قال السياسي عثمان، أنّ "القائد محمد قحطان كان سياسيًا مدنيًا وشخصية حوار وطني، بل كان أحد رموز الحوار الذي كان يجري تحت إشراف مبعوث الأمم المتحدة والمفترض أنّه تحت حمايتها."
وأضاف أنه "مع ذلك، لم يتحركوا في هذا الملف ومارسوا مجاملة مكشوفة، وحققوا إنجازات للحوثي، وانقذوه في مراحل مهمة، على سبيل المثال اتفاق السويد وتسليمهم الحديدة دون أن يطالبوه بتنفيذ التزاماته، ومنها فتح طريق تعز، وأهمها إطلاق محمد قحطان، بل وبأمر أسهل وهو الكشف عن مصيره."
ويرى عثمان، أنّ "محمد قحطان بشخصيته المدنية وحضوره الشعبي وآرائه الحرة يُمثل كابوسًا للحوثي كجماعة تخاصم الشعب وتعتبر ثقافة الحوار والنضال السلمي خطرًا عليها، بما يمثله قحطان من رمزية لرجل الحوار وزعامة شعبية."
علامة استفهام
اعتبر كلشات، موقف المجتمع الدولي أنه" موقف ليس مشرف حتى اللحظة، تجاه قضية اختطاف قحطان، وكل المختطفين السياسيين، وأصحاب الرأي والكلمة في سجون الحوثي، ولربما لو كان هناك موقف دولي لما بقي إلى يومنا هذا في الاختطاف".
داعيا المجتمع الدولي والمنظمات بتبني حملات للمطالبة بالإفراج عن قحطان، مؤكداً أن "على وفد الشرعية أن يجعل قضية الإفراج عن محمد قحطان وكافة المعتقلين من أولى الأوليات، ولا يقبل الوفد المضي في أي قضية إذا لم يكن ملف الإفراج عن المناضل الاستاذ محمد قحطان ورفاقه أول تلك الملفات."
وقال بالطيف، أن قضية الاستاذ محمد قحطان "قضية إنسانية بحته ولا علاقة لها بالحرب ولا بالصراع، فالأستاذ قحطان رجل سياسة بامتياز وهو مهندس التوافقات السياسية وصاحبها، ومن المخزي أن يتم تجاهل قضيته من قبل الجهات الدولية الأممية رغم أهميتها والحديث المتكرر عن قضايا أقل أهمية منها."
واستغرب بالطيف تساهل المجتمع الدولي في تعامله مع جماعة الحوثي "هذا يثير الكثير من علامات الاستفهام، مما يجعل البعض هنا يشكك في جدية المجتمع الدولي في إنهاء الانقلاب وإيقاف هذه الحرب الظالمة التي فرضتها مليشيات الحوثي على الشعب اليمني."
وأكد بالطيف لــ"الصحوة نت" على أهمية إنهاء هذا الملف الإنساني وإعادة المختطفين إلى أبنائهم وأسرهم. وتمنى التعاطي مع هذا الملف بكل جدية وإيجابية، دون رضوخ لابتزاز الحوثي ومساوماته اللاأخلاقية."
الفعل الوطني
فيما انتقد البابكري، في حديثه لـ"الصحوة نت" دور الأمم المتحدة، وقال إنه دون المطلوب، برغم ما تمثله هذه القضية من بعد إنساني يمس حرية الناس وكرامتهم ومعاناة ذويهم". وقال إن الرهان يجب أن يكون على الفعل الوطني بشكل أساسي، دون إغفال البعد الدولي وطرح هذه القضية في مختلف المحافل."
من جانبه قال البابكري أن المسؤولية تقع على عاتق "الشرعية بمؤسساتها والمفاوض خصوصًا مسؤولية كبيرة في إدارة هذا الملف، وجعل حرية كلّ المختطفين، وفي مقدمتهم محمد قحطان، هدفًا تسخر ﻷجله كلّ الوسائل المتاحة حتى ينعم كلّ مختطف في سجون المليشيا بحريته."
ومن جانبه، حمل السياسي عثمان، المنظمات الدولية، وبالذات مجلس الأمن ومبعوثيها، مسؤولية التقصير في قضية اختطاف محمد قحطان "لصالح محاباة المنتهكين."