رمضان.. غلاء بمذاق خاص

رمضان.. غلاء بمذاق خاص

لحمران العيون من تجار البضائع المختلفة أن يحشدوا ما تجود به قرائحهم المبدعة من مبررات الغلاء المتواصل الذي يضرب الساحة اليمنية طولا وعرضا، وتصهل خيوله في كل المدن والقرى ويصل أواره إلى كل منزل وبيت. لكن ليس لهم الحق في جعل الشهر الفضيل رمضان أحد هذه المبررات خاصة وأنه شهر تتنزل فيه الرحمات ويستيقظ فيه الضمير الإنساني وتظهر فيه جلية قيم التراحم والتكافل بين أفراد المجتمع. فكيف له بعد ذلك أن يصبح مبررا بيد موتى الضمائر لرفع أسعار متطلبات هذا الزائر الجميل.

إن قطاعا عريضا من الشعب اليمني صار اليوم يستقبل الشهر الفضيل بخواطر مكسورة. وعيون زائغة. وقلوب وجلة. وعقول مذعورة تترقب التحديثات السعرية. لا على مدى الشهر والأسبوع. بل على مدار اليوم والساعة وبقائمة طويلة من المبررات أمرُّها وأقساها إطلاقا على مسمع المواطن الغلبان مبررٌ اسمه رمضان. لأن رمضان في وجدان الناس موسم خير وبركة. فكيف يجعله هؤلاء مبررا لسلخهم وذبحهم من الوريد إلى الوريد.

جولة سريعة في السوق تجعل المتابع يضرب كفا بكف. لأن ما كان بالأمس متاحا من كماليات رمضان أصبح الحصول عليه اليوم غاية دونها خرط القتاد. على الرغم من إغراق الأسواق بهذه الكماليات. بل وبأنواع رديئة منها. ما كان لها أن تصل إلى يد المستهلك لو أن الجهات المسئولة عن الجودة وحماية المستهلك حية وفاعلة وتؤدي دورها بأمانة ومسئولية. ولكنه التسيب واللامبالاة. وترك الحبل على الغارب في يد فئة من الناس أعطبوا ضمائرهم منذ زمن. وتحولوا إلى عدادات مخيفة. لا هم لها إلا الربح السريع. وليذهب بعدها المستهلك المسكين إلى الجحيم.

لقد تحولت المناسبات الدينية والاجتماعية إلى غصص سوداء يتجرعها القطاع الأكبر من الناس عوزا وحرمانا وغلاء فاحشا. خاصة وأن الغلاء لم يكتف بسلب هؤلاء البسطاء كماليات هذه المناسبات. ولكن يده الطولي وصلت إلى القوت الأساسي. وأصبح الحصول على لقمة العيش البسيطة مشقة كبيرة. استحوذت كلية على تفكير رب الأسرة وعقله ووجدانه.

وبوده أن ينسى كل المناسبات هذه وأن ينسى نفسه ومن يعول. وأنى له ذلك؟ وثمة من يرى فيه بصيص أمل في أن تبتسم الحياة به. ولو ليوم يتيم واحد. ولأنه كذلك فإنه مجبر على تجرع غصة رمضان. ومن بعدها غصص العيدين. لتصبح حياته سلسلة من الغصص حتى يحكم الله بينه وبين ظالميه.. وهو خير الحاكمين.

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى