الحراك الطلابي في الجامعات الأمريكية وقبله المظاهرات الحاشدة في الشارع الأمريكي والاوروبي يمثل بداية حقيقية لانقلاب جذري في الرأي العام الغربي الذي كان يقدس إسرائيل ويعتبر السامية من الثوابت والمقدسات.
قبل ايام وقف عضو برلماني في دولة امريكا العلمانية؟؟؟ يسرد أمام الطلاب المحتجين موعظة دينية خرافية مؤكدا: ان الله سيبارك من يقف مع إسرائيل ويلعن من يقف ضد إسرائيل مضيفا ان هذا ما قاله النبي ابراهيم و متسائلا :هل تريدون ان يلعنكم الله بوقوفكم ضد إسرائيل ؟؟؟؟
ولعقود كان الشارع الأمريكي بفعل التخطيط الصهيوني والاستعماري القوي والتعبية المتواصلة يقف مع إسرائيل بالحق والباطل وإن كان كل مواقفها باطل على باطل أساسا بداية باحتلال أرض الغير وتهجير أهلها ونهب بيوتهم.
وكانت الإبادة التي تقوم بها إسرائيل حق لإسرائيل في نظر الشعب الامريكي ومن يحرك رأسه او لسانه يتهم بمعاداة السامية، فالشعب الفلسطيني والعربي يمثلون حيوانات بشرية تستحق الموت لكي تعيش إسرائيل بأمان.
ما نراه اليوم في الجامعات الأمريكية هو تحول حقيقي خارج حسابات القوى العظمى، ومربك لها و يمثل ثورة حقيقية للجيل الجديد فيه يعيد الاعتبار لقيم الحرية وكرامة الإنسان، الذي تتشدق به القوى الدولية بصورة مخادعة تكيل بمكيالين ، علما ان الابادة الجماعية هي جزء من ثقافة الاستعمار الغربي.
والكثير لا يعلم حقيقة إبادة عشرات الملايين بصور مرعبة بيد دول الاستعمار الغربي وتحديدا في أفريقيا، وهي شاهدة على الوحشية المطلقة للحضارة الغربية التي هيمن عليها الفكر الصهيوني المترنح أمام ضربات طوفان الأقصى وصمود غزة وارتدادات مذهلة للشارع الغربي وجامعات النخبة في أمريكا، وكلها تمثل قوة خفية لهزيمة القوة الفائضة.
ما يجري في الجامعات الامريكية والشارع الغربي عموما يمثل ثورة عالمية ناعمة ستصنع مع الوقت، ليس شرق أوسط جديد بشروط الصهيونية، و إنما رأي عام غربي جديد، و عالم جديد، ومجتمع دولي جديد، لصالح البشرية وقيم العدل.
يصرخ الطلاب المعتصمين في جامعات أمريكا بوجه زعمائهم ، لا نريد سياسة ومكاسب سوداء على حساب الإنسانية،ما نريده هو تحقيق العدل وإيقاف إبادة الإنسان في غزة ، إنها معركة ناعمة ،لكنها معركة كسر عظم لإسرائيل ،ومن ورائها الصهيونية العالمية وأثرها أمضى من أثر الحروب الخشنة.
وبحسب طلاب الجامعة في نيويورك :ببساطة فإن الصهيونية تخسر الجيل الجديد في أمريكا والغرب، وهي أمور لن تتلاشى بل ستغير تدريجيا المسارات المستقبلية لحركة العالم نحو الأفضل و ستكون الصهيونية بقوتها الفائضة هي الخاسرة أمام القوة الخفية التي تحركت رياحها من غزة وانتقلت بسلاسة إلى عواصم ومدن وجامعات أمريكا العظمى والدول الغربية.
فمن كان يتصور ان تنطلق هتافات الشوارع والجامعات الأمريكية والبريطانية بالحرية لفلسطين، وتطالب بهزيمة إسرائيل كقوة احتلال همجية لصالح روح الإنسانية، وقيم الحضارة التي ينتصر لها هؤلاء الطلاب الذين يواجهون الترهيب، وهم ينتصروا لوطنهم، وقيم الحرية التي يفخرون بها، ولا يستطيعون مشاهدة جزء من الإنسانية تباد كل يوم بدعم من دولهم التي تسمى نفسها عظمى، مع أن درجة العظمة هي صفة ملازمة لهؤلاء الطلاب العظام، وهيئة المدرسين الذين يشكلون سلسلة بشرية لحماية طلابهم، الذين يصنعون ربيعا عالميا جديدا يصعب السيطرة عليه في عالم مفتوح، صمم على الأوهام والأكاذيب التي لا تقف كثيرا أمام الشعوب الحرة، والتي ستظل يوما إلى عكس ما يشتهي الربان وصانع الاجنحة.