النعامة كائن حذر !

النعامة كائن حذر !

 

   النعامة أسرع طائر يمشي على الأرض و لا يطير ..!! و إذا شئتَ قلتَ : النعامة أكسل جمل يرفض حمل أي شيئ، و له جناحان ..!!

 

   يقولون أن النعامة من رُعْبها و خوفها تدس راسها في الرمال بظن أن ذلك الفعل ينجيها من مصدر الرعب الذي أخافها. فضرب بها المثل لمن يفر و يهرب، إلى غير مهرب، من مواجهة ما يمثّل عليه خطرا.

 

   و هذا في الحقيقة افتراء على النعامة؛ لأنها لا تدس رأسها في التراب هروبا، و إنما تلصق رأسها في التراب حذرا ؛ لأنها من شدة فزعها؛ تكثر بين حين و آخر من وضع رأسها في التراب تَتَنَصّت عَلّ هناك خطرا يقترب منها، إذ أنها ترصد ذلك عبر الذبذبات التي يلتقطها سمعها حين وضع خدها على التراب لمشي القادم نحوها ، فتأخذ الحيطة و الحذر إذا ما سمعت شيئا يهددها.

   فالنعامة هنا مظلومة بهذا التشبيه الذي غدا حكاية و مثلا ينتقص منها ؛ و إن كان المشبه بها غير مظلوم.

 

   لكن النعامة في مثل آخر نجدها ليست مظلومة به، حين قال العرب عنها، متندِّرين عليها، و ساخرين منها، بعدما قيل لها في الحكاية: تعالي نحمل عليك حاجاتنا، قالت: لست جملا ! فلما قيل لها طيري إذن؛ قالت: لست طائرا !

 

  فصار يضرب بها مثلا لمن لا خير فيه و لا فائدة. و هذا المثل عليها، و ليس لها، و المشبه و المشبه به هنا ظالمين لنفسيهما، فمن لا خير فيه و لا نفع به، فهو ظالم لنفسه، و ظالم لمجتمعه و محيطه.

 

    يُضرب المثلُ بالنعامة حين التَّهكُّم بأحدهم فيوصف بأنه: مثل النعامة لا طير و لا جمل ! و خاصة عند الشدائد، حينها قد لا نجد نعامة ترصد الأخطار، و لا جملا يحمل الأثقال !

 

    فعندما يمر المرء بشدائد و محن، يتلفت بحثا عن قريب يسنده، أوصديق يعينه فلا يكون له حتى فعل النعامة التي تضع رأسها؛ لتترصد خبرا،أو ضررا ، و يحتاج حتى لمن  يدسون رؤوسهم في التراب، بدلا من أن يترك الظهر مكشوفا، أو معرضا للأخطار.

 

   و أما من لا يريد أن يكون طيرا و لا جملا، فإن عليه أن يُعِدَّ نفسه، و مجتمعه لأن يصبح أسدا أو نمرا، و من لم يكن كذلك - في زمن الذئاب،  و الأنذال، و الفيتو - أكلته الذئاب ! 

 

   على أن مسمى النعامة استعير لتسمى به فرس الحارث بن عباد الذي حسم بها معركة من معارك الجهل في الجاهلية الأولى، التي عُرفت بحرب البسوس، حين قال ابن عباد، و قد كان اجتنب و اعتزل تلك الحرب ؛ لكن مهلهلا، شقيق كليب قتل ابنه، فقال، ابن عباد إن يكن قتل ولدي سيؤدي إلى إنهاء الحرب، فليكن ذلك، و لا ثأر عندي، فقال مهلهل- بنفسية حوثية - إنه لا يساوي شسع نعل كليب ! حينها استفزت هذه العبارة ابن عباد الذي كان فارسا مشهورا، قد تقدمت به السنون، فأعلنها حربا، عبر قصيدة أنشأها، يطلب من أهل بيته ان يهيؤوا له فرسه التي تسمى:النعامة للنزال، و مما جاء فيها:

 

        قَرِّبوا مربط النعـــامة مني

       ليس قولي يُراد لكن فعالي

 

      لم أكن من جُناتها علم الله

     و إني لحَــرِّها اليوم صـَـالِ

 

      قد تَجنّبت وائلا كي يفيقوا

     فأبت تغلـــــب علَيَّ اعتزالي

 

   فهناك مواقف لا خيار  فيها إلا أن يُقرّب كل فــارس فرسـه ، و يُنادَى في الجموع: يا خيل الله اركبي.

 

 

القائمة البريدية

أشترك معنا في القائمة البريدية لتصلك كل الاخبار التي تنشرها الصحوة نت

تواصل معنا

الجمهورية اليمنية

info@alsahwa-yemen.net

الصحوة نت © 2023 م

الى الأعلى