قال الدكتور متعب بازياد، نائب مدير مكتب رئيس الوزراء، إن للحضارم جهوداً ضاربة في جذر التاريخ لتوحيد كلمتهم إبان سلطنتي القعيطي والكثيري، قبل الاستقلال والتي تجلت لاحقا في مؤتمر الحوار من خلال تقديم وثيقة حضرموت، وتبني شكل الدولة الاتحادية والأقاليم المستقلة.
وأكد بازياد في حوار خاص مع "الصحوة نت"، أن تعدد المكونات الحضرمية ومسمياتها، "لا تخرج في أهدافها عن مسار وسياق وثيقة التوافق الحضرمي -الرؤية والمسار-.." مشيرا إلى أن المجلس الموحد للمحافظات الشرقية جاء بنفس المضامين، إلا أنه أوسع من جغرافيا المحافظة.
وأوضح بازياد وهو قيادي في الإصلاح، أن القوى السياسية والمجالس والمكونات الحضرمية تقف على نفس المستوى الوطني والقومي خاصة في مواجهة الانقلاب ومساندة الحكومة الشرعية، مشيرا إلى مشاركة ممثلين من الأحزاب في المكونات الحضرمية المختلفة.
وأوضح الدكتور أن تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية من قبل الولايات المتحدة جاء تعبيرا عن استياء غربي من سلوك الجماعة إزاء الملاحة الدولية، وهو تصنيف مؤقت، ولم يكن في إطار رفض سلوك الجماعة وأعمالها الإرهابية في اليمن.
وأشار بازياد إلى أن قبول الدكتور أحمد بن مبارك لرئاسة الحكومة "يظهر عزماً وإصرارا لمواجهة التحديات" التي تقف أمامها، مشددا على مسؤولية كل القوى الوطنية عن الإفراج عن الأستاذ محمد قحطان، وكل المختطفين والمخفيين الذين تقدمهم المليشيا لمحاكمات صورية.
وفيما يلي نص الحوار الصحفي الذي أجراه محرر الصحوة نت مع الدكتور بازياد:
بداية ما رأيك في مجلس حضرموت الوطني الذي خرج للساحة مؤخرا؟
للحضارم جهود كبيرة وممتدة لتوحيد كلمتهم وصوتهم أو موقفهم السياسي على وجه التحديد مذ كانت تتقاسم أراضي محافظة حضرموت سلطنتين -القعيطي والكثيري -قبيل الاستقلال الوطني عن بريطانيا، مؤتمري الشحر وسنغافورة 1927 و1928م مثالا، ومع بداية الأزمة اليمنية الأخيرة في العقد الماضي كانت وثيقة حضرموت (الرؤية والمسار) يونيو 2011م قد شكلت توافقاً حضرمياً عريضاً حول مفهوم الشراكة السياسية ومستقبل حضرموت في الدولة اليمنية بالمفهوم الأوسع لمبدأ التفويض الشعبي في إدارة الدولة من خلال تبني شكل الدولة الاتحادية والأقاليم المستقلة عن هيمنة وسطوة وتدخلات المركز في الشؤون الإقليمية والمحلية. بعد ذلك برزت مكونات اجتماعية بمطالب سياسية واقتصادية، ومجلس حضرموت الوطني جاء في هذا السياق، وإن كان يشكل إطارا أوسع من حيث التمثيل السياسي والاجتماعي، فكل المكونات السابقة لقيامه قد ساهمت في تشكيل المجلس الوطني، وجاءت رؤيته السياسية شاملة لكل مطالب الحضارم من قبل. ويعقد الحضارم على المجلس آمالاً عريضة في توحيد صوتهم خلف مطالبهم المشروعة.
مجلس حضرموت، حلف القبائل، مؤتمر حضرموت الجامع، مجلس المحافظات الشرقية، إلى آخرها من المكونات المتعددة، هل تعدد المجالس والمكونات الحضرمية ظاهرة إيجابية تخدم المحافظة وتطلعات أبنائها؟
كما أسلفت لكم هذه المكونات والتشكيلات الاجتماعية والسياسية، وأن تعددت عناوينها ومسمياتها، إلا أنها لا تخرج في أهدافها عن مسار وسياق وثيقة التوافق الحضرمي -الرؤية والمسار- حيث ترى في منظومة الحكم وشكل الدولة القائم-الدولة المركزية البسيطة- عائقا كبيرا أمام التنمية والازدهار، وقبل ذلك عدم تحقيق عدالة توزيع الموارد والشراكة الحقيقية في السلطة والقرار، وحضرموت باتساع الجغرافيا والدور الحضاري عبر التاريخ إلى جانب اكتنازها لموارد وثروات كبيرة قد ظُلمت كثيرا وآن لها أن تُنصف من أبنائها وشركائها في الوطن على حد سوا.
أما ما يتعلق بالمجلس الموحد للمحافظات الشرقية، فقد جاء بنفس المضامين -فيدرالية الأقاليم -التي تنادي بها مكونات حضرموت، لكن على نطاق جغرافي أوسع من جغرافية حضرموت المحافظة. ولوعدنا قليلا للوراء نجد أن ممثلي المحافظات الأربع-حضرموت والمهرة وسقطرى وشبوة- في مؤتمر الحوار الشامل صنعاء 2013م قد توافقوا على رؤية مشتركة لمستقبل الدولة في اليمن بحيث تكون هذه المحافظات الأربع إقليما فيدراليا في الاتحاد الجديد. وقد انتهى اليمنيون جميعا إلى هذه الصيغة -الاتحادية- في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني التي حظيت بتأييد ورعاية من الإقليم والمجتمع الدولي. والمجلس الموحد يسير في هذا الاتجاه الوطني العام، ويجتذب لرؤيته على مستوى الإقليم معظم رجال الدولة ورجال الأعمال والزعامات القبلية والمنظمات المدنية كما راءيتم ذلك في مذكرة استحقاقات أبناء المحافظات الشرقية الموقعة يوم 6 يناير الماضي.
كل هذه المكونات تخدم رؤية جامعة عند الحضارم وحتى عند جيرانهم في المحافظات الشرقية، بل وتعزز من تماسك الجبهة الوطنية المناهضة للانقلاب الحوثي من خلال تذكير اليمنيين جميعا بمشروع الدولة الاتحادية المتوافق عليه للخروج من الأزمة الحالية.
أين تقف الأحزاب السياسية من المكونات الجديدة على الساحة والمجالس الوطنية في المحافظات؟ وأين يقف الإصلاح على وجه التحديد من مجلس حضرموت الوطني وحلف القبائل ومؤتمر حضرموت الجامع؟
على المستوى الوطني أو القومي ينظر إلى هذه المكونات على نحو إيجابي من حيث إنها تقف إلى جانب القوى السياسية اليمنية في مواجهة الانقلاب ومساندة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا. وقد تم إشراك بعضها-مؤتمر حضرموت الجامع ومرجعية حلف حضرموت- في مشاورات تشكيل الحكومة الحالية. وعلى المستوى المحلي في حضرموت كل الأحزاب السياسية -الإصلاح وغيره- منخرطة في أطر كل هذه المكونات وهيئاتها القيادية.
تغيير رئيس الحكومة في ظل أزمة اقتصادية وانهيار للعملة واستحقاقات السلام، واحتياجات آنية كهرباء وغيرها خاصة مع قدوم فصل الصيف... هل تعتقد أن هناك فرصة لإحراز تقدم في هذه الملفات بقيادة الدكتور بن مبارك؟
دولة الدكتور بن مبارك ليس بعيدا عن الأوضاع العامة التي أشرت إليها في سؤالك، وقبوله رئاسة الحكومة في هذا الظرف يظهر عزم وإصرار لمواجهة هذه التحديات التي تقف أمام الحكومة من تراكمات أنتجتها ظروف الحرب وسطوة الانقلاب الحوثي على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، ولدولة الدكتور بن مبارك تجربة ناجحة في إدارة الحوار اليمني-اليمني والوصول لتوافقات سياسية كبيرة في مؤتمر الحوار الوطني الشامل ومسودة الدستور الاتحادي، وهذه ميزة أخرى تشكل عنصر نجاح لعملية إحلال السلام مستقبلا.
كيف تنظرون إلى تصنيف جماعة الحوثي جماعة إرهابية؟
اليمنيون يعانون يوميا من سلوك هذه المليشيات الانقلابية قتلا وتخريبا وتدميرا، وعلى المستوى الاجتماعي تزرع هذه المليشيا ألغاما كثيرة في طريق السلم المجتمعي والأهلي من خلال زرع بذور تقسيم المجتمع اليمني على أساس عنصري في مناهج التعليم ومراكز ومنصات الإعلام والثقافة التي يسيطرون عليها. وبالتالي يواجه اليمنيون هذه المليشيا -من عقدين ويزيد-كجماعة إرهابية انقلبت على كل قيم التعايش والسلام ومبادئ العدالة والمساواة التي جاءت بها ثورتا سبتمبر وأكتوبر ونضال الثوار الأحرار في سبيل الانعتاق من استبداد الحكم الإمامي والهيمنة الاستعمارية. هذه المليشيات تعيد اليمنيين لتلك الحقبة من الاستبداد والاستعمار بنسخة أكثر قتامة.
تصنيف الولايات المتحدة لجماعة الحوثي كجماعة إرهابية جاء في سياق مختلف، من حيث الأسباب، ومن حيث النتائج، التصنيف يعبر عن استياء غربي من سلوك الجماعة تجاه الملاحة في البحر الأحمر -بغض النظر عن ادعاءات الحوثي ودعايته- وهو تصنيف (أمني) مؤقت ومرتبط بقيام هذه الحالة-تهديد الملاحة الدولية-من عدمها. ولم يكن في إطار رفض (كل) سلوك الجماعة وأعمالها الإرهابية في اليمن وتهديدها للجوار الإقليمي والسلم في المنطقة، اليمنيون يقفون مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني على مدى عمر الصراع العربي الصهيوني ومواقفهم مشهودة حكومة وشعبا قبل الانقلاب الحوثي وبعده، وهم يفعلون ذلك بطرق ووسائل مختلفة.
لذلك سيبقى الشعب اليمني وحكومته مع الشعب الفلسطيني ضد العدوان الصهيوني رغما عن دعاية الحوثي وادعاءاته، وستضل جماعة الحوثي جماعة إرهابية في نظر الشعب اليمني بغض النظر عن تصنيفها دوليا أو عدمه. ما لم تتغير سلوكها تجاه اليمنيين، وتوقف عدوانها وتحترم إرادة الشعب، وتلتزم لمبادي ثورته وقيم جمهوريته.
رغم المطالبات المستمرة بالإفراج عن الأستاذ محمد قحطان من سجون مليشيا الحوثي، إلا أنها لم تحرك ساكناً، لماذا تصر مليشيا الحوثي على إخفاء قحطان؟
الأستاذ محمد قحطان أصبح زعيما في نظر اليمنيين وأيقونة نضالهم في مواجهة عنصرية جماعة الحوثي، والجماعة تنظر إليه من هذا المنظور، وترى في إطلاق صراحة انتصارا كبيرا للمبادئ والقيم التي تحاول الجماعة قتلها في نفوس اليمنيين.
قحطان رمز النضال السلمي، المعادل للإرهاب الفكري والعنف المادي الذي يحمي الفكر العنصري. وأعتقد أنه يجب على كل القوى السياسية أن تستوعب هذه المفهوم للنضال السلمي الذي رسمه الزعيمان الكبيران قحطان وجار الله عمر. وقحطان يمثل رمزية هذا النضال السلمي الذي نتمسك به كيمنيين لحل خلافنا السياسي. ومهمة الإفراج عنه تقع على عاتق المجموع الوطني، وليس محصورة في حزب قحطان أو فئة معينة من اليمنيين. بل السعي للإفراج عن كل المخطوفين الذين يقدمهم الحوثي كل يوم لمحاكم صورية ليبرر تغييبهم.