هذه الدراما لا تخصنا

هذه الدراما لا تخصنا

شهر رمضان الذي هو شهر الخير والبركات حولته معظم القنوات الفضائية اليمنية إلى فقّاسة موسمية للمسلسلات والأعمال الدرامية المختلفة.

وإلى هنا والأمر في حكم المقبول والمعقول. غير أن خارطة الأعمال الدرامية لهذا العام أبت إلا الابتعاد بالمُشاهد كثيرا كثيرا عن واقعه إلى محيط من البهلوانيات والإثارات المفتعلة. واستدعاء حبكات درامية لا علاقة لها بالواقع ومنفصلة عنه. حبكات تدور حول بيوت الثراء ومشاكلها. وأخرى تدور حول مغامرات الفتوة وعصابات الجريمة، وثالثة تستهدف الإضحاك والإضحاك وحده مما جعل المشاهد المصدوم يسترجع ذكرياته مع شوتر وزنبقة حين كانت الكوميديا وعاء رساليا يعالج هموم المجتمع في رمزية بسيطة. تحاكم الظواهر السياسية والاجتماعية الحاضرة في حياة الناس بأسلوب جميل وسهل.

ثمة تطور جميل وملحوظ في الإطار الفني لهذه المسلسلات تصويرا وموسيقى مصاحبة وإيجاد أجواء درامية أكثر إقناعا وأداء تمثيلي أصبح أكثر حرفية وضبط أكثر منطقية للأدوار. وهذه كلها تمثل ملمحا جيدا بدأ يتخلق في الدراما اليمنية. غير أن المفترض أن يسبق كل ذلك اختيار أفكار جيدة تقوم عليها هذه المسلسلات. أفكار يشعر معها المشاهد أن ثمة فن يحاوره. يعالج مشاكله. يفند واقعه اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. ويعمل على اتساع مساحة الوعي بالواقع المحيط. لأن وعي الفرد بواقعه وبالأزمات المتحكمة فيه هو أولى مراحل تغيير هذا الواقع. وأولى خطوات الخروج من أزماته المختلفة.

إن المتابع المتأمل في الأعمال الدرامية هذا العام يلحظ دون كثير عناء غياب النص الدرامي الهادف. وغياب الرؤية الفكرية التي هي قوام كل عمل فني وخاصة العمل الدرامي. والمستفز بالأمر أن هذا الغياب تقف وراءه أسباب تافهة منها استجرار تجارب درامية عرضت قبل عقود من الزمن  والقفز على واقعنا بتجلياته المريرة المختلفة.

إن مانعيشه اليوم من أزمات متلاحقة يأخذ بعضها بتلابيب بعض وإن واقعنا المتخم مرارة وحياتنا المشحونة بؤسا وعذابا.. كل ذلك كفيل بإيجاد عشرات الأفكار الجميلة لمعالجة هذا الواقع والكشف عن العوامل المتعددة التي أثخنته فقرا وفاقة. أما أن ننسى مأساة أكثر من ثلاثين مليون بائس من أجل عيون مدلل تافه يبحث في الدروب التائهة عن فتوته الغائبة فذلك هو التجهيل بذاته.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى